يمن اتحادي هو منصة إخبارية رقمية رائدة تسعى لتقديم تغطية شاملة وعميقة للأحداث الجارية في اليمن، مع التركيز على تقديم صورة واضحة وموضوعية للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد

السنوار.. كاتب المعركة وروائي الحقيقة

شعيب الاحمدي

 

الكاتب: شعيب الأحمدي

"‏يا "يحيى" خذِ الكتاب بقوّة" مرحلة سياسيّة وعسكرية جديدة متصلة بجذور الماضي بعد إعلان قيادة المقاومة الإسلاميّة حمـ ـاس ٨أغسطس/آب ٢٠٢٤، عن اختيارها القيادي في الحركة "مجنون غـ ـزة" -كما يصفه الاحتـ ـلال - يحـ ـيى السـ ـنوار، رئيسًا للحركة خلفا للشهيد القائد إسما عيل هنـ ـية، الذي استشهد في ٣١ يوليو/تموز، بالعاصمة الإيرانية طهران.
يأتِ تعين السـ ـنوار، كبشارة عبرت عنها قوى المقاومة أنها تحمل، غيمة خير كون الاختيار في مثل هذا الوقت الذي تمر به فلسـ ـطين خطيرًا على الصعيدين السياسيّ والعسكري، خاصة بعد الفراغ الذي عانت منه الحركة عقب استشهاد هنـ ـية.
تأكد سياسة الحركة اليوم أنها بحاجة إلى قيادة يهابها العدو من اسمها أو صورتها المعلقة على حائط أحد المنصات الإعلامية، كما أن هذا التعين الذي عبرت عنه هيئة البث الإسرائيلية : "تعيين السـ ـنوار رسالة لإسر ائيل أنه حي وأن قيادة حما س بغزة قوية وقائمة وستبقى".
وقد تقلد السـ ـنوار مناصب عده من قبل كان رئيسا لمكتبها السياسي في قطاع غزة منذ 13 فبراير 2017، وأحد مؤسسي الجهاز الأمني لحركة المقاومة حمـ ـاس والذي سُمِّيَ جهاز الأمن والدعوة عام 1985، وكان مختصًا بملاحقة جواسيس الاحـ ـتلال الصهـ ـيوني.
دخل السجن ثلاث مرات وفي 89 حكم عليه الاحـ ـتلال بالإعدام مدى الحياة و25 عام أخر، إلا أنه أفرج عنه في تبادل الأسرى مقابل قيادي عسكري صهـ ـيوني في 2011م. 

الشبح

اختيار الحركة بهذا التوقيت الصعب لأبو إبراهيم، يؤكد مدى قوتها الداخلية وسرعتها لرد الصفعة وكسر غرور إسر ائيل التي كانت تتفاخر أنها أضعفت الحركة بعد استشهاد هنية، ذكره الشاعر محمد الهتار :
"وما قتَلتْ منا أبا العبدِ 
كيف لا!!
وفي موتِهِ "يحيى" بعمرٍ مُقاومِ
سقاها مناياها بروحٍ "هنيةٍ"
فماتَ لكي "يحيى" وليدَ الملاحمِ
وقد يئسَتْ من فعلِهِ وهو عاقلٌ
فكيفَ بمجنونٍ من الموتِ قادمِ؟ ".

من هو يحيى السنوار؟ الذي وصفته إسرائيل "الشبح، العقل المدبر"، الذي عيش الاحتلال الإسرائيلي، أصعب منعطفات معركة القضيّة الفلسطينية، قيادي سياسي ميداني لدى حركة حماس، وتعتبره إسرائيل العقل المدبر لمعركة طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023م. 
على مدى السنوات العشر الأولى كانت إسرائيل قد احتفت عدة مرات بمقتله، إلا أنه كان يظهر كالشبح لينكس رأس الاحتلال الإسرائيلي، أبرز صدمة حدثت في 2021م بعد قصف منزله وتدميره بالكامل في وسط القطاع المحاصر، إلا أنه ظهر بعد أيام متجولًا في الشوارع متحديًا لوزير الدفاع الصهيوني أن يقصفه إذ تجرئ، خلال الساعة المشروطة بالتجول حتى يصل إلى منزله لكنه لم يحدث ذلك.


الشوك والقرنفل

لم يقتصر عمل يحيى السنوار في القيادة الميدانية والسياسية والتخطيط العسكري، لقد كان روائيًا متمكنًا وكاتبًا حصيفًا، معلمًا للغة العربية وتلميذًا في الجامعة الإسلاميّة بغزة.
 حينما كان داخل السجن الإسرائيلي اجتهد وتعلم اللغة العبريّة من خلال الكتب والجرائد الإسرائيليّة التي كانت توصل له، حسب تصرح حارس السجن للقناة الرسمية الإسرائيليّة. 
لـ يحيى السنوار رواية  "الشوك والقرنفل" كتبها خلال فترة السجن 22 عاما، يبدو للوهلة الأولى من قراءة الرواية أنَّ السنوار يسرد تجربته، أو سيرته الذاتية التي عاشها منذ نعومة أظفاره حتى ختام الرواية.
تعفي السردية بهذا القالب الروائي الذي لم يخل بما يرى الشكلانيون بالجماليات النصية، كونها كتبت في السجن، إذ كتبها بقالب السيرة الذاتية قد تكون إدانة له كونه متهم بمقتل جنديين إسرائيليين وأربعة مخبريين فلسطينيين.
وأكد السنوار ذلك حينما قال في مفتتح روايته: "هذه ليست قصتي الشخصية، وليست قصة شخص بعينه، رغم أن كل أحداثها حقيقية .. الخيال في هذا العمل فقط في تحويله إلى رواية"، "ليخبرنا بهذا أنه قد اختار الرواية، كنوع أدبي، لسرد تاريخ المجتمع الفلسطيني من هزيمة 1967 حتى انتفاضة الأقصى عام 2000م.
ولأنها كُتبت في هذا المكان البائس، كان عليه أن يستدعي التفاصيل الدقيقة للحياة التي قضاها "أحمد" بطل الرواية، مع شخوص وحكايات مختلفة بوصف تفصيلي للوقائع والأماكن والنفوس، كي  تساعده على ترويض الوقت الثقيل، وكسر الملل، ومواجهة النسيان، أو التشبث بالحياة، التي تجري خارج الأسوار.
إن من يقف على قراءة سيرة يحيى السنوار وما قدم لأجل القضيّة الفلسطينية، سيستقيم على المقاومة والنضال وسيرفض كل أنواع الاستعمار والاحتلال، وسيبذل قصاري الجهد حتى يتحرر من الاستعباد، ولن يقبل بالعيش تحت أي انتداب مستبد، كما قال السنوار: "إننا نفضل أن نموت شهداء على أن نموت قهراً وإذلالاً".

اضف تعليقك على المقال