الكاتب : عبدالسلام الدباء *
عندما تذكر غزة، فإنك تتحدث عن قصة كفاح لا مثيل لها، حيث تُسطّر المدينة المحاصرة أعظم صفحات الصمود والنضال في وجه الاحتلال الإسرائيلي على مدى عام وثلاثة أشهر من التصعيد المستمر.. تحدَّت غزة كافة التوقعات، متمسكةً بحقوقها وسيادتها، ورافضةً الرضوخ للضغوط والمساومات..
في لحظة تاريخية، اعتقد بنيامين نتنياهو أن هذه المدينة الصغيرة المحاصرة ستنهار تحت وطأة القصف والدمار، إلا أن غزة أثبتت العكس تماماً، هذه المدينة كانت وما زالت شوكة في حلق الاحتلال، تقاوم بكل ما أُوتيت من قوة، مسجلةً خسائر فادحة في صفوف العدو، وداعيةً العالم إلى أن يلتفت إلى عدالة قضيتها..
غزة، التي تُوصف بأنها أكبر سجن مفتوح في العالم، قدَّمت للعالم نموذجاً فريداً في المقاومة، وصنعت الصمود الذي أذهل العالم، لم يكن صمودها مجرد دفاع عن حقها، بل رسالة واضحة بأن إرادة الشعوب لا يمكن كسرها، ولم تكن غزة وحدها في هذه المعركة، فقد برز دور الشعوب العربية والإسلامية، وكذلك الدور الشعبي الذي قدمه كل أحرار العالم ليصنعوا منه رأياً عاماً دولياً ساهم في الضغط من أجل إنجاز صفقة وقف إطلاق النار بشروط غزة، ولتؤكد غزة على حقها في الدفاع عن نفسها وتحقيق العدالة لأهلها..
رغم الثمن الباهظ الذي دفعته غزة من شهداء ودمار، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي دفع أثماناً مضاعفة أيضاً.. فالتكلفة العسكرية والبشرية والسياسية لدولة الاحتلال كانت هائلة، وأسفرت عن هزّ صورة نتنياهو ودولته المارقة داخلياً ودولياً.. وفي الوقت الذي كانت غزة فيه تُسطّر أروع البطولات، كان الاحتلال يواجه انتقادات دولية ومطالبات بمحاسبة قياداته كمجرمي حرب..
ما حدث في غزة ليس مجرد معركة عسكرية، بل إنه درس عالمي بأن الظلم لا يدوم، وأن الحق أقوى من الباطل مهما طال أمد الصراع.. غزة لم تدافع عن نفسها فقط، بل حملت راية الحرية لكل الشعوب العربية والإسلامية ولكل الشعوب المظلومة حول العالم، ولقد أصبحت غزة مُلهمةً الجميع بأن الكرامة لا تُشترى ولا تُباع، وأن التضحيات مهما كانت عظيمة فإنها هي الثمن الطبيعي للحرية..
واليوم ها هي تخرج غزة من هذه المواجهة أقوى وأكثر إصراراً على تحقيق أهدافها.. إنها المدينة التي لا تُهزم، والتي تُعلّم الأجيال أن المقاومة هي السبيل الوحيد لاستعادة الحقوق، وستظل غزة رمزاً عالمياً للصمود والبسالة، وستبقى حاضرةً في ذاكرة الإنسانية كمدينة تصنع التاريخ وترسم طريق الحرية بدماء أبنائها..
وختاماً.. نقول السلام لغزة ولأهلها، والنصر لكل الشعوب التي تناضل من أجل حريتها وكرامتها، وإن غزة ليست مجرد مدينة، بل إنها فكرة وأمل، وهي الحقيقة التي لا يمكن طمسها، والعدالة التي لا بُد أن تنتصر.
___
* مستشار وزارة الشباب والرياضة اليمنية
اضف تعليقك على المقال