ارسال بالايميل :
6856
عمر الحار
هل تمثل حرب غزة فلسطين فاتحة لاعادة صياغة المشهد العربي من جديد؟ام اعادة هندسة النظام العربي الجديد؟.
قد يكون السؤال اعلاه افتراضيا وموغلا في واقعية الاحداث الدامية التي تشهدها المنطقة العربية في عشريتها السوداء بتوصيف (المصطلح الجزائري المعروف)
وحقيقة يعطي السؤال المركب بصيغتيه الاول والثانية اكثر من اجابة مبنية على المعلوم من المؤشرات الاولية التي افرزتها حرب غزة وانتصار ارادة مقاومتها الاسلامية في ظل غياب العرب شعوبا وانظمة عنها وعن تاريخها مهما تباينت القراءات لها وانبثاقها المفاجئ في واقع عربي مازؤم وملئ بالانكسارات التاريخية للعرب،وتسابقهم على الانقلابات على انفسهم،وصراعهم على خراب بلدانهم وتعزيز انقساماتهم الداخيلة ومولاتهم للقوى الدولية اللاعبة بهم على رقعة اوطانهم المخلصين في احراقها ارضا وانسانا.
والتعمق في قرأة المشهد العربي المعاصر ومحاولة سبر اغوار معالمه القفر و الموغلة في الضياع والانحطاط، توحي بان عرب اليوم تواقون للعيش في جاهلية العصر، ومتيمين في استلهام حقب حروبهم القبلية والعشائرية المشهورة في التاريخ،ونوزاع شرورهم غير المحدودة تؤكد استعدادهم لتخلي عن تاريخهم الحضاري وتفتح شهيتهم للدم والحرب،والقبول بالحياة على طريقة جاهليتهم الاولى، والاندفاع في وحشيتها بتقنية ما يمتلكون من الاسلحة الفتاكة الحديثة،وشغفهم في الحصول على المحرم منها، ورغبتهم الجامحة في حيازتها لاتقل عن رغبتهم ومهارتهم العالية في ركوب الجياد الحسان كفرسان مخلدين بالذكر في ميادينها.ورحمة ربي وحكمة الغرب غلت اياديهم وقدراتهم عن تصنيع اسلحة الابادة و الدمار الشامل.
واظهر الواقع العربي المعاش فقدان العرب لوعيهم القومي وعبثية الايدولوجيات الثورية المهجنة والمكرسة في حياتنا طيلة خمسة عقود من الزمن،و تبخر معطياتها،وعجزها عن الصمود امام المتغيرات الجذرية التي طالتها بغتة،وعرت زيف ماندعيه عن وعينا الثوري المتجذر،والذي انكشف غطاه عن هلامية وهشاشة فاضخة و تلاشيه في لحظة الفعل الفاصلة وغاب عن عقولنا، بل وتبخر منها كسحابة صيف عابرة،مما يفسر ظاهرة اضمحلال ثورات العرب التحررية واستبدالها خلسة بالانظمة الفردية المستبدة التي عملت بايعاز من الغرب على تنفير الشعوب العربية من ثوراتهم وافراغ وعيهم الثوري بالاضطهاد الثوري المستمر،حتى تحققت مآربهم بموت الثورة في نفوسهم، وموت وعيها الثوري في عقولهم وضمائرهم،و سهلت عملية دخول انظمة المنطقة العربية وشعوبها في آفاق سياسية مغلقة، واجبارهم على الانزلاق عنوة الى اتون المتغيرات والاحداث الدامية و المدمرة للبعض منها،وتحمل كلفة فاتورة الحرب للبقية الباقية منها،وكلا العرب شركاء في الخسارة والضياع،دول القتال،ودول المال.
اذن جرى تصفية النظام العربي المعاصر وثوراته الوطنية في غمضة عين،و بات العرب ينتظرون مصير مستقبلهم السياسي المجهول حتى اللحظة، وهو لم يزل يتشكل في مخيلة عرابي الانظمة من فلاسفة الغرب وامريكا،وان اعطت حرب غزة مؤشرات اوليه لملامحه،باتباع اسلوبهم التقليدي في اعادة صناعة الزعامات العربية واعادة ترويض الشارع العربي الفارغ من الوعي للقبول بها.
وامريكا ودوائرها المختصة تمتلك قدرات خارقة في ادارة المتغيرت العاصفة بالعرب،والقدرة الفائقة على اعادة صياغة انظمتهم الوطنية والابقاء عليهم خارج دائرة الوعي والتحكم بهم عن طريق العاطفة.
اضف تعليقك على المقال