بقلم / نبيل حسن الفقيه
الإقتصاد آخر الإهتمامات
أدى التدهور الحاد في جميع مرافق الدولة والإنخفاض الشديد في الموارد من العملةالأجنبية، وإنخفاض معدلات النمو وما نتج عنه من عدم قدرة الدولة على الدفع بعجلةالإقتصاد من الموارد الذاتية، وعدم قدرة الحكومة على سداد العجز في ميزان المدفوعاتوإرتفاع الديون السيادية إلى كارثة إقتصادية ستلازم اليمن لفترة طويلة من الزمن.
ولذا كان من المفترض أن يضع مجلس الوزراء الملف الإقتصادي ضمن الأولويات الأساسيةفي كل إجتماعاته وان يولي الجانب الإقتصادي جُل إهتمامه.. إلا أن ذلك لم يحدث، وهذاما استدعى لفت نظر رئيس الوزراء، والمطالبة بإعتماد سلسلة من الإصلاحات الأساسيةوالتي منها وضع برنامج زمني للإصلاح المالي يتوافق مع ظروف ومقدرات الدولة.. ومنأهم الإصلاحات في هذا الجانب سرعة فصل الخزينة العامة للدولة عن البنك المركزياليمني، واعتماد أحدث الطرق في إعداد الموازنات العامة والتقارير والكشوفات الماليةللحد من منافذ الهدر والفساد المالي.. ومن ذلك الإعداد لإعتماد الموازنة الصفرية للعامالقادم 2020م، مع سرعة إقرار سلسة من الإصلاحات المؤسسيّة للهيكل المالي والاداريللدولة وتهيئة البيئة الصالحة لإستقبال الإستثمارات الأجنبية، وتحسين مناخ الإستثمارمن خلال ضبط الإجراءات الأمنية في المحافظات المحررة (سرعة الإتفاق مع دولة الإماراتلتوحيد الأجهزة الأمنية وتفعيل غرفة العمليات المشتركة).
بالإضافة إلى ضرورة توفير البيئة الآمنة لإنعاش الإقتصاد الوطني في المناطق المحررةخاصة في مدينة عدن، وإنهاء العنف والفوضى والإنفلات الأمني، و إزالة العراقيل أمامعودة الشركات الوطنية والأجنبية للعمل في مجال النفط والغاز وفي مختلف الحقول(حضرموت / شبوة /مأرب)، وإعادة هيكلة القطاعات الإقتصادية التي تُعاني من تذبذبالإنتاج، بما يُمكنها من تحسين أداءها وتطوير مستوي خدماتها ورفع ملائتها الماليةبالإستعانة بصندوق النقد الدولي لتدريب وتأهيل الكوادر الاقتصادية والمالية.
عجزت الحكومة عن وضع رؤيتها في إعادة فتح الموانئ والمنافذ والمطارات في المناطقالمحررة وتوسيع أنشطتها، وإلغاء كافة القيود التي تحول دون القيام بدورها، بعد أنعرقت الإمارات وصول السفن والطائرات والشاحنات إلى الأراضي المحررة، و وُضِعَ أمامرئيس الحكومة أهمية إعادة سيطرة الحكومة على المنافذ الجوية، وتقديم التسهيلاتوالضمانات والأجواء الآمنة لعودتها للعمل من مطار عدن/سيؤن/الريان/الحديدة.
لم نجد الآذان الصاغية، و لا التجاوب المؤمل لأدراج تلك النقاط ضمن مناقشات مجلسالوزراء، فكان الرفع لرئيس الوزراء بخطاب مفصل على أمل أن نجد تجاوب يُمكن أنيساعد على إيلاء الملف الإقتصادي الأهمية القصوى من مجلس الوزراء.. و لكن للأسفوُضِعَ الخطاب في دُرج رئيس الوزراء كما هي العادة.
عانت الحكومة من ضغوط كان يُمكن تجاوُزها، و وُصِمت الحكومة اليمنية بالفساد، ولمتجد هذه الحكومة من يدفع عنها التُهم التي سيقت إليها نتيجة المماحكات السياسية،وأدى ذلك إلى زعزعة ثقة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والمانحين بالجهازالحكومي، ولم تحرص الحكومة على إنتهاج مبداء المُسَاءلة والشفافية،، ولم تُفَعّلْالأجهزة الرقابية (الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة) لأداء دورها في ذلك، إضافة إلىالغياب الكلي لجهاز مكافحة الفساد الذي عانى من ضعف شديد في أداء مهامه.
لقد إستَوجَبْ الإمر العمل على إعادة هيكلة وتأهيل العاملين في جهاز الرقابة والمحاسبةوهيئة مكافحة الفساد، لضمان الحصول على نتائج إيجابية تضمن الشفافية و المُسَاءلةلكل الجهاز الحكومي، إلا أن ذلك لم يتم، حيث وُضِعَ أمام الأخ رئيس الوزراء تقريرإجتماعات الحكومة مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، والذي شدد على سرعةتفعيل أداء الأجهزة الرقابية، وإصلاح منظومة عمل البنك المركزي، وتعيين محاسبقانوني للبنك المركزي، ولكن للأسف لم تجد التوصيات التي سيقت أي تجاوب.
