يمن اتحادي
هو منصة إخبارية رقمية رائدة تسعى لتقديم تغطية شاملة وعميقة للأحداث الجارية في اليمن، مع التركيز على تقديم صورة واضحة وموضوعية للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد
تعتبر الدولة منذ نشأتها إحدى حقائق الحياة السياسية التي رسخت في مفهومها التعايش بين البشر في نطاق جغرافي معين، حيث يتفق قاطني البقعة الجغرافية الواحدة على نظام معين يتولى تسيير شؤونهم ويضمن للجميع الاستقرار المعيشي لحياة كل فرد منهم.
ومما هو معلوم ان المفهوم الواسع للدولة يتجلى في امرين أساسيين هما قبول التعايش على ارض إقليم معين بين مجموعة من الأفراد، وقبول واعتراف الافراد بالسلطة السياسية الحاكمة على ارض الإقليم وفق ضوابط يتفق الجميع عليها، لضمان تحقق الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
فاذا كانت الدولة بالمفهوم النظري الارض والانسان والتوافق على الحكم وفق النواميس والاعراف والقوانين الجامعة لمصالح الناس هي المدخل الأساسي لبناء الدولة، وان قيام الدولة بممارسة صلاحيتها يرتبط بالتوافق والاتفاق والقبول فيما بين الحاكم والمحكوم، فان منهج الحركة الحوثية وفق النموذج الإيراني يتقاطع مع كل النواميس والأعراف والقوانين التي تؤسس لبناء الدولة، حيث ان رفع شعار الولاية في البطنين والحق الإلهي في الحكم، والرفض المذهبي والفكري والثقافي لكل المخالفين يتعارض مع حرية العيش وفق الثوابت السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
كما ان حرية الدين والمذهب تعد من الثوابت التي يجب التوافق الضمني عليها فيما بين افراد المجتمع في اطار الدولة الواحدة، وان احترام الاسس والمبادئ التي تحترم الانسان لذاته دونما استغلال للدين لتحقيق الأهداف السياسية هو المدخل لاستقرار المجتمع … والنقيض من ذلك زعزعة الثقة فيما بين الحاكم والمحكوم، و نشر الأفكار الطائفية والترويج للطبقية العنصرية العفنة.
ان الترويج لخرافة الولاية والادعاء بحق اهل البيت خرافة لا يمكن للعقل البشري ان يؤمن بها او ان يستوعبها، اذ ان الحوثيين يعتبرون أن ما يميزهم عن غيرهم من اليمنيين هي ان سلالتهم “الطاهرة” التي يدعونها قد منحتهم الحق في الولاية … فصور الحوثي “الولاية” كأصل من أصول الدين، وأهم ركن من أركانه بعد التوحيد والنبوة، على الرغم من أن موضوع الولاية التي يتشدق بها غلاة الشيعة ومنهم الحوثيين تعد ضمن الخلاف التاريخي الذي يمتد لأكثر من 1400 عام، وجر الامة الإسلامية الى مربع العنف والتخلف واراقة الدماء حتي يومنا هذا.
كما ان جميع الاخبار التي يستخدمها الحوثي في ادعاء الولاية لا تستند لأي سند تاريخي موثق، ونقول هنا “الاخبار” وليس الاحاديث اذ لا حديث ولا احاديث ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم وجعلت الولاية للأمام على كرم الله وجه، ومن بعده لسلالته كما يدعي الحوثي واشياعه، ولم يعهد ان الرسول صلى الله عليه وسلم امر بالولاية للأمام على كرم الله وجه، وانما أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالود مع اهل بيته فقال الله تعالى على لسان الرسول محمد صلى الله عليه وسلم (قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي القربى)، ويرتفع منسوب الشك بالأحاديث الواردة عن طريق الشيعة والتي تنسب للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، حيث لم يستدل على انها رويت عنه صلى الله عليه وسلم عن طريق رجال ثقات مستقلين، وبالتالي فان عدم الاعتراف بصحة وشرعية كل ما ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم دون سند موثق صحيح تستند اليه كل المذاهب لا يمكن ان يؤخذ به.
على ان الروايات التي يسوقها جهال الشيعة من ان القران قد حرف، وان هناك كلمات وجمل من بعض الآيات قد اسقطت هي روايات قد اسقطت نفسها في وحل السفه لقوله تعالي ” إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ”، وهنا يؤكد الله عز وجل انه الحافظ للقران من أن يزاد فيه باطل ما ليس منه، أو ينقص منه ما هو منه من أحكامه وحدوده وفرائضه، وبالتالي فان تلك الروايات تعتمد على التأويل التعسفي للقرآن.
