يمن اتحادي - متابعات*
في الوقت الذي لم تجد الحكومة اليمنية موارد كافية لمكافحة انتشار فيروس كورونا وسطعجزها عن القيام بخطوات فعلية على الأرض للتخفيف من وطأة انتشار الفيروسوتبعاته الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية، تواصل دولة الإمارات السيطرة على مختلفموانئ ومنافذ اليمن البحرية، ما يزيد من أزمات دولة تواجه أكثر من وباء، إضافة إلىالحرب والصراع والفقر والجوع والبطالة وانعدام الموارد.
وبينما تبسط بشكل مباشر سيطرتها على ميناء بلحاف الاستراتيجي في شبوة والضبةفي المكلا بحضرموت (شرق)، وبعض الجزر مثل سقطرى وميون قبالة باب المندب، تضعالإمارات عبر قوات عسكرية كونتها ودربتها، يدها على ميناء اليمن الأول حالياً فيالاستيراد والتصدير وهو ميناء عدن (جنوب)، وميناء المخا في الساحل الغربي لليمن،التابع جغرافياً وإدارياً لمحافظة تعز، جنوب غرب اليمن.
وبلغت إيرادات الموانئ اليمنية العام الماضي من الجمارك والضرائب الخاصة بشحناتالوقود المستوردة نحو 516 مليون دولار، حسب البيانات الرسمية. لكن مصادر مطلعةشككت في استفادة الحكومة من هذه الإيرادات عبر قنواتها المالية الرسمية في ظل خروجكثير من هذه المنافذ عن سيطرتها.
في السياق، أفاد مسؤول محلي في محافظة تعز (جنوب غرب)، "العربي الجديد"، عنوجود عجز مالي كبير يشل قدرات السلطات المحلية عن القيام بدورها نتيجة فقدان أهممورد مالي تعتمد عليه المحافظة، والمتمثل بإيرادات ميناء المخا المتوقف عن العملوالخاضع لسيطرة الإمارات وشركائها تحت ما يسمى "حراس الجمهورية" التي يقودهاطارق صالح، والتي تسيطر أيضاً على منطقة ذوباب الساحلية.
ويحتل اليمن موقعاً استراتيجياً يثير أطماع مختلف القوى الدولية المتصارعة من خلالإطلالته على البحرين العربي شرقاً، والأحمر غرباً، إلى جانب المنفذ البحريالاستراتيجي للتجارة الدولية عبر باب المندب. وتوجد في اليمن ستة موانئ بحرية دوليةمجهزة لاستقبال البضائع والسفن وتقديم خدمات الشحن والتفريغ والتخزين، و3 موانئنفطية، و8 موانئ محلية.
وقال عصام مقبل، وهو باحث في الشأن الاقتصادي، إن موانئ اليمن تكتسب أهميةاستراتيجية؛ إذ يعد بعضها شرياناً لتوريدات نفط الخليج إلى العالم، وكثير منها فيحال إدارتها بشكل أمثل قد تكون عائداتها المالية رافداً رئيسياً للاقتصاد اليمني المنهاربسبب الحرب والصراع الدائر في البلاد.
وأكد لـ"العربي الجديد"، أن الإمارات تستخدم بالفعل موانئ يمنية لأسباب لوجستيةاقتصادية هامة للغاية، إذ يكشف مقبل عن استخدامها لميناء الشحر في حضرموت الذيشهد ظهور أول حالة إصابة بفيروس كورونا في اليمن بعد أيام قليلة من مرور سفينةإماراتية متوجهة إلى "جهة مجهولة"، حسب قوله، وتوقفها لنحو يومين في ميناءالشحر الذي تستخدمه الإمارات باستمرار وبشكل مريب ودون إطلاع السلطات الرسميةفي اليمن.
وتستخدم الإمارات وشركات نفطية وتعدينية تابعة لها بعض الموانئ المطلة على البحرالعربي في محافظة حضرموت، شرق اليمن، مثل ميناء الضبة وبروم والشحر، من دونأي تنسيق مع السلطات المعنية في الحكومة اليمنية.
واعتبر الباحث الاقتصادي عبد الواحد العوبلي أن استراتيجية الإمارات تتركز منذسنوات على السيطرة وإدارة عدد من أكبر وأهم الموانئ في بحر العرب والقرن الأفريقي،والتي يعتبر أهمها على الإطلاق ميناء عدن.
ولا تهدف من خلال الاستيلاء على هذه الموانئ إلى العمل على استثمارها وتنميتها، بلعلى العكس حرصت، كما قال العوبلي لـ"العربي الجديد"، على عدم بناء أو توفير البنيةالتحتية اللازمة لتشغيل الميناء، وعطلت الميناء لعقود حتى تجرأت الحكومة اليمنية في2012 على إلغاء إتفاقية إدارة ميناء عدن مع شركة موانئ دبي العالمية.
وفسر هذه التصرفات بحرص الإمارات على عدم نهوض أي ميناء في المنطقة، لكي لا تفقددبي وجبل علي الجدوى الاقتصادية. ورأى خبراء أن وجود ميناء آخر يقدم الخدماتالتي يقدمها ميناء دبي معناه تناقص الطلب عليه، ومع الوقت الذي قد لا يتجاوز سنواتسيصبح استخدام ميناء دبي والموانئ الإماراتية عموماً مقتصراً على تصدير المنتجاتالنفطية الإماراتية. إضافة إلى ذلك، أضاف العوبلي: "ميناء عدن يقع ضمن خريطةموانئ طريق الحرير التي تطمح الصين في استثمارها".
هذه التوليفة من المميزات لصالح عدن تعني بالضرورة خسارة دبي جزءا من ناتجهاالقومي، وبالتالي انخفاض أسهم الاستثمارات الأجنبية في أسواق دبي وأبوظبيالمالية، والتي تصل إلى أكثر من 59.35 مليار دولار. أما الآثار غير المباشرة وكلفة الفرصةالبديلة فستكون أضعاف هذه المبالغ، وفق العوبلي.
وشرح المحلل الاقتصادي وليد مكرد أن حياة وانتعاش ميناء عدن سيؤدي بكل بساطة إلىبروزه من خلال ما يمتلكه من مقومات وموقع ودخوله كمنافس للموانئ الاستراتيجية فيالمنطقة. وتحرص الإمارات على عدم تمكين اليمن اقتصادياً، لأن التمكين الاقتصادي معناهاستقلال قرارها السياسي، لهذا دخل التحالف الحرب في اليمن، وفق حديث مكردلـ"العربي الجديد"، بناءً على استراتيجية ورؤية الإمارات.
*العربي الجديد / محمد راجح
اضف تعليقك على الخبر