يمن اتحادي هو منصة إخبارية رقمية رائدة تسعى لتقديم تغطية شاملة وعميقة للأحداث الجارية في اليمن، مع التركيز على تقديم صورة واضحة وموضوعية للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد

لو استطعت تربية قطة سأصبح كاتبًا

شعيب الاحمدي

 

الكاتب:  شعيب الأحمدي 

لو استطعت تربية قطة سأصبح كاتبًا، هذا ليس أمرًا عاديًا يستهان به في ظل هذه الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، لكن الاستمرار في المحاولة وتغيرها من قطة برية متمردة لا تقدر الوضع إلى أليفة طائعة ليس سهلًا، ولا خيار أخر غير هذه الطريقة، حتى أتمكن من الصبر على قراءة الأدب العربي والأجنبي بلا ملل واكتئاب، يجب أن أبذل قصاري جهدي في تربية هذه القطة التي اسميتها "جودي" لأني من خلالها سأفتح مجالًا واسعًا للإدراك أن الحياة بحاجة إلى مرونة وبذل وعطاء حتى تنجح، وعقلي كذلك بحاجة إلى طعام مختلف، سأبحث عن طعام صحي وماء نقي لأشبعها حتى أنني سأتناول معها على مائدة واحدة وخلال الأكل سنتناقش عن رواية د. مروان الغفوري الأخيرة سأسأل هل ستكون مثل "جدائل صعدة"؟ سأشتري لها سرير للراحة جواره اضاءه هادئة حتى تتمكن من النوم بكل هناء، كما أعمل بعد قراءة قصص عبدالله شروح، أو مقالات محمد المياحي.
 الأمر شاقًا أن تعمل لأجل الحصول على هذا الشيء في هذا الوضع الاقتصاديّ الضيق، لكنه سيساعدني في الكتابة عن الفقراء والمتسولين، حتى أولئك المتزمتين سأعلم كيف يتدللون عن أهاليهم، سأكتب قصة عن استغلال التجار للمواطنين، سيكون عنوانها "اللص الذي يسرقك برضاك" قد يكلف هذا الأمر أيام أو أسابيع أو أشهر؟ وقد يكون عامًا كاملًا لكني سأنجز شيئًا على الأقل يستحق أن يعالج قضايا مجتمعية، وسأصبح حينها كاتبًا. 
قد أنمَ لليالي عدة بلا طعام لكني لن أسمح أن يمر يوم واحد دون أن أطعم القطة، كون العقل إذا شعر بجوع الجهل يرتكب الأخطاء والفقراء هم أكثر ضحايا أخطائهم وأخطاء غيرهم، لن يذهب يوم واحد دون أن أكتب شيئًا صادفته في أحد الشوارع المليء بالنفايات المتراكمة، كونه يجعل من "جودي"  اللطيفة حيوانًا جائعا تريد أن تأكل، لكني سأمنعها من تناول هذه القاذورات، لأتأكد أنني كاتبًا سأصحو من عمق النوم لأكتب عبارة حلمت بها، أو عندما أكتب عبارة خطرة في ذهني على جدار الحمام وأنا اقضي حاجتي .
 سأسهر لليالي طويلة على كرسي أو في أحد الزوايا الضيقة للبيت، أكتب عن الفتاة التي صادفتها في الكلية هذا الصباح كم أرجو أن تعود للمرة الثانية لأخبرها أنني أحبها من أول لقاء، سأخبرها أن النقاش عن مدى حاجة قسم الإعلام لأستديو تصوير أمرا مهما، سأستفزها حتى توعدني أنها ستعمل على إقامة مبادرة مع طلاب دفعتها على فتح أستديو، حينها سأبدأ أكتب عنها الحب والغزل حتى أوقعها في حبي، دون أن أعلمُ أن "هيلين" ستصبح زوجتي ذات يوم، سأكتب لها قصة معنونه "الحب جهاد نصر أو استشهاد".
أعلمُ أن الأمر ليس سهلًا أن أعتكف بجلسة واحدة على قراءة القصص التي كتبها محمد عبدالولي كاملة في ليلة ونصف اليوم الآخر، حتى أكتب مقالة كيف تناول القضايا الاجتماعيّة ونقلها من ذلك الزمن إلينا، سيساعدني تربية القطة من تجاوز الملل والغضب على هيلين، عندما تنجب أول طفل وتخرج إلى العمل، حينها سيكون لي خبره في فهم الأطفال. 
تربية القطة سيساعدني في اخفاء قصة حبي السرية مع الطبيبة النفسية، تعرفت عليها في عيادتها بالتحرير، سأكتب لها قصة معنونه "رحلة علاج من الاكتئاب إلى الحب" سأظل أنكر أنني متزوج، سيعود الغضب على فتاة الكلية من جديد، لكنها ستكون تراضيني الطبيبة، بعد إصدار المجموعة القصصية الثالثة في العمر الخامس والثالثين سأحصل على جائزة مرموقة فيها مبلغ كبير من المال سأشتري سيارة منها، حينها ستكتشف هيلين أنني متزوج الثانية وستطلب الطلاق ولن أعترض.
 في الأربعين ستكتشف الطبيبة أنني أخونها مع السكرتيرة في العيادة، ستطردها وتطلب الطلاق أيضًا، سأطلقها حينها ستكون قد أنجبت ثلاثة أطفال وبنت، سأدخل بحالة اكتئاب بعد سن الأربعين سيصبح العلاج رفيقي الدائم بدلًا من القطة التي ربيتها سينتهي المال الذي جنيته طيلة ثلاثين عاما حق السفريات والصرف على فتيات الليالي الباردة، قبل الموت سأكتب آخر مجموعة قصصية عن فتاة الكلية حينها سأعترف لها أنها الوحيدة التي أحببتها، عندما أموت لن يرافق جنازتي غير عشرين شخص عندهم قرضًا من المال، ستكون دعواتهم كي يغفر الله لهم عن هذا الدين، بعد أن يكملوا الدفن سينسيني الجميع، وستظل هذه القصص حية وتتناقل بين الأجيال.

اضف تعليقك على المقال