ارسال بالايميل :
2161
محمد قشمر
بعد احداث 2011 في اليمن وثورة الشباب كما يحب البعض أن يطلق عليها، دخلت اليمن في أتون الفوضى، والتي مازالت مستمرة حتى اليوم ، وبغض النظر عن الاسباب التي أدت إلى ما نحن عليه -وسيكون لها حديث مفصل بإذن الله تعالى- فإن الأحداث من ذلك التاريخ مرت بمراحل مختلفة من السقوط الفكري والوطني ، اعتقد أن هذا الفترة الزمنية أظهرت كم هائل من الخلل في التربية الوطنية عند الكثير من قيادات اليمن السياسية المختلفة ، واعتقد أن هذا واحد من أهم أسباب استمرار الصراع في اليمن ومن أهم اسباب تفاقم المآسي الانسانية فيه.
من بداية تلك الفترة كان تدخل المجتمع الدولي واضحاً ، وحسبما نشر في تلك الفترة كان الهدف من ذلك التدخل هو تجنيب اليمن الصراع الدموي العسكري الذي كانت علامته قد ظهرت بشكل واضح جداً عند محاولة بعض رجائل القبائل السيطرة على بعض المعسكرات والتي طبعاً بائت بالفشل ، لكنها كانت بداية صراع مسلح حقيقي تحت مسميات متعددة ولأهداف مختلفة ومتنوعة .
بدأ المجتمع الاقليمي في التدخل ممثلاً بالمبادرة الخليجية والتي كانت تهدف بشكل رئيسي الى نقل سلس للسلطة ، وبغض النظر عن قوة المبادرة الخليجية او مدى قدرتها على إيجاد جو ملائم لنقل سلس للسلطة ،او تداول سلمي للسلطة، والتي جعلت السلطة تنتقل من المؤتمر الشعبي العام الى المؤتمر الشعبي العام وهذه المبادرة رغم الحصانة التي اوجدتها للنظام الحاكم في اليمن ممثلاً بشخص الرئيس الراحل علي عبد الله صالح واعوانه في الحكم، الا انها حظت بقبول شعبي لأنها كانت بمثابة موجة تنقل الجميع الى بر الامان بعيدا عن الاقتتال، او هكذا رأها الكثير .
الامم المتحدة ومجلس الامن لم يكونوا بعيدين عن اجواء اليمن الملبدة سمائها بغيوم الصراع السياسي من اجل السلطة والثروة، فكانت هناك قرارات دولية بشأن اليمن ابتدأها المجتمع الدولي بالقرار 2014، 21 تشرين الاول/اكتوبر 2011، الذي يدعو الى تطبيق الحل السياسي القائم على مبادرة مجلس التعاون الخليجي ويطلب من الامين العام مواصلة مساعيه الحميدة من أجل ذلك، وكان هذا القرار بداية التدخل الدولي المباشر في الشأن اليمني ، كما أن القرارات الدولية بخصوص اليمن كانت مبنية على اساس إيجاد الحلول السياسية لما تمر به اليمن، فكانوا داعمين لمؤتمر الحوار الوطني ومخرجاته ، ورغم ان المخرجات كانت تحظى بشبه إجماع مع وجود بعض التحفظات او الرفض لبعض البنود من بعض الشخصيات الإسلامية، الا انها كانت في نظر الجميع مخرجاً مناسباً للجيمع، وبها يمكن أن يبدأ اليمنيين في بناء دولتهم المنشودة ، ولا أدري كيف أيقن الشباب والتكتلات السياسية والحزبية أن المجتمع الدولي يمكن أن يساعد في بناء يمن له هذا الأمل العظيم والطموح العملاق لبناء دولة ديمقراطية مدنية ، وكيف استطاع الثوار أن يوقنوا انهم وصلوا الى ما كانوا يصبون اليه. كان الحس الوطني متدني عند الكثير من القيادات في تلك الفترة حتى بعد نجاح الثورة في إزاحة صالح عن السلطة ، خصوصاً انه بقى مسيطرا ً على مفاصل الدولة بشكل شبه كلي واهمها سيطرته على القوة العسكرية، وولاء كثير من قياداتها له وليس لليمن ارضاً وانسانا. ويمكن أن نقول بأن هذا الولاء للأشخاص هو الذي ساهم في تدمير اليمن حتى اليوم، فالولاء الذي يمارسه أتباع الحوثيون أيضاً هو ولاء يرفض معنى الانتماء الحقيقي للأرض بقدر ولائه لشخص القائد أو (السيد الذي خصه الله بنظرهم بهذا الشرف العظيم) ، وبالتالي كان ولاء القادة العسكريين لصالح ثم لمصالحهم الشخصية سبب مباشر في كسر سيادة اليمن وتقديمها بطبق من ذهب الى الحوثين، والى النظام الإيراني الذي أستغل الملف اليمني في مفاوضاته الدولية على حساب أرض وشعب اليمن ، ومازال الولاء الشخصي لأتباع الحوثي يمثل ركيزة هدم مخيفة تمارس بطقوس لا تعرف معنى الانتماء الحقيقي ولا تعرف معنى الوطن.
اضف تعليقك على المقال