لقد تجاوز الحوثيين وغالوا على الله ورسوله عندما جعلوا الولاية لأهل البيت شرطاً من شروط الإيمان بالله تعالى، فكما هو معلوم عند كل المذاهب ان شروط الايمان للمسلم هو حصول اليقين الجازم بأركان الإيمان الستة المذكورة في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهي الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والإيمان بالقدر خيره وشره، ولم يرد في كل الاحاديث الصحيحة التي رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم شرط الإيمان بالولاية لأهل البيت، واذ صح ما يدعيه الحوثيين من ربط للأيمان بولايتهم لأنزل الله في ذلك قرآن يتلى الى يوم الدين، وهو ما لم يحصل فمن اين ربط الحوثيين امر اكتمال الايمان بالتسليم لهم بالولاية.
بعد كل ذلك … هل بات من الواجب علينا الوقوف امام كل ما لا يقبله منطق ولا عقل من الأحاديث التي تتناول خرفة الولاية، خاصة مع وجود مصلحة سياسية في الادعاء بأحاديث الولاية التي يروج لها اتباع الحوثي، حيث ظهرت معظم روايات الشيعة عن خرفة الولاية في أجواء الصراع السياسي المذهبي، كما ان التصديق بالأحاديث التي تؤسس لنظرية الولاية التي يروج لها غلاة الشيعة لا يمكن التسليم بها لمجرد انها وردت عن بعض الائمة الشيعة، اذ لا بد من اسناد ما يرويه الائمة الشيعة للأساس المتين القرآن الكريم أو للاحاديث الصحيحة التي لا يشك بها أحد من المسلمين.
اخيراً… جملة من الأسئلة نضعها امام جميع اليمنيين، وكل انسان مخير في الإجابة عليها فيما بينه وبين نفسه… هل يمكن ان تحقق الحركة الحوثية للدولة اليمنية الاستقرار والنمو والازدهار؟
وهل الطبقية والطائفية والعنصرية المذهبية التي ينتهجها اتباع الحوثي يمكن ان تقنع اليمنين بسلامة المنهج ؟
وهل يمكن التعايش مع من يدعون الحق الإلهي في الحكم؟
واخيراً هل التسليم بولاية الفقيه سيحقق لليمن الاستقرار السياسي المنشود؟
مؤكد ان كل تلكم التساؤلات تدور في ذهن كل يمني بعد ان شهدنا على مدى سته أعوام من الصراع على السلطة الوجه الحقيقي للحركة الحوثية، فقد اعتمدت الحركة الحوثية أسلوب التضليل والتقى التي تشتهر بها الحركة الشيعية في مختلف دول العالم، فعمد الحوثي على إيهام الناس بأنهم مع النظام الجمهوري ومع الوحدة والمواطَنة المتساوية، وانهم في وجه الفاسدين وسيف لمحاربة الفساد، الى ما هنالك من شعارات وطنية تستخدم للتضليل على الجهال وسلب عقول العوام.
وفي ذات الوقت إخفاء الحوثي الوجه الحقيقي للحركة الحوثية، وعمد الى تفريغ مؤسسات الدولة من محتواها من خلال تعيين مشرفين في كل مفاصل الدولة ممن يدينون بالولاء له، واظهر الوجه الحقيقي للعنصرية التي ينتهجها مع أبناء الشعب اليمني، ورسخ مفهوم القنديل والزنبيل، والتابع والمتبوع اعتماداً على سياسة التجهيل و القطرنة والاستعلاء الطبقي، وعمد إلى تجريف مؤسسات الدولة، والزم كل موظفي الدولة لحضور الدورات الثقافية والتي يقوم باستقدام عناصره العقائدية لتدريس ملازم حسين الحوثي ونشر الفكر الحوثي مستغلاً حاجة الموظفين لمرتباتهم، حيث يتم ربط استحقاق ما يصرف للموظفين بحضور تلك الدورات، وقام بتغيير المنهج التعليمي ليتفق وتوجهاته في نشر الفكر الإيراني الاثني عشري، مما شكل تهديداً للنسيج الاجتماعي، وجعل حق الموت لكل يمني يسبق حق الحياة، وفرط في السيادة الوطنية عندما منح الفرصة لمختلف دول العالم للتدخل في الشأن اليمني… فهل من مدكر.
والله من وراء القصد،،، نبيل حسن الفقيه القاهرة / 13 مايو 2020
اضف تعليقك على المقال