ارسال بالايميل :
6376
محمد قشمر
غالباً ما تنزلق الدول للصراعات الداخلية بسبب الأطماع التي تتولد لدى أشخاص امتلكوا شيء من القوة، وقدموا أطماعهم وطموحاتهم على حب الوطن وأمن وسلامة المواطن ، علماً أنهم يتسلحوا بمعاني وطنية براقة ويتغنوا بالوطن ويتلذذوا بالحديث عن حق المواطن بالعيش بكرامة وأمان .
اليمن من هذه البلدان التي عاشت وما زالت تعيش هذه المرحلة المؤلمة من تاريخها ، والتي استطاع أفراد من أبناء اليمن حشد كل طاقاتهم من أجل تدمير اليمن تحت كل المسميات والتي لم يتحقق منها شيء غير الدمار للوطن والألم للمواطن ، هي محاولات قوية لاستغباء المواطن واقناعه أنه محور الصراع وأن كل ما يحدث اصلاً من أجل ان يحظى بحقه بالعيش بكرامة بعيداً عن الذل والمهانة .
مازالت جذوة الصراع تزداد اشتعالاً في اليمن بل وتتوسع وما زال وضع المواطن اليمني من سيءٍ إلى أسوء ، والكارثة أن جميع الأطراف المتصارعة ما زالت تتحدث عن حق اليمني في العيش كما يجب حراً كريماً .
هل فعلاً اليمني يعيش حرية وكرامة في كل منطقة يسيطر عليها طرف من أطراف الصراع في اليمن ؟ وهل فعلا ان المواطن اليمني هو محور الاطراف وهدفها ؟ اعلم ان الجميع يؤمن بشكلٍ مطلق بأن كل ما يقال بشأن المواطن اليمني وحقه المقدس ليست أكثر من شعارات يستخدمها المتصارعون من أجل تحقيق مكاسب شخصية لا أكثر .
اليمن التي تزخر بالكثير من الثروات يمكن ان تجعله في مصافي الدول الغنية يعيش أبناءه على المساعدات الدولية ، وفوق هذا ما زال يقبع في ذيل قائمة الدول الاشد فقراً ، والأشد انكساراً .
عندما يتحدث المتصارعون عن أسباب الصراع فإنهم يظهرون حقيقة الجهل الذي نعيشه بل الجهل المطبق والعمق المخيف للفجوة بين الفكر والهوية اليمنية وبين الواقع الذي نعيشه الان .
لا يمكن بأي حالٍ ان يساهم انسان بتدمير وطنه وهو يؤمن بأرضه إيماناً مطلقاً، وهو يرتبط فكرياً بوطنه وهو موقنٌ ان الهوية لا تتغير ولا تتبدل ولا تباع ولا تشترى .
كل ما هو قائم اليوم يشعرنا بالفزع من الانفصال التام بين قادة الصراع في اليمن وبين الهوية والفكر اليمني ، ما عادوا ملتصقين بهويتهم مؤمنين بها كإيمانهم بالدولار والعملات الأجنبية التي جعلت منهم قراصنة وتجار حروب على حساب وطن عظيم كاليمن، وعلى حساب هوية عملاقة كالهوية اليمنية المتغلغلة في التاريخ بتاريخ اشعر بالخجل من الحديث عنه .
نحن اليوم نشاهد عدن مدينة التسامح والتنوع العرقي والثقافي تعيش حالة بؤس مخيف لأن هناك من يستثمر جراحها ليداوي فقره وجشعه ووضاعته ونرى صنعاء تتشح بالعبائة الإيرانية ويستمتع حكامها اليوم بالنوم على السجاد الايراني ويتفاخرون بالهوية الفارسية ونجد الصراع من أجل البقاء يتجاوز التاريخ ويتجاوز الشرف.
الكثير من قادة الصراع قد وضعوا في حسبانهم أوطان أخرى سيعيشون بها بعد ان يستفيدوا من الحرب، ومن ثمار الحرب المرة التي لا يستسيغ طعمها إلا اصحاب الشرف المهدور والفكر المغدور والهوية المطعونة .
ما زلنا حتى اليوم نعيش أزمة الفكر و الهوية اليمنية، ما زلنا حتى اليوم أتباعٌ لا قادة، ما زلنا لا نعترف بسبأ ومعين وحضرموت وقتبان وحمير وغيرمدركين لهم فكراً وهوية ، ما زلنا لا نعترف بتبع اليماني ولا أسعد الكامل ولا بلقيس ولا أروى بقدر اعترافنا بأبرهة والبرتغال والمستعمر البريطاني والهوية الفارسية .
اضف تعليقك على المقال