ارسال بالايميل :
7158
بقلم / خالد السودي*
لم يكن شخصا عاديا .. بل شخصية فريدة قل نظيرها .. خسرها السياسيون والبرلمانيون و الرياضيون والشباب .. و فقدت اليمن بوفاته في ٩ يناير ٢٠١٥ أبرز شبابها وواحد من اعظم الشخصيات السياسيه البرلمانية الرياضية الشابة عبر تاريخها ..
مرت السنوات ولم و لن تمحى تلك الابتسامة والصرامة و الكرامة و الشجاعة و العدالة ونهج " الصداقة " ولو دفنت تحت التراب ..
إن اختطفه الموت مبكرا في غفلة من الزمن .. وقال القدر كلمته الفصل الموجعة المكتنزة بالألم والحزن والأسى الا أن محمد عبداللاه القاضي تظل روحه الطيبه ومبادئه الآثيرة تعيش بيننا .
غادرت صنعاء في نهاية ٢٠١٤ نحو القاهره ولم اكن اتوقع ان اعود اليها بعد اسابيع للمشاركة في دفن اعظم اخ و أصدق صديق .. حتى اني اثناء تقبل عزاه لم أكن مدركا لما حدث وعندما غادرت صنعاء ليلتها و الطائره تلتهم مدرج المغادرة مودعة مطار صنعاء الاثير كانت صورة " الاستاذ " تتجلى في مخيلتي الى اليوم وحتى نعود الى وطنا من ذات المطار قريباً انشاء الله ستظل صورته في أعماق الذكرى الطيبة ..
كان محمد شخصا طموحا .. و مليئ بالحركة و مميز بنسج العلاقات العظيمة .. تأثر نفسيا بشكل كبير بعد ٢٠١١ كان يقول " نشتي نكحلها عميناها " .
كان معارضا شرسا لحكم الرئيس علي عبدالله صالح وهو قريبه وبلدياته وشارك بفعاليه في " بؤرة " و بورة ٢٠١١ ماديا ومعنويا وكفاحا من وجهة نظره .. قال لي بعدها :
عارضناه لكن أشهد لله انه شخصية وطنية كان يخاف على اليمن من شرقها الى غربها ومن شمالها الى جنوبها كان بشرا يخطئ و يصيب الا انه كان " يفز " عندما يشعر بخطر على البلد يتابع و يلملم ..
و تابع :
" شوف وصلنا فين !! انا وغيري اكثر من سنة نتابع الرئيس هادي نحذره نتطلع الى لقاء معه نعرض بعض الملفات نصلح اوضاع البلد والناس .. كنا نطمح معه الى تلمس مواطن الخطر لكن لاحياة لمن تنادي "
شارك في ٢٠١١ و من اوائل من خرج الساحات .. دعم توكل كرمان .. دعم و تابع الرحلة الراجلة من تعز و قاتل في عمق الصدور العاريه وساهم بكل مايستطيع ورفض النصح ..
شعر محمد بالنكران والخذلان عندما قال له الشيخ حميد الأحمر بعد تصورهم بنجاحهم : " كان باتطرح بندقك جنب بندقي "
وهكذا ضاعت البلد بين " نوم " هادي و " غرور " حميد .
خفت جذوة ثورات الربيع العبري بعد أن تلاشت الشعارات و تكشفت الحقائق اذ لعبت على وتر الحرية والكرامه والعداله مستغلة حماس الشباب من مختلف الاطياف فيما ركب الموجة كهول ومعتقي الساسة من "مشتتي" احزاب اليسار و فزوا بعظام الذبيحة و جلدها .. فيما ظفر " الانتهازيين " المنظمين من الاحزاب الدينيه خاصة الاخوان المسلمين باللحم والدسم !!
الفقيد محمد القاضي كان من الشباب الشرفاء الطامحين الى مستقبل أفضل وهم اغلبية ضحايا ٢٠١١ ..
تلك السنة المشئومة جلبت للبلدان الخراب والدمار ودمرت القيم .. كان كثير من اصدقاء محمد يعتبرون انه ليس بحاجة الى الخروج على حكم الرئيس فهو مقرب منه و " سنحان " تحكم وبعضهم اعتبر خروجه نوع من النكران و الجحود .. الرئيس الزعيم سيد الشهداء علي عبدالله صالح لم يقابل ذلك بنفس النّفس او ردة الفعل .. ذات مرة رحت اسلم عليه رحمه الله قولت له : يافندم : محمد عبداللاه زي ابنك وإن اعتبرته وقع في خطأ فالبشر يصيبون ويخطئون .. و تجرأت وقلت : ليش ماتلتقوا يافندم !!
رد وقال : كان مغرر به وغيره .. وهو فعلا من ابنائي وماعندي مانع نلتقي ..
رحت لمحمد يومها وقلت له القصه اذ جاءت مني عفوية دون سابق ترتيب .. قال لي : قد حصل ماحصل وهو ابونا وزعيمنا ومابيننا الان غير ماحصل لكمال اخي( تعرض لضرب نار واصابه من الشرطة العسكرية ) من عملها يعتذر وبعدها يحصل كل خير نحن أهل واخوة ..
انا سافرت بعدها و قولت شويه تهدأ النفوس .. ولم يمض وقت طويل حتى جاء مرض محمد المفاجئ وبلغني يومها الاخ الشيخ / ناصر القوسي ان الاستاذ نقل للمستشفى في حالة حرجة .. اتصلت بالزعيم رد الاخ علي معوضه بلغته بالخبر .. اتصل الاخ علي معوضه بعدها بنحو ساعتين قال : الزعيم وجه بتجهيز طائرة اخلاء طبي الى الاردن او القاهره على نفقته لمحاولة انقاذ حياته " هكذا يختلف العظماء " .. وكان الاخ الشيخ الانسان / احمد صالح العيسي قد فعل نفس المبادرة .. لكن كلمة الله سبقت ..
اتذكر يوم وفاته و كذلك لغة العناد ( القمر ) عند اليمنيين من قصة : مابيننا الا قضية اخي كمال والباقي كل خير !!
هكذا دُمرت البلد وتاهت في عبارة : مابيننا الا ..
- المؤتمر : مابيننا نحن والاصلاح الا ٢٠١١
وبيننا وبين الحوثيين دم الزعيم والأمين ..
- الاصلاح : مابيننا نحن والحوثيين الا محمد قحطان
- الحوثيين : مابيننا نحن والجمهورية الا دم حسين بدر الدين
- الحراك الجنوبي : مابيننا وبين الوحده الا حرب ٩٤
- الانتقالي : مابيننا نحن وقيادة الجنوب الا بدو أبين .
- الإتلاف الوطني الجنوبي : مابيننا نحن والانتقالي الا الجنوب.
- الناصريون : مابيننا نحن والدولة الا انقلاب ٧٨ ودم الشهيد الحمدي
- الاشتراكيون : مابيننا نحن والشمال الا تهميش الشراكة في الوحدة .
- القبايل : مابيننا نحن والهاشميين الا المسيده
- الهاشميين : مابيننا نحن وانتم الا من الاحق بالحكم .
- الحضارم : مابيننا نحن والبقية الا الجماعية
- اهل تعز : ما بيننا نحن والهضبة و بدو ابين والضالع غير الأغلبية .
- مأرب : مابيننا وبين النخبه الحاكمة الا تجاهل التأريخ ..
- الشوافع : مابيننا نحن والزيود الا استقلالية القرار ..
وهكذا مات محمد كمدا و ضيما مرددا : نشتي نكحلها عميناها !!
*من صفحة الكاتب على الفيسبوك
اضف تعليقك على المقال