لقد أُعْتُمِدَ القطاع الخاص كبديل لتقديم الخدمات الأساسية للمواطن في ظل الغياب التامللحكومة، وكنتيجة طبيعية لغياب الحكومة إرتفعت كُلفة الخدمات أمام الشعب الفاقدلمصادر دخوله، مما أدى إلى تفاقم الأوضاع المعيشية والإنسانية في اليمن، بالإضافة إلىعجز الحكومة عن إتخاذ أي إجراءات لخفض الإنفاق والتمويل الحكومي، وتعزيز النموالإقتصادي، ولم يجد القطاع الخاص أي إهتمام من الحكومة، رغم الإدراك أن القطاعالخاص كان يُساهم بأكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي قبل الحرب، واصبح اللاعبالرئيسي اليوم بعد إن عجز القطاع العام عن أداء دوره، ولم تقم الحكومة بأي خطواتللإستفادة من الكفاءات الإدارية والتقنية والقدرات التمويلية الذي يمتلكه القطاعالخاص، ولم تعر الحكومة أي إعتبار لأهمية تهيئة البيئة الجاذبة للإستثمارات الوطنيةوالإقليمية والأجنبية، وبما يُساعد على تحقيق قيمة مضافة للإقتصاد الوطني.
عانى ويعاني القطاع الخاص من أزمة مالية نتيجة توقف دوران العجلة الإقتصادية، بعدان تم توقف دفع المرتبات للسواد الأعظم من الموظفين، وتَوَقُفْ الإنفاق على تشغيل مرافقالخدمات العامة، وتجميد مشاريع البرنامج الإستثماري العام، وتَوَقُفْ سداد المتأخراتالمستحقة لقطاع المقاولات والموردين البالغة مئات المليارات، مما أدى إلى رفع تكاليفالإنتاج والنقل والتخزين، وبالتالي تدني العوائد وزيادة الأسعار، وتكبد القطاع الخاصلخسائر ستؤدي إلى إيقاف ما تبقى من أنشطته التجارية والإستثمارية.
لقد فشلت الحكومة في إدارة الملف الإقتصادي، وانغمست الحكومة في الأمور الثانويةوالهامشية، مما ولد حالة من الإحباط لدى الجميع نتيجة الإخفاقات المتلاحقة للحكومة،وتفاقم الأوضاع الإقتصادية بعد عجز البنك المركزي اليمني عن تحقيق إستقرار في قيمةالعملة المحلية في المناطق المحررة، حيث سجل الريال اليمني تراجُعاً وصل إلى ما دون750 ريال للدولار، وظهر التفاوت الكبير في أسعار الصرف فيما بين المناطق المحررةوالمناطق الخاضعة لإدارة الانقلابيين الحوثيين، وصل لأكثر من 150 ريال تقريباً،بالإضافة إلى إختراق تنفيذ قرار مجلس الوزراء رقم (75) والقرار رقم (49)، والتي كانيهدُف منها تحقيق الإستقرار للعملة الوطنية، عن طريق إعادة الدورة النقدية من السوقالسوداء إلى القطاع المصرفي الرسمي وإستعادة الثقة فيه، و تفعيل الضوابط الدوليةلمكافحة غسيل الأموال و مكافحة تمويل الإرهاب، و إيقاف التجارة غير القانونيةللمشتقات النفطية في اليمن، و توفير إحتياجات إستيراد السلع الغذائية و الوقود وُفقاًللآليات و الضوابط و الشروط التي حددتها قرارات الحكومة.
لقد تم تجاهل كل المطالب الخاصة بتفعيل المجلس الإقتصادي الأعلى، بعد أن تم إعادةتشكيل حكومة الدكتور معين، وعندما تفاقمت الأوضاع الإقتصادية وزادت الضغوط، فُعِّلَْالمجلس الإقتصادي الأعلى، ولكن بعد أن تم إفشال عقد مجلس الوزراء لجلساته.. حيث تمدعوة المجلس الإقتصادي الأعلى من قبل رئيس الوزراء، و عُقِد دون إكتمال النصابالقانوني في مخالفة لقرار إنشاء المجلس رقم 87 لعام 2008م، والذي حدد فيه مهاموإختصاصات المجلس والنصاب القانوني له، بالإضافة إلى ذلك قيام المجلس بإصدارالقرارات الإقتصادية دون أن يكون له وجه الحق القانوني في إتخاذ القرارات، إذ أُنِيطَبالمجلس الإقتصادي دراسة القضايا الإقتصادية والمالية للدولة، بما في ذلك دراسةالسياسة النقدية المُعَدة من الجهات المعنية (البنك المركزي)، وبحث القضايا المتعلقةبتنمية الموارد، بما فيها موارد النقد الأجنبي، ودراسة سياسة تنظيم الإستيراد على ضوءالميزانيتين السلعية والنقدية، بالإضافة لدراسة ترشيد الإنفاق الجاري والرأسمالي، إلىآخره من القضايا المرتبطة بالمجالات الإقتصادية والمالية والتنموية، على أن ترفع و تُقَدمتقارير ونتائج أعمال المجلس الإقتصادي لمجلس الوزراء لمناقشتها وإقرارها وهو مالم يتموفقاً للدستور والقانون.
وللحديث بقية..
والله الموفق،،،
9 يوليو 2020م
اضف تعليقك على المقال