الكاتب : حسين البهام
في فوضى الانهيار الشامل الذي ابتلع اليمن، برز الشيخ أحمد صالح العيسي كاستثناء نادر، رجل دولة حقيقي في زمن الخيانة المتفشية. لم يكن العيسي تاجر أزمات، بل كان منذ بداية الحرب العمود الفقري للجمهورية، يقدم دعمًا ماليًا ولوجستيًا غير مشروط للشرعية في أماكن تواجدها على الأرض، لتصبح أملاكه عرضة للاستهداف من قبل الحوثي.
منذ سيطرة الحوثيين على صنعاء والحديدة، كان العيسي في طليعة المستهدفين اقتصاديًا، بخسائر تجاوزت مليار دولار نتيجة الاستيلاء الممنهج على أصول منشآته الخاصة، كـ"رأس عيسى" التي حولها الحوثي إلى مصدر تمويل للميليشيا الخاصة به، مما عرضها للقصف الأمريكي لتصبح في خبر كان. كل هذا كان بالنسبة للعيسي تضحية وطنية.
الصدمة الأكبر التي لم يتوقعها العيسي جاءت من حلفائه في حكومة الشرعية، بكل مستوياتها العليا والدنيا، حيث سعى الجميع لتحجيم نفوذه الاقتصادي والسياسي. تحول بعض المسؤولين مع الأسف الشديد إلى أدوات تحركها قوى خارجية لإقصاء العيسي من سوق المشتقات النفطية عبر احتكار الصفقات لمجموعات موالية، تحت شعار "الإصلاح المؤسسي". سياسة الضغط وتجميد المستحقات استمرت، مستهدفة نفوذه في مؤسسات الدولة، دون أي تحرك جاد لتصحيح هذه الاختلالات، رغم مديونية الحكومة لشركاته بمئات الملايين من الدولارات.
ومن الناحية الاخرى بمنظور جنوبي شمالي، مارست قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي حربًا اقتصادية على العيسي، مسيطرة على وزارة النقل ومقصية نفوذه من الموانئ، رغم كونه أحد أبرز أبناء الجنوب الداعمين للجمهورية.
الأغرب من ذلك كان صمت التحالف العربي، الذي تجاهل إنصافه أو تسوية مستحقاته رغم علاقته الوثيقة به سابقًا. بل على العكس، فُتح المجال لتجار ومجموعات جديدة لتحل محله، بتوجيهات خارجية تهدف لتقويض أي نفوذ مستقل في اليمن.
العيسي، الذي يشبه الشهيد علي عبدالله صالح في موقفه الوطني ودعمه للوحدة، لا تزال ديونه المستحقة على الحكومة تقدر بمئات الملايين من الدولارات. إنه رجل الدولة الذي خانته دولته، طعنته الميليشيا، تجاهله التحالف، وحاربه الحلفاء، لأنه ببساطة لم يكن جزءًا من مشروع تصفية اليمن لحساب أجندات ضيقة.
رغم كل هذه العواصف، بقي العيسي شامخًا متمسكًا بقيمه ومبادئه الوطنية، غابضا" عليها كقابض الجمر بيديه لم يتألم ولم ينحني ولن ينحني لأحد. سينتصر العيسي لوطنيته وسيهزم الجمع. متى سيتوقف هذا التواطؤ ضد رموز الوطنية الحقيقية؟
اضف تعليقك على المقال