سامي الحروبي*
لم يتوقف سيل الاتهامات التي تستهدف الشيخ أحمد صالح العيسي لحظة واحدة فقد تعرض منذ لمع نجمه في محافظة الحديدة منذ عقود لحملات إعلامية ممولة حاولت استهدافه وتشويه سمعته والحد من نجاحاته لكن الرجل كان واثق الخطوة يمشي ملكا، يتقدم بثبات مضطرد فصفحته بيضاء ولا يوجد ما يخشاه، وبالفعل تم كشف زيف تلك الحملات وإثبات كذبها بعد تكليف مجلس النواب حينها للجان برلمانية للتحقيق في مسألة تهريب المشتقات النفطية والتي أثبتت في تقاريرها براءة العيسي من كل تلك التهم.
واليوم تتواصل تلك الحملات تحت عناوين مختلفة ويافطات مفبركة وممجوجة فرئيس الحكومة معين عبدالملك منشغل عن إدارة الحكومة ورعاية مصالح اليمنيين بإدارة خلايا إعلامية تعمل ليل نهار على استهداف العيسي واختراع التهم الملفقة والمغرضة فتارة يتهمونه باحتكار تجارة النفط وتارة بالسيطرة على شركة النفط وتارة بالاستيلاء على مصافي عدن ولم تتوقف التهم السمجة عند هذا الحد بل وصلت مؤخرا لاتهامه بأنه شريك لتجار نفط حوثيون على رأسهم القيادي الحوثي محمد عبدالسلام وعلي العماد وأخيرا اتهموه بتهريب النفط الإيراني.
والتهمتين الأخيرتين من السخافة والسطحية لدرجة أنها لن تنطلي على الأطفال فبالعودة إلى غزوة الحوثي للحديدة تتكشف الكثير من الأوراق فالمستهدف الأول فيها كان العيسي وشركاته، وبالفعل نتذكر أن أول معركة بالحديدة كانت بين العيسي وبين الحوثيين حين هجموا على بعض ممتلكاته واشتعلت المواجهات لعدة ساعات وتدخل المحافظ حينها حسن هيج وتم إيقاف القتال وانسحب العيسى الى عدن، وكان هو التاجر الوحيد في الحديدة الذي قدم ثمنا باهظا لموقفه من الحوثي، ومع أنه كان بإمكانه الإمساك بالعصا من الوسط والحفاظ على مصالحه وتجارته، إلا أنه رفض الكثير من العروض التي قدمها الحوثي عبر وسطاء بالعودة ومزاولة التجارة واستيراد النفط.
مئات المليارات هي الخسائر التي مني بها العيسي بسبب موقفه الرافض للانقلاب، وبالفعل لقد كسر العيسي القاعدة التي تقول بأن رأس المال جبان، ورفض التعامل مع الانقلاب، ودعم المقاومة التي تشكلت ضد الحوثي منذ اللحظة الأولى، ويمكن القول انه رجل الأعمال الاول الذي شارك في قتال الانقلاب وسخر كل امكانياته لدعم المقاومة التي تشكلت في عدن، وعلى رأس ذلك سخر أسطوله البحري لنقل النازحين قبل تحرير عدن وأثناء الحرب، وتعرضت كل استثماراته وممتلكاته للمصادرة والنهب والتحفظ وعلى رأسها منشأة رأس عيسى النفطية والمدينة السكنية بالحديدة وعدد من الشركات والمصانع ومستشفى الحديدة وقناة معين الفضائية وممتلكات أخرى.
لقد انزوى رجال الاعمال إلى الظل وابتلعوا ألسنتهم ولم يعلن موقف واضح من الحوثي إلا عدد قليل من التجار يعدون على أصابع اليد كان أبرزهم الشيخ العيسي الذي لم يمنعه موقعه كرجل أعمال واقتصادي من اعلان موقفه السياسي والتضحية في سبيله، وهو الذي قال: "عندما يتعرض بلدي للخطر فما قيمة المال إن كان دافعا للنكوص عن الانتصار للوطن".
وفي الوقت الذي كثر فيه المتقافزون من سفينة الشرعية والوطن في أشد لحظاته ضعفاً وبؤساً، بعد أن تعرض لجملة من الخيانات من قبل الكثيرين في الداخل والخارج، بقي الشيخ وثبت في ولاء راسخ في صف الوطن ووقف إلى جانب الرئيس هادي، متحملاً تبعات ذلك القرار الصعب.
