الكاتب : د. أكرم توفيق القُدمي
تعمَقت حالة الانقسام العسكري والأمني في اليمن بفِعل دوافع متعددةٍ فرضتها الصراعات العسكرية والسياسية والتدخلات الخارجية والنزعة الطائفية وضَعف مؤسسات الدولة وتَعُدد الولاءَات داخل مؤسسات الجيش والأمن ، إضافةً للمشاريع المناطقية وتبايُن المصالح بين القوى التقليدية ومناصريها و وَفرة السلاح وتعُدد المشاريع الهَدَّامة التي جعلت من تدهور الأوضاع الاقتصادية واتساع رًقعة الفقر منصةً للتعبئةِ والتجنيد والتحشيد وتكوين الجماعات والتًّكتُلات المسلحة .
عوامل متعددة أسْهمت في إِضعاف البُنيةِ المؤسسية للقوات المسلحة والأمن ، مِما أبطأ في التعجيل بعملية الدمج والهيكلة .
إن صدور قرار مجلس القيادة الرئاسي بتاريخ الـ 30 مايو للعام 2022 والذي قضى بتشكيل اللجنة العسكرية والأمنية المشتركة لإعادة هيكلة قوات الجيش و الأمن ، من خلال دمج كافة وحدات القوات المسلحة والشرطة يُعد الخطوة الأهم في مسار تحقيق الاستقرار وإعادة بناء الدولة في اليمن
جاء ذلك رغبةً في وضعِ حدٍ لحالة التشظي الكبير الذي تعيشُهُ اليمن سعياً في تعزيز الوحدة الوطنية من خلال بناء مؤسسةٍ عسكريةٍ و أمنيةٍ موحدة تُعَبِّر عن جميع اليمنيين دون استثناءٍ وتُعيد هيبة الدولة وسيطرتها على جميع مناطق البلاد.
إن إعادة هيكلة الجيش تحت قيادةٍ مركزية سيُعزز من قدرة الحكومة الشرعية على فرض النظام والقانون ومواجهة كافة المخاطر والقضاء على الانقلاب الإرهابي المسلح الذي تقوده جماعة الحوثي وصولاً لاستعادة الدولة .
إن الالتزام بجدية وصرامة في استكمال إنفاذ مشروع هيكلة القوات المسلحة والأمن من شأنهِ الدفع باليمن نحو تحقيق السلام العادل والشامل .
وبعيداً عن حالة التنافس السياسي والمُمانعة ، ترى بعض الأطراف أن الدمج قد يُشكل تهديدًا لمصالحها أو نفوذها على الأرض ، فيما تتحرك أقطاب أخرى بإيعازٍ خارجي لعرقلة و إفشال مهام هذه اللجان ؛ الأمر الذي أضفى تعقيداً على استكمال مشروع الهيكلة .
إن ضمان استمرارية العمل على إنجاز هذا الاستحقاق باعتبارهِ التحدي الأبرز و بإشراكِ كافة القيادات المُخلصة لهو الانتصار الأكبر لمجلس القيادة الرئاسي ، بل الترجمة العملية لتصحيح المسار في خارطةٍ للإصلاحات الشُمولية .
إن وحدة الانتماء والعقيدة عملية بناء منهجية في إطار مشترك تُسهم في خلقِ الثقة وتعزيزها ، ولن يكون ذلك إلا بضمان تعيين قيادات انتماؤها لليمنِ فقط
قياداتٌ ذات كفاءةٍ عالية وقُبولٍ واسعٍ بعيدًا عن المُحَاصصةِ والمحسوبية ، بتجردٍ مطلقٍ خارجٍ عن الانتماءات الضيقة المُجرَّمة قانوناً .
إن التركيز على بناء العقيدة الوطنية للمقاتلين سيُسهم في ضبط الانتماء للدولة بما يخدم المصالح الوطنية العُليا ويُحِيدها عن الولاءَات الضيقة ، وذلك من خلال إعادة التأهيل وتنظيم البرامج التدريبية المتخصصة والمكثفة وبناء الكفاءة المهنية للقوات المسلحة والأمن.
إن إنجاحَ مهام هذه اللجنة وإن تأخرت سينصب في صالح اليمنيين جملة وتفصيلا وفي رفعة وطنهم ونهضته ، ولن يكتمل ذلك إلا بمزيدٍ من التنازلات والتفهمات إعلاءً للمصلحة الوطنية العُليا لليمن .
اضف تعليقك على المقال