ارسال بالايميل :
7336
بقلم : عمر الحار
لاتكترث امريكا بعملية افشاء اسرارها السياسية والاستخبارية،على النقيض من نظرائها دول الغرب الكبرى التي تحرص على ان تظل اسرار ارتباطاتها بدول العالم الثالث محلك سر لسنين طوال .
و تتعمد امريكا انتهاج هذا الاسلوب المحرج والمخجل لعملائها عقب ان تقضي وطرها منهم وتسعى الى التخلص شبه العلني منهم حتى لا تشعر بثقل تبعاتهم لها،والخلاص من عملية ارتهانها للتكتيك من اهدافها لا الاستراتيجي منها.
وتسير امريكا بمنهجية برجماتية واضحة وقوية في علاقاتها بالدول وقادتها،وهي قابضة بناصية العالم سياسيا واقتصاديا وعلميا ولا تخش من تباعات خشونتها السياسية بقدر ما تمعن في ترويض الدول على التبعية العمياء لها.
ولاتؤمن امريكا بالعقائد الجامدة في النظريات السياسية التي تصدرها كتجارب للانظمة وللشعوب،في الوقت الذي لايمكن لاحد ان يتنبأ بسرعان تخليها عنها فكل بشائرها بعهود افضلية نظامها الراسمالي والليبرالي،والنظام الدولي الجديد ،ذهبت ادراج الرياح ،وقد مثلت الارهاصات الاولية لثورات العربية الموجهة التي قضت على انظمتها وبلدانها في غمضة عين وبطريقة يصعب بها فتح حساب معها ،واصبحت تعيش اليوم على قارعة طريق الحياة في الالفية الثالثة من العصر الكوني الذي تخلت امريكا عن مثالية التبشير باهدافه في حياة الشعوب ،ورميهم بلا رحمة في دوامة الموت وصراع ضياع الدولة والنظام .
وتقف امريكا خلف كل النكبات والحروب التي حلت بالعالم العربي ،ولها اليد الطولى في الخراب والدمار الذي طال بلدانه ،ولا غرابة في تخليها عن ارتباطاتها النفعية بانظمته الجمهورية والثورية وتركهم بعد القضاء المبرم عليهم في مفترق الطرق يواجهون معركة ضياع المصير والهويات الوطنية،ونجحت في ممارسة نظريات الصدمة عليهم ولا تخاف في الله لومة لائم ، واحكمت تصرفاتها وتحركاتها الراقصة على رقعة الدم من اقصى الشرق الادنى الى اقصى الشرق الاعمى بعقلية الشرطي وقبضته الحديدية دون الاكتراث بهول الواقعة التي حلت بجغرافية البلدان الممزقة وانظمتها التي اصبحت اثر بعد عين ،وباتت تواجه المجهول من ايامها ،في ظل جهلها بما تخبئه لها امريكا في الغد المنظور،عقب ان انهت مصفوفة الدول وتركيباتها الهرمية ،واصابتها بخيبة امل كبيرة في القدرة على استعادتها من جديد ،والشعور بمرارة غياب الرؤية الامريكية لمعالجة معضلة ضياع الدولة ونظامها في مجموعة البلدان التي تعيش على وقع الحروب وازماتها وتبعاتها المتوالية .
و امريكا لها ناموسها الديني الذي تسير عليه في حراسة شريعة الله على الارض وفقا وماهية مراجعها الفلسفية الحديثة والمعاصرة،واعادة صياغة حياة الشعوب على هديها، وهي تسعى لاصلاحهم على الوجه المرضي للرب بتعبيرها .
وقد يطول تخبطها حتى ترسي على النمط الكهنوتي المرضي لوجه الكريم ،وحتى ذلك الحين سنبقى غارقين في وحل الفوضى والعمالة والخراب .
اضف تعليقك على المقال