الكاتب : عادل الشجاع*
في لحظة من أكثر لحظات التاريخ اليمني ظلاما، يقف اليمني حائرا بين عدو داخلي جثم على صدره، وسلطات شرعية فقدت شرعيتها على أرض الواقع، وتحالف عربي لم يعد يخفي حقيقة أنه لم يأت لتحرير اليمن، بل لإعادة تشكيله بما يخدم مصالحه الضيقة، وكل ذلك وسط نخب سياسية وثقافية وإعلامية خانت ضميرها الوطني وباعت ولاءها بثمن بخس!.
اليوم، ينتظر اليمنيون من الأمم المتحدة أن تخلصهم من مليشيا الحوثي، وهي ذات المنظمة التي لم تستطع حتى حماية موظفيها من الانتهاكات الحوثية، ولم تستطع فرض الحد الأدنى من احترام القانون الدولي الإنساني على الأرض، أي عجز هذا؟ وأي سذاجة تلك التي تجعل شعبا بأكمله يعلق آماله على منظمة لم تستطع حتى فرض احترامها على عصابة!.
أما الشرعية، فتبدو اليوم كظل لكيان تآكل من الداخل، لا حول لها ولا قوة، تنتظر الفرج من تحالف لم يعد معنيا بالحرب أصلا، بل أصبح يجلس على طاولات الحوار مع الحوثيين، يتقاسم النفوذ معهم، ويرسم خرائط المصالح وفق قواعد اللعبة الجديدة في المنطقة، أي خيانة هذه؟ كيف يمكن لكيان يدعي تمثيل الشعب اليمني أن يصمت أمام تسويات تتم فوق رؤوس اليمنيين دون أن يملك حتى الاعتراض، ناهيك عن المبادرة؟.
والأشد مرارة، أن النخب السياسية والثقافية والإعلامية التي يفترض بها أن تكون بوصلة الوعي، اختارت أن تكون أبواقا رخيصة لتمجيد السعودية والإمارات، بعد 11 عاما من التدخل العسكري الذي مزق الجغرافيا، ودمر النسيج الاجتماعي، وخلق كيانات مشوهة لا تمت لليمن بصلة، تمجيد يصل حد العبادة، وكأن هذه الدول صانعة المعجزات، لا أدوات تمزيق وصناعة الخراب!.
أي ذل هذا الذي يجعل كاتبا أو إعلاميا يصفق لدولة انتهكت السيادة، وسجنت، وقصفت، ومولت المليشيات والانفصاليين؟ هل مات الإحساس الوطني فينا إلى هذا الحد؟ أم أن العبودية بأشكالها الجديدة قد وجدت لها مرتعا خصبا في النفوس المهزومة؟.
الخطير في كل هذا، أن ما يجري لا يبشر بأي مخرج قريب، فاللاعبون الرئيسيون لا يبحثون عن دولة، ولا عن عدالة، ولا حتى عن سلام، بل عن مصالح ونفوذ، ومن يفترض بهم أن يكونوا صوت الشعب، تحولوا إلى سماسرة صامتين، إن لم يكونوا شركاء في الجريمة..
لقد آن الأوان لأن يقال بوضوح: لا الأمم المتحدة، ولا التحالف، ولا الشرعية، ولا النخب المأجورة، تمثل مستقبل اليمن، وحده الشعب اليمني، بوحدته ووعيه، قادر على كسر هذه المعادلة الجهنمية، واستعادة قراره الوطني المختطف..
لكن ذلك لن يحدث ما لم نسقط الأقنعة، ونكف عن ممارسة الخداع الذاتي، ونسمي الأشياء بمسمياتها: خيانة، عمالة، عبودية، هذه ليست مفردات قاسية، بل توصيف دقيق لواقع يجب تغييره جذريا إن أردنا مستقبلًا مختلفا.!
*من صفحة الكاتب بالفيسبوك
اضف تعليقك على المقال