يمن اتحادي هو منصة إخبارية رقمية رائدة تسعى لتقديم تغطية شاملة وعميقة للأحداث الجارية في اليمن، مع التركيز على تقديم صورة واضحة وموضوعية للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد

الطعام، هل بات أولاً.. قبل الوطن والحرية؟!

عبدالسلام الدباء

 

الكاتب : عبدالسلام الدباء*

في خضم الجدل حول ما هو أثمن: الوطن أم الحرية، يبرز على السطح سؤال أعمق وأكثر إلحاحا، وهو: أين موقع الطعام من هذه المعادلة؟ والحقيقة التي لا تقبل الجدل هي أن تأمين الطعام في الواقع الراهن اليوم، قد اصبح من أبرز الأولويات التي تحتل المقدمة في الاهتمام والعمل في الحياة اليومية، فبدون الطعام تنهار كل القيم، ويصبح الوطن والحرية مفاهيم لا معنى لها..

الطعام ليس مجرد وسيلة للبقاء؛ إنه الضمان الأساسي لاستمرارية الحياة والكرامة، فعندما يجوع الإنسان، تتلاشى قدرته على التفكير والعمل والإبداع، ومن هنا فإن الجوع ليس مجرد حالة طارئة؛ بل إنه قد أصبح اليوم قيداً يسلب الحرية، حتى أنه قد بات اليوم في مرتبة أولى تجعل من الوطن والحرية أقل أهمية أمام غريزة البقاء..

إن أولوية تأمين الطعام، وعلى وجه الخصوص في اليمن، قد أصبحت اليوم بمثابة المعضلة الواضحة والمؤلمة، بعد ان أصبح الحصول على لقمة العيش تحديًا يومياً للكثير من الناس، وبعد ان بات الجوع يطرق العديد من أبواب البيوت، مخلفًا وراءه آلاماً لا حصر لها، وفي ظل هذه الظروف، قد يتساءل الكثيرون: كيف يمكن للوطن أن يحيا إذا كان أبناؤه يموتون جوعا؟ وكيف يمكن للحرية أن تُمارَس في ظل غياب الطعام؟

إن المعادلة التي يجب أن ندركها هي أن الطعام هو الأساس الذي يسبق كل شيء، وإنه العامل الذي يتيح للإنسان اساس الحياة، والتي من خلالها يمكنه أن يحافظ على حريته ويذود عن وطنه، فبدون الطعام لايمكن للإنسان البقاء على قيد الحياة، وبدون الحياة لايمكن بأي شكل الحديث عن أي قيمة أخرى مثل الوطن أو الحرية.. وهذا هو الواقع الذي يعيشه اليمنيون اليوم، وخصوصا في ظل انقطاع المرتبات، والتي كانت تكفل توفير الطعام لشريحة واسعة من المجتمع اليمني، باعتبار أن الطعام يعد مطلبًا وجوديًا وليس وسيلة للرفاهية..

وانطلاقاً من هذه الاهمية البالغة التي تتمثل في توفير وتأمين الحصول على الطعام اللازم لاستمرار الحياة، فإن صرف المرتبات اللازمة لتأمين القوت اليومي الضروري لحياة الناس يجب أن يحتل الأولوية الأولى قبل اي شيء آخر، لأن الحياة بلا طعام سوف تؤدي إلى الموت، وعند الموت سوف تضيع الحرية ويُفقد الوطن، كما أن كرامة الإنسان، هي عموماً تبدأ من تأمين أبسط احتياجاته، وأن الطعام يأتي على رأس هذه الاحتياجات..

وفي الختام .. لا بد من التأكيد أن علينا اليوم أن نعيد ترتيب أولوياتنا بعد أن أصبح تأمين الطعام يحتل المرتبة الأولى في اهتمامات الناس، ولأنه قد أصبح بلا شك المفتاح الأكثر أهمية قبل كل شيء آخر، والذي بدونه لا يمكن للوطن أن ينهض، ولا للحرية أن تزدهر، ولا للإنسان أن يبقى.
__
* مستشار وزارة الشباب والرياضة

اضف تعليقك على المقال