ارسال بالايميل :
4787
بقلم / خالد السودي
لم يكن احد ابطال فيكتور هوجو في رواية البؤساء .. و لم تكن حياته مفروشة بالورود كرواد المجتمع المخملي في المجتمعات الغربيه .. ربما عاش سنوات من العزلة ليست مئة عام على طريقة جاره الكولمبي العالمي الاديب جارثيا مركيز .
الا أنه ينتمي الى قارة مليئة بالمواهب والنجوم والمجانين والكثير من الفقراء وقطاع الطرق ولصوص السواحل ونجوم كرة القدم الحفاه والزعماء .. و التي نبتت في ثنايها مبدعين على شاكلة بيليه و تشي جيفارا و ليونيل ميسي و سيمون بوليفار و بابلو نيرودا و بالطبع صاحب روايتي مئة عام من العزلة و الحب في زمن الكوليرا ..
هذه البيئة التي انطلق منها نجم الكرة الأرضية الذي غادر هذه الدنيا بسيطا عاديا حملته الاكتاف بطلاً قوميا للأرجنتين وستتلحفه الأكفان شخصا عاديا إنسانا مكلوما رقماً عابراً في قائمة الموت المحتومة .
لكن تأريخ كرة القدم سيسجل اسمه في سجل الخالدين كأعظم لاعبي الساحرة المستديرة ومعشوقة الملايين عبر العصور .
ديغو أرماندو مارادونا الذي داعب كرة القدم فعشقته حتى الثمالة كما لم تعشق احدا قط .. مارادونا الذي صنع مجد الارجنتين الكروي وبعث فريق نابولي من العدم وانتشل مدينة نابولي من سمعتها السيئة ثم وقع في براثن مخالبها السوداء .. لم يتمكن من انقاذ نفسه حتى من تأخير قطار الموت السريع .. جاء القدر المحتوم في نهاية المطاف .
ترعرر في جنبات نادي ارجنتينيوس جينيورز ثم بوكا جونيورز العتيد ومن بيونس ايرس انتقل الى برشلونه الساحره في صفقه كانت وقتها صفقة القرن العشرين ثم اشبيليه فنابولي في سنوات المجد ثم عاد للارجنتين الى ناديه الأصلي لاعبا فذا ثم مدربا فاشلا لمنتخب بلاده وعدد من الانديه.. فشل في التدريب لان عقليته وقدراته في التخطيط والقيادة من خارج الملعب وتعليمه لم يكن بنفس مستوى موهبته الفذه داخل الملعب ..
رحلة طويلة مليئة بالفرح والحزن والانكسار واحيانا التخبط كحال نجوم الكرة الكبار في امريكا الجنوبيه كجرنيتشيا صانع نجومية بيليه و رونالدينو صانع بدايات ميسي المذهلة في برشلونه و حتى الان افيدال ونيمار .. عكس نظرائهم في اوربا ربما بسبب نشئتهم في الاحياء الفقيرة وعدم تمتعهم بقدر كاف من التعليم ..
كان مارادونا نجم القرن العشرين بلا منافس رغم حصده الجائزه بالمناصفه وكان صاحب شخصية مؤثرة داخل الملعب وخارجه لمست تأثيره وتمرده ولغة الطأووس داخله اثناء لقاء عابر عام ١٩٩٦ في احد مؤتمرات الفيفا يومها كنت صحفيا رياضيا حالماً سألته عبر زميل تونسي يجيد الاسبانية : هل ستنتهي رحلة النجومية في النادي الذي انطلقت منه ؟ كنت اقصد يومها بوكا جونيورز ! قال : نجوميتي لم تبدأ بعد .
لا شك ان مارادونا كان افضل لاعب كرة قدم في عصره .. بعد كأس العالم ٨٦ كان النجم الكروي الوحيد الذي تستمتع به الى جوار الفرنسي ميشيل بلاتيني ثم الثلاثي الهولندي بقيادة رود غوليت .. حتى ان احدى المجلات الكبيره نشرت رسما كاركتوريا لازلت اذكره وهو جالس فوق الكرة الأرضية يتطلع للسماء التي تقول له : " اهلا نجم الأرض "
توقف قلب مارادونا مبكرا .. و هاهيا السماء فعلا تستقبل نجم الأرض .
الارجنتين والعالم يعلن الحداد والاسطوره الكروية البرازيلية بيليه يودع منافسه الصغير (الفتى الذهبي)
بالقول : " سنلعب كرة القدم سويا في الجنه "
*من صفحة الكاتب بالفيسبوك
اضف تعليقك على المقال