ارسال بالايميل :
899
بقلم / عبد الفتاح الحكيمي
لم يخرج في تظاهرة لودر أبين الجماهيرية الكاسحة ألتي نظمها الائتلاف الوطني الجنوبي أمس سوى أقل من نصف مديريات المحافظة المثيرة للجدل, فباقي المديريات عزلتها الجاهزية القتالية بين طرفي الانتقالي الشرعية وحرمتها من زخم المشاركة.
لم أتعاطف مع حجم التظاهرة وأهل أبين الذين حيروا الجميع بخياراتهم وبرمزية بشرية رغم ضخامتها فإنها لا تعكس الحجم الحقيقي لهم, بل تعاطفت مع ما قاله القيادي الانتقالي الشهير عبدالرحمن الوالي الذي غرد بارتباك, وكأن المعطيات لم ولن تغير العقلية التي يبنون عليها سياساتهم ومواقفهم ..
مظاهرة لودر( أبين) لم تتمكن من حشد كل أبناء المنطقة ولم تستعن بصديق( من سيربح المليون) ولا بمدد غزوات الحشود من مناطق أخرى بعيدة في اقاصي الجنوب والشرق والغرب كما يفعل الانتقالي عندما يسوق متظاهري الأجر اليومي من منطقة في أقصى يافع والضالع وردفان إلى باقي الجغرافيا الطاردة لهم, حتى اختلط على الناس أمرهم, فوجوه المتظاهرين في عدن وحضرموت وغيرها هي نفسها تقنية واتس أب (نسخ ولصق).. لذلك لم تحضر أمس أبين كلها ولا جماهير الشرعية في باقي الجنوب التي تكبح المليشيات المسلحة أي تظاهرات لجماهيرها ومعارضي (الإثارة الذاتية) بالدبابات والمدرعات ومختلف أدوات الموت.
قال القيادي الانتقالي عبدالرحمن الوالي في تغريدته الساخطة على تظاهرة لودر على تويتر : كيف جنوبي ويهتف لصنعاء ؟. وكيف حراكي مع باب اليمن ؟ ..الموقف من الانتقالي لا يبرر إسقاط علم الجنوب ورفع علم صنعاء .. لو أن الائتلاف الوطني في لودر رفع علم الجنوب (بدلن) من علم صنعاء).
ولو أنه يا دكتور والي اخترعتم أسطوانة( الاخونج والدحابشة) المدسوسين في الاحتشاد أفضل من الإعتراف بتلك الشفافية المحترمة.. ونسيتم قبل ١٠ أيام إن نساء حضرموت رفعن في تظاهرتكم الخِدْج صور الرئيس السابق( علي عفاش) -ألذي قلتم أنه غزا الجنوب بجحافله- إلى جانب صاحب الفخامة والزعامة عيدروس الزُّبيدي, وليس في الموضوع دبلجة ولا مكياج أو رتوش, أو ستقولون إن المشرف الإماراتي فرض رفع صورة جلادكم المحبوب, أو أن احمد سعيد بن بريك راعي الحفل أراد إظهار تفوق حشد تياره (المؤتمر الشعبي الحضرمي) على أصحابه المهرولين بالدِّيَنات والقَلابات من جبال وقفار المثلث ؟ .. فما بال نسوة حضرموت رفعن صور الوصي السابق على الوحدة المغضوب عليها .. ألتي تسمونها(وحلة) وتستنكفون هتافات لودر( بالروح بالدم نفديك يا يمن) ..!!.
وأنا أزيد مع الوالي بلطم الخدود ونتف بقايا شعر الرأس وطقوس كربلاء, لأنهم لا يدرون لماذا هرب رفاقهم من نعيم الشعارات وتوحش الممارسة والإقصاء القهري للجنوبي قبل أهل الشمال, وفرعنة أهل القرى (لا أريكم إلا ما أرى).. ولو رفع المتظاهرون في لودر علم الجنوب وشعارات الإنفصال أو الإستقلال سيرجمهم الوالي ورهطه بتهمة الارتزاق والعمالة والتخوين لأن الإعلام منسوجة في غير معامل القرية.
وليست عدن ببعيدة عندما رفع المتظاهرون الحراكيون أعلام وشعارات الجنوب القديم في رمضان الفائت في مواجهة سحق الدبابات, ومن ازهق عادل الردفاني في الطويلة .. ولم نتذكر بعد العيد أيضاً كيف وأين قضى الشاب محمد مروان العيدروس في غزوة(ذات التائرات) التي أحرق فيها فيها أبناء حي انماء الاطارات لمطالبة سعادة الإدارة الذاتية الموقرة بخدمات الكهرباء فقط لا غير قبل أن يسطو مجهولون على حاويات أموال المرتبات !!.
الحمد لله الذي اختصر قضية الجنوب برفع الإعلام والشعارات وليس في أن يكون للناس قناعة حقيقية بما يعلنوه .. فالذين رفعوا أعلام الجمهورية اليمنية أمس رفعوا قبل ذلك لسنوات أعلام الانتقالي الذي تنكر لانتمائهم وهويتهم وآدميتهم ..
وليست الوحدة الوطنية جَنّة لكنها أفضل من الجنون, والتطرف في التوحش على الآخرين نزع جلودهم, فالأعلام المرفرفة لا ترتقي بالإنسان ولا البلدان التي لا تقدس التكريم الإلهي لبني البشر .. وليست حُجة على من لا يرفع علم الانتقالي, وهو علم أصبح من التاريخ, ويحترم لماضيه وليس عندما تحول إلى صولجان وتهمة لم يجدوا غيرها لادانة مليونية لودر .. فبدون الأعلام وشعارات الروح بالدم .. لا يُنْتقَص شيء من الشلال البشري المهيب لتظاهرة لودر التاريخية .. والشكر موصول للأنتقالي وعقليته السادية الاستحواذية التي أخرجت الناس عن طورهم بذلك الاحتفال الهستيري المهيب.
