يمن اتحادي هو منصة إخبارية رقمية رائدة تسعى لتقديم تغطية شاملة وعميقة للأحداث الجارية في اليمن، مع التركيز على تقديم صورة واضحة وموضوعية للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد

الجمهورية من المغني إلى الشدادي

شعيب الاحمدي

 

الكاتب: شعيب الأحمدي

أكتوبر، الشهر الخالد في ذاكرة البلاد أرضًا وشعبًا، يمثل خلاص اليمنيين من الاستبداد والاستعمار ومخلفاتهما، رغم تضحيات الأبطال الذين استشهدوا تحت راية المجد المعانقة لسماء الحرية "الله، الوطن، الثورة". بين مؤسسي الجمهورية الأولى والثانية، يتجلى دور "علي عبد المغني" و "عبد الرب الشدادي" كرموز للنضال والتضحية لأجل  "تحيا الجمهورية".

بالتزامن مع حلول الذكرى الـ8 لاستشهاده، هذا ما تيسير من سيرته، البطل اللواء عبد الرب قاسم الشدادي، وصفه الشعب بمؤسس الجمهورية الثانية، حيثُ ترك الرتب والنياشين، وانطلق إلى الصحراء لإنشاء جيش يمني لمقارعة الإمامة الجديدة بنسختها السوداء الأكثر تخلفًا وإجرامًا، ارتقى الشدادي شهيدًا مجيدًا في صباحية مظلمة في 7 أكتوبر  2026م، ليكون رمزًا للتحدي والصمود. 

ولد عام 1963م في قرية الغول مديرية العبدية بمحافظة مأرب، بلاد سبأ وتبع وحمير، رغم استشهاد  والده في الـ5 من عمره، تربى فيها على قيم الحرية والكرامة، واستمر في النضال ومقارعة المشاريع الضيقة والتخريبية والطائفية، على نهج السلال والحمدي ولبوزة.

التحق الشدادي بالسلك العسكري عام 1981م، وبعد عام واحد تخرج من دورة المدرعات من معسكر خالد بتعز، وفي العام ذاته تخرج من دورة سلاح المشاة، ويرقى إلى صف ضابط، عاش على النزاهة والاخلاص متفانيًا في عمله في سبيل الوطن والشعب، وواجه الفساد الجاثم في صدر السلك العسكري، حينما كشف الأروقة السوداء المتاجرة بالمخدرات. على أثر ذلك سجن وحكم عليه بالإعدام، بتهمة المخالفات لنظم العسكرية، وتخفيفًا لذلك القرار التعسفي، خرج من سجنه بقرار ظالم بفصله من السلك العسكري. 

يعد الشدادي، الرجل الذي أخذ من الحرية منطلقًا إلى النضال الجمهوري، ومن التضحية والفداء مشعالًا للمقاومة المتجدّدة، وأثبت ذلك بشجاعته في مواجهة التحديات. عاد عبد الرب، البطل الحميري العتيد الذي أخذ من جسارة القردعي قدوة للمكافحة الظلم والاستبداد، إلى السلك العسكري من جديد بطلب من الفريق الركن على محسن الأحمر، بعد أن علم ببطولاته الكثيرة وشجاعته الفذة في ميادين الحرية المختلفة.

 لقد أثبت ذلك الرجل وطنيته من خلال وقوفه الدائم مع الشعب، وقرار الشعب في شأن خلاصه وحياته، وبإيمانه بحرية اليمن، بدءًا من ثورة الشباب السلمية 2011، بدأ بحماية ساحة الحرية والتغير بصنعاء حينما كان قائدًا كبيرًا في اللواء 170 مدرع التابع للحرس الجمهوريّ الذي يقوده نجل الرئيس الأسبق صالح، وبإيمانه أن التغير سنة كونية في الدولة والمجتمع، تحدث الشدادي:
-"كنا نتوقع ثورتنا (11 فبراير) قبلهم كلهم ". 
بعد ذلك التحق بالثوار خالعًا النياشين ليخوض حياة جديدة بالسلم لتحقيق تغير البلاد مع الشعب. 

وعندما تحولت الحركة الثورية السلمية إلى مقاومة مسلحة، اتخذ  من روح "علي عبد المغني" مثالًا له في مقاومة الإمامة الجديدة بنسختها الحوثية، التي تعد أكثر سوءًا. وفي أبريل 2015 تم تعينه قائدًا للمنطقة العسكرية الثالثة من قبل الرئيس هادي، وأسس جيشًا وطنيًا يتبع الدولة والجمهورية:
-لا يمكن أن تستقر بلدنا إذا لم يكون هناك جيش على مستوى المسؤولية، جيش لا يتبع حزب ولا يتبع قبيلة ولا يتبع مذهب وإنما يتبع عقيدته ويدينه ثم وطنه".

تقلد الشدادي، مناصب عدة ومختلفة، وعلق على صدره نياشين الجمهورية، وشهد له بجسارته ونضاله الثوري منافسيه وأصدقائه. قاد معركته الشهيرة "النصر اثنين" في مديرية صرواح،  2016/9/7م التي تهدف لتحرير بقية المديرية، أعد لها خلال نصف شهر، حسب قوله، ليكون مثالًا للبطولة والفداء. 

 استشهاد الشدادي يعد خسارة كبيرة لليمن، ولكن البلاد تظل ولادة مستمرة للأبطال، وذكراه خالدة كمصدر إلهام للأجيال من رجال الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، في مواصلة النضال من أجل الحرية والكرامة.

اضف تعليقك على المقال