ويمكننا تخيل كيف أنه يبدو من المستحيل لرجل أعمال وتاجر لديه شركات وممتلكات وامتيازات تقدر بمئات المليارات واقعة تحت سلطة الحوثيين، أن يقرر التضحية بكل ذلك في سبيل الوطن، غير أن الشيخ العيسي فعلها، وأثبت أنه من بين الساسة ورجال الأعمال القادرين على تقديم مثل هذه التضحيات الجسيمة، وهو موقف سيخلده التاريخ.
لقد هب الشيخ العيسي بماله وعلاقاته داعماً ومسانداً للشرعية، وبعد إعلان عاصفة الحزم وقف إلى جوار التحالف وبنى علاقات تعاون متميزة مع الاشقاء في المملكة وساهم كغيره من الشرفاء في معركة التحرير والبناء.
وبعد أن فشلت المطابخ الإعلامية في إثبات تهمة واحدة ضد العيسي بدأت تختلق تهم جديدة على رأسها وجود علاقات تجارية بين العيسي وبين قيادات حوثية واتهامه بتهريب النفط الإيراني وإيصاله للحوثيين وهذي تهمة تنسفها الوثائق الرسمية الصادرة عن الجهات التي تنظم عملية تجارة واستيراد النفط، فالعيسي يمارس التجارة في الضوء والوثائق التي بموجبها تمنح ناقلاته النفطية التراخيص تخضع للشروط التي تضمن سلامة العملية.
كما ان سلوك الحوثي العدواني ضد العيسي الذي لم يتوقف لحظة واحدة ينسف هذه الادعاءات من اساسها فبالأمس القريب قرر مؤتمر صنعاء برئاسة صادق أمين أبو راس المسيطر عليه من قبل الحوثيين فصل الشيخ احمد صالح العيسي من عضوية المؤتمر الشعبي العام عقابًا له على مواقفه الوطنية المناهضة للانقلاب والداعمة للشرعية وفكرة استعادة الدولة، ومع أن هؤلاء لا يمثلون المؤتمر ومنهجه وأدبياته الجمهورية الا أن هذا السلوك كفيل بلجم الأفواه المتقولة التي تلوك التهم وتقبض ثمن ذلك سحتا.
إن هذا السلوك الفج والقذر الذي لجأت له مراكز قوى في السلطة لا يخدم في المحصلة النهائية سوى الحوثي، فهذه الجهات متورطة في إدخال أكثر من 15 ناقلة نفطية خلال الفترة الماضية إلى ميناء الحديدة بدون أن تدفع جمارك وضرائب للدولة والتي تقدر بعشرات المليارات، كما أنها ذات الجهات التي وجهت بدخول ناقلات نفطية إلى عدد من الموانئ دون أن تستوفي شروط الاستيراد.
بل إن بعض الناقلات النفطية دخلت الموانئ اليمنية رغم أن حمولتها من موانئ محظورة بالنسبة لليمن بحسب التعميم رقم ٣ لعام ٢٠١٩ الصادر من اللجنة الاقتصادية ما يعني انها كانت تحمل نفطا ايرانيا.
إن مساعي هذه الجهات إلى الوقيعة ورفع تقارير كاذبة ومغرضة للأشقاء في المملكة باءت بالفشل وستكون محل سخرية فالعيسي كان ولا يزال محل تقدير الأشقاء ويعرفون دوره إبان تحرير عدن والجهود التي بذلها في سبيل ذلك، فهو الحليف الصادق وغير المُكَلِّف الذي يساهم في تحمل الأعباء ويؤمن بعمق ومصيرية العلاقة بين اليمن والمملكة، ويعمل بكل ما أوتي من قوة على تعزيز وترسيخ ذلك من موقعه كرجل دولة وتاجر وسياسي وشخصية اجتماعية ذات ثقل.
وإنه لمن المؤسف ان يتعامل رئيس الوزراء مع مؤسسات الدولة كملكية خاصة ويستخدمها لتصفية حساباته الضيقة فيعمل على تسريب وثائق هذه المؤسسات بانتقائية للنيل من رأس المال الوطني وبث الشائعات ورفع التقارير المكذوبة والمغرضة، وهو ما يستدعي تدخلا عاجلا وجادا من رئيس الجمهورية لإيقاف هذا العبث الذي يخلق معارك جانبية تلهي اليمنيين عن معركتهم الرئيسية مع الانقلاب الحوثي.
لقد صمد العيسي في وجه الأعاصير الذي حاولت اقتلاعه منذ عقود، ولقد تبددت تلك الأعاصير وبقي العيسي شامخا كنخلة سامقة معطاءة، فالعيسي كتاجر موجود من قبل أن يخلق معين عبدالملك، وسيبقى بعد معين تاجرًا وطنيا مخلصا وصادقا تتكسر النصال على صخرة صموده ومواقفه المشرفة.
*من صفحة الكاتب بالفيس بوك
اضف تعليقك على المقال