* ربي كما خلقتني *
كما ارادوا كانوا .. هؤلاء هم من تنكروا لجلدتهم ووطنهم فجاءهم الرد بأبلغ ما في دروس وعبر التاريخ.
قالوا عن أنفسهم( نحن لسنا يمنيين .. نحن جنوب عربي) .. ونصحوهم بتقليل الهذيان .. فزعموا وتمادوا أكثر أنهم هم الجنوب .. والجنوب هم ولا أحد سواهم , واخيراً توالت الملاطيم السياسية من شق ومن طرف.
أيقظت نزعة الهيمنة القروية معها كل رواسب ماضي الآخرين وردود أفعالهم جنوباً, كأنهم يكتشفون انخداعهم للتو.
قالوا إنهم غير يمنيين فقال لهم الناس أنتم لا تمثلون الجنوب ولا حتى القرى التي تتململ لوثبة وشيكة.
ظهرت المسافة شاسعة بين الشعارات والأمنيات وواقع ما يريده غالبية الناس الغالبة.
الجنوب المنفرد بوضعه السياسي ليس مشكلة لليمن الكبير بل المعضلة في من اختزل الآخرين في ذاته ولم يعرف قدره وحجمه الحقيقي وظن أن له حظوة وسطوة وبأس شديد مستعار , والحقيقة أن الآخرين يدارونهم لتجنب رعونتهم لا أكثر.
صاحب حضرموت كما يقال يبغى القرش والفاتحة كلاهما ( ألقرش لي والفاتحة لبوي) .. ألبقية الباقية من المُشَعِّبين لا قرش ولا فاتحة ولا المعوذتين ولا سورة يس !!.
ألحضارم أكثر الناس عقلانية بدأوا بمطلب إقليم مستقل في إطار الجنوب وانتهى سقف مطالبهم بوضع ما قبل استقلال نوفمبر ١٩٦٧ م .. أي كيان خاص بهم ليس رغبة في الإنفصال بل هروباً من الجنوب الذي تجلى لهم في أقل من عام منذ أغسطس ٢٠١٩ م بقرون ناطحة كثور أسبانى !! لكن لا أحد من حضرموت تنكر لهويته الوطنية أو قال أنه( غير يمني) كما قال غيرهم, وزادوا إن منطقتهم لم تكن ضمن مسمى الجنوب العربي.
هؤلاء يصنعون الفرق بأصالتهم, أقل شيء أنهم كمجتمع إيجابي منتج يريدون أن يستقلوا بطاقاتهم وقواهم البشرية (ولم يقولوا الثروة كلها حقنا) فهذه شريحة يمنية تنأى بنفسها عن مصيدة لعبة الحرب العبثية الطويلة وتبحث عن الاستقرار والتنمية والحياة الكريمة, وهو استفتاء لموقف أبرز المكونات الوطنية من كارثة الحرب, لأن التشظيات قد تكون أسوأ مع استمرارها .. أما غيرهم فأكثر ما يجيدونه سوى الخراب لانفسهم وللآخرين, وإلّا أخرجوا علينا بمثال لقرى جنوبية في ما يطلق عليه ب(المثلث الكارثي) عيشة أهلها ضنكة كالحة مقرفة وزادوا هم على ذلك قيامهم قبل عامين بتدمير خطوط انابيب مياه الشرب ومشاريع الكهرباء على شحتها في قراهم, والدافع أن هذه الخدمات ستنزع كراهية مواطني مناطقهم لتوحدهم مع الشمال .. ثم يقولون نحن الجنوب العربي القادم وليس مشروع دمار وانتحار شامل.
لا أحد يرمي بالحجارة الى البئر التي يشرب منها سوى هؤلاء الحمقى .. لم تؤثر عليهم نغنغة أبو ظبي ولا نفحات وبركات شيكات الرياض.
ألمثير للسخرية أن بعض زعماء الحزبيات (القومية السلفية) المنقرضة في بعض قرى الحجرية بتعز بدأوا من حيث انتهى أهل الجنوب, وحتى الممول الإماراتي الخليجي لم يستوعب درس الجنوب, فبدأ العبث و(البث التجريبي) في ريف تعز والحجرية بالذات بتواطؤ أصابع من داخلها لضم المنطقة ضمن أملاك امارة وريث حكم عائلة صالح القوي (طارق عفاش) في المخا والساحل الغربي وباب المندب وتمويل إماراتي سخي.
ولأن ورقة ورثة عفاش احترقت في معظم اليمن يكرر القومجيون(القرويون) اسطوانة التخلص من هيمنة الاخونج لإخفاء طبيعة تحالفهم الباطني مع بقايا الدولة العميقة وتقاسم مغانم السلطة معها, وهم قبل غيرهم أصبحوا مثل حبات السبحة يقلبهم صغار الدواعش المطلوبين في صدارة قائمة الارهاب الدولي .. وهم أنفسهم قتلة أفراد الجيش الوطني بتعز.
ومثلما رفعت نسوة حضرموت صور عفاش مؤخراً في تظاهرة انفصالية للانتقالي يقلدهن قوميوا القرية في تعز ولكن عكسياً برفع أعلام الإنفصال الشطرية, وفي المدينة نفسها التي حل فيها ضيفاً ذات يوم الزعيم جمال عبدالناصر أبرز رموز الوحدة العربية والمثل الأعلى لأقزام قيادة حزب القرية .!!.
اضف تعليقك على المقال