يمن اتحادي هو منصة إخبارية رقمية رائدة تسعى لتقديم تغطية شاملة وعميقة للأحداث الجارية في اليمن، مع التركيز على تقديم صورة واضحة وموضوعية للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد

البطاط اليمني.. سر البقاء في زمن القحط.. الثروة الخفية التي تغذّي ملايين اليمنيين.

السبت 08/نوفمبر/2025 - الساعة: 12:46 ص
البطاط اليمني.. سر البقاء في زمن القحط.. الثروة الخفية التي تغذّي ملايين اليمنيين.

 البطاط.. ذهب اليمنيين الجديد :

  تقرير: أبو العز الدباء

في قلب الأزمات والحروب، صارت حبة البطاط قصة صمود اليمنيين اليومية.. من الحقول إلى المائدة، ومن عربات الباعة إلى المنازل، أصبح هذا المحصول الغذائي السحري المنقذ الأول للأسر، حاضراً في كل وجبة، ورفيقاً لا غِنى عنه في مواجهة المجاعة والجوع المتكرر..

★ بين الأزمات والموائد اليومية

من رحم الأزمات يولد الأمل أحياناً، ومن باطن الأرض خرجت حبة صغيرة أصبحت اليوم منقذ اليمنيين من الجوع.. في زمنٍ ضاقت فيه السبل واشتدت فيه الأزمات، تحوَّل محصول البطاط إلى بطلٍ صامتٍ في حياة اليمنيين، يملأ بطونهم ويُسكّن جوعهم ويزرع فيهم شيئاً من الصمود..

في بلدٍ أنهكته الحرب وتراجع فيه الإنتاج الغذائي، صارت البطاط أكثر من مجرد نباتٍ زراعي، بل رمزاً للبقاء، وصديقاً يومياً في كل بيتٍ يمني..

★ من الأرض إلى المائدة اليمنية

في الاراضي الخصبة من تهامة ومأرب وصعده، ومن ذمار وإب وصنعاء وتعز ولحج وأبين، تمتد مساحات خضراء تغطيها نبتة البطاط، لتشكل شرياناً غذائياً أساسياً في بلدٍ يواجه تحديات الجوع والفقر..

يعتمد آلاف المزارعين اليوم على زراعة البطاط بوصفه محصولاً سهل النمو وقليل التكاليف، ويمكن حصاده أكثر من مرة في السنة، مما يجعله خياراً منطقياً في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة..

يقول أحد المزارعين في إب: "لم نعد نزرع البطاط من أجل الربح فقط، بل لأنه بات قوتنا اليومي الذي نحيا به" — عبارة تختصر عمق العلاقة بين اليمني وهذه الثمرة الترابية التي غدت كنزاً وطنياً باليمن..

★ البطاط.. وجبة الفقراء والأغنياء معاً

لا يكاد يخلو منزل يمني اليوم من البطاط، فقد أصبحت جزءاً من المائدة اليومية في الإفطار والغداء والعشاء على حد سواء..
تدخل البطاط في عشرات الوصفات اليمنية: من "بطاط مقلي - شبس" و "بطاط مسلوق" بسيط يتقاسمه الفقراء، إلى "كبسة البطاط" وطبيخ البطاط في ولائم الأسر، وحتى "شطائر البطاط الحارة" التي تُباع على الأرصفة مع البيض أو الجبن.. الخ..

في شوارع صنعاء وعدن وتعز وغيرها من المدن اليمنية، تنتشر عربات الباعة المتجولين، تفوح منها رائحة البطاط المسلوقة والمقلية المقرمشة، تغري المارة وتختصر قصة الصمود الشعبي.. إن مشهد الأطفال حول تلك العربات وهم يتناولون أطباق البطاط الساخنة صار جزءاً من الحياة اليومية اليمنية، كأنه طقسٌ جماعيٌّ لمقاومة الجوع بالأمل..

★ البطاط ينقذ اليمن من المجاعة

عندما ارتفعت الأسعار بشكل جنوني، كان البطاط المنقذ الذي سدّ فجوة الجوع في كثير من البيوت..
في مناطق ريفية كثيرة، صار الناس يعتمدون عليه كمصدرٍ رئيسي للطاقة والكربوهيدرات، خصوصاً أنه يُزرع محلياً ولا يحتاج إلى استيراد أو مصانع معقَّدة..
ولأن البطاط غنيٌّ بالفيتامينات والمعادن وسهل الطهو، فقد لعب دوراً أساسياً في تقليل الاعتماد على المواد المستورَدة التي أرهقت كاهل الأسر اليمنية..

بحسب تقارير زراعية محلية، فإن إنتاج البطاط في اليمن شهد ارتفاعاً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة، رغم التحدّيات، مما جعله المحصول الزراعي الأكثر استهلاكاً محلياً بعد القمح..

★ اقتصاد منزلي قائم على البطاط

لم يعد البطاط مجرد غذاء، بل أصبح اقتصاداً صغيراً في حد ذاته.. ففي الأحياء الشعبية، يعمل كثيرٌ من الرجال وبعض النساء على إعداد وجبات البطاط وبيعها أمام المدارس أو في الأسواق، لتأمين مصدر رزق كريم لهم لأسرهم.. 

وبينما تواصل أسعار السلع الأخرى ارتفاعها، يظل البطاط الخيار الأرخص والأكثر وفرةً، حتى أصبح البعض يصفه بـ"العملة الغذائية" لليمنيين..

البطاط في اليمن لم تعد مجرد محصول، بل إنها أصبحت حكاية جميلة أبطالها: من بائعٍ متجولٍ يدفع عربة البطاط، إلى أمٍّ تصنع منها الغداء لأطفالها، إلى مزارعٍ يسقي أعشاب البطاط في الحقول.. الجميع باتوا شركاء في قصة بطاطٍ يمنيةٍ صنعت الفارق بين الجوع والحياة..

★ البطاط.. معجزة البقاء اليمنية

في بلدٍ يتقاسم أوجاع الحرب والغلاء، استطاعت حبة بطاط أن تصنع معجزة صغيرة في حياة ملايين اليمنيين.. هي ليست مجرد طعامٍ يملأ البطن، بل رمزاً لقدرة هذا الشعب على تحويل أبسط الأشياء إلى وسيلةٍ للبقاء..

لكن.. هل فكرنا يوماً كيف يمكن لحبة بطاط أن تُلخّص حكاية وطن؟..
أليست مفارقةً مدهشة أن يصبح أكثر ما ينقذ اليمنيين من الجوع اليوم، هو أبسط ما تُنبته أرضهم الطيبة؟!..
"بلدة طيبة ورب غفور"

#اليمن

اضف تعليقك على الخبر