يمن اتحادي هو منصة إخبارية رقمية رائدة تسعى لتقديم تغطية شاملة وعميقة للأحداث الجارية في اليمن، مع التركيز على تقديم صورة واضحة وموضوعية للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد

نشوة التعذيب بين الحوثي والأسد

شعيب الاحمدي

 

الكاتب : شعيب الأحمدي

سارع الحوثيون إلى نشر خرافة منافية للواقع والحقيقة عن أوضاع الأسرى والمختطفين في صنعاء، مدّعين أنهم يعيشون في ظروف مستقرة ورفاهية، بعد انكشاف فظائع سجن صيدنايا، أحد أشهر السجون الوحشية التي يشرف عليها نظام بشار الأسد، رئيس سوريا الأسبق. تأتي هذه الادعاءات المثيرة للسخرية والحزن في آنٍ واحد، بالتزامن مع إدراج الولايات المتحدة عبد القادر المرتضى، رئيس ما يُسمى بملف الأسرى والمختطفين وأحد أبرز المشرفين على السجون الحوثية الوحشية، في قائمة الإرهاب.

يمكنك أن تستشعر مرارة معاناة المعتقلين حين تتخيل نفسك تعيش فرحة العودة إلى أهلك بعد غياب شهر أو عام أو حتى عامين، ثم تتذكر هؤلاء السوريين واليمنيين الذين يعيشون مع الموت في زنازين انفرادية مظلمة، تحت رحمة السياط وإجرام الجلاد. يصدمك حديثهم عن الغياب القسري عن أهاليهم وأحبّتهم، إذ قضى بعضهم بين 10 إلى 14 عامًا مختطفًا، لا يعرف سبيلًا للشمس، والأشد إيلامًا هي القصص التي يروونها بعد خروجهم.

منهم من عاد ليجد زوجته قد تزوجت غيره، ومن كان في خِطبة أو حبٍّ وجد أبناء محبوبته يلعبون في الشوارع، دون أن يفهم الأطفال سرَّ انهيار الملامح بين المحبوبين في اللقاء بعد سنوات من الفقد والألم، و بعضهم فقد اختُطف حين كانت والدته بخير، ليعود ويجدها قد فارقت الحياة أو أصبحت عجوزًا بالكاد تتعرف إليه.

هناك قصص من العذاب، حيثُ روت زوجة المختطف جمال المعمري، في شهادتها لمنظمة "سام" لحقوق الإنسان، عن الانتهاكات التي تعرّض لها زوجها بعد شهرين فقط من اختطافه. كان الرجل سليم العقل والجسد، لكنه خرج مقعدًا على كرسي متحرك، نحيلًا ومشوّش الذهن، فاقدًا لقدميه. تعرض للتعذيب بالصعق الكهربائي والضرب بالسياط، بل وثُقب ظهره بمثقاب حديدي. ولخصت المأساة بقولها:
"تعرفت عليه من خلال نبرة صوته فقط."
كانت نبرة الصوت بداية لحياة بائسة وحزينة، بالنسبة لأسرة المعمري.

على الجانب الآخر، فتاة سورية في العشرينيات من عمرها كما تبدو ملامحها، ظهرت في مقطع مصوّر بثته قناة الجزيرة، تروي معاناتها قائلة: 
"دخلت السجن وأنا في الشهر الرابع من الحمل، وعندما جاء وقت الولادة لم يفكوا الكلبشات عن يدي وقدمي إلا بعد توسلات طويلة."
بقيت تلك الفتاة ثمانية أشهر في السجن، تعاني عذابًا لا يُحتمل من جلادين لا يعرفون الرحمة.

ما يعيشه السوريون اليوم بعد انكشاف جرائم صيدنايا، هو ذات الألم الذي يعانيه اليمنيون في سجون الأمن السياسي التي يشرف عليها القيادي الحوثي عبد القادر المرتضى، المدرج على قوائم الإرهاب. وقد وصف محررون كثر ما يجري في سجون مليشيا الحوثي من انتهاكات وحشية وممارسات طائفية تمتهن الكرامة الإنسانية وتتنافى مع كل الأعراف والقيم الدينيّة. النظرة الطائفية القاتمة ذاتها تجمع بين المعتقلات السورية والحوثية، حيث يقبع الأبرياء لسنوات طويلة وسط الألم، بينما يعيش المجرمون في رغد ورفاهية مطلقة في الدول الأوروبيّة.

اضف تعليقك على المقال