يمن اتحادي هو منصة إخبارية رقمية رائدة تسعى لتقديم تغطية شاملة وعميقة للأحداث الجارية في اليمن، مع التركيز على تقديم صورة واضحة وموضوعية للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد

أنا إنسان لكني قاتل

شعيب الاحمدي


  
الكاتب  : شعيب الأحمدي 

"أنا إنسان، انحط في موقف قاتل، واختار الحياة بدل الموت وقدر الله نافد لا محاله".  جمال. اعتراف المشاعر والتسليم في الحلقة الأخيرة من رواية حياة لم تكتمل يهز الجبال، يحمل أقسى الأوصاف. قاتل، كلمة قصيرة مرعبة. وهذه النهاية الحتمية لكل من أختار السلاح طريقًا لرسم خارطة حياته المتمردة!. 
في لحظة الغضب، يتحول الإنسان إلى ذئب مفترس، يفقد كل الحواس إلا رغبته المتعطشة للدماء. تصبح أنيابه حادة، وجسده يقوى للعراك حتى يسقط فريسته قتيلة. وروحه تشتاق لتذوق لحم أخيه.
 كذلك الخوف، يسيطر على النفس في ساعة يعميها الغضب، وبطبيعته الشرسة، يرفض الإنسان الاعتراف بضعفه لتجاوز المشكلة، فيستسلم لنزواته المتمردة، وتنتصر غرائزه الشريرة الآنية. وبعد المعركة، وحده الشيطان يصفق لنهاية مغموسة بالدم، محملة لروح، قد يتفاخر وربما يندم إن عاد الضمير.
لقد استرخصت الحرب أرواح الشباب، حتى أصبحت الأجساد اليمنية النحيلة تُباع بأثمان بخسة. والقتل أصبح دستورًا وقانون يفصل به في كل نزاع وجودي أو دنيء، بين الأخ وأخيه والأب وأبنه. 
لذلك، أصبح شروع القتل، سائدًا في بلاد اللا قانون، وسجون مزدحمة بالأبرياء السذج تفوق قدره حماقتهم على حمل السلاح: "عندما حسّيت أن نهايتي قربت، وما كان عندي غير لحظة أقرر فيها أني أعيش، أو أنتهي، قررت أعيش، بس الثمن كان غالي جدًا". 
كانت لدى، جمال الأبيض، شاب من تعز، في ريعانشبابه، لم يرَ من حياته غير فترة المراهقة، ارتكب جريمة قتل في ساعة خلاف، أو ربما كما يريد  أن يخبرنا في لحظة خوف. قبل نحو ثلاثة أعوام.
 كانت له نية صالحة للحياة بعيدة عن هذه التي تطوق على حُنجرته ويعيشها بقلق، وهو ينتظر تنفيذ حكم الإعدام، الصادر بحقه من محكمة المدينة. يذكر في منشوره، المتحسر التائب، بعد فوات الأوان، أو ربما قبله، إن صحا ضمير ذوي الضحايا: "أنا فقدت روحي من يوم فقدناهم". 
ما أصعب هذه الساعات المتبقية من العُمر، حين يقترب الموت ويحدد له التاريخ ة الساعة والدقيقة والثانية، هي أصعب أوقات الحياة، شعور يستنزف الروح، ويذهب العقل، لم تكن الجدران أقسى شيء: "القسوة الحقيقية كانت في قلبي، في ذاكرتي، في اللي حصل، وفي اللي أنا عايش فيه كل يوم".
تلك الحياة، التي رسمت حدودها رصاصة طائشة، اختراقتها رصاصة أكثر دقة، وربما أكثر عدلًا في النهاية.

اضف تعليقك على المقال