ارسال بالايميل :
7795
الكاتب : عمر الحار
تدارك العرب اهمية تدوين موروثهم من الشعر الجاهلي ، وبادروا الى حفظه بالكتابة بدلا من اعتمادهم على الرواية الشفهية له القابلة للذوبان مع الزمن وتدخل اجتهادات الانسان واللسان فيها بالحذف او الاضافة تاسيا بطريقة نقل الاخبار اليوم والتصرف فيها وفقا و المصلحة منها . باعتباره اساس اللسان العربي وحجر الزاوية في تأسيس نظامها اللغوي المتكامل على مراحل من التاريخ . ، و تطور الارشيف الثقافي والعلمي للعرب بدخولهم عصر التدوين رغم مظاهر العبث في ضياع الكثير منه رغبة لنزوات حكامهم في مراحل مختلفة من تاريخهم التي شهدت تلاعب غير مسبوق بنتاج العقل العربي وبالذات في ذروته الفكرية والثقافية والفلسفية مما ترك فجوات قاتلة في مراحل مختلفة من اطوار بناءه المعرفي والعلمي اتخذ منها الجهل عشا لتكاثر خفافيشه في ظلماتها حد القضاء عليه بحلول عصور الانحطاط وتراجع ازدهار الحضارة العربية الاسلامية بعد اربعة قرون متوالية .
ولم يعي العرب اسباب نكبتهم التاريخية الراجعة اصلا لخيانه العقل العربي لتاريخه وعلمه ، و تاجيره في كل الاحوال للطغاة من الحكام منذ صدر الدولة الاسلامية والى اليوم .
ولست بصدد كتابة بحث علمي مستوفي الشروط والاركان عن ذلك الاختلال الرهيب في عقلية وشخصية الانسان العربي بقدر السعي لتوظيف الافكار والاستفادة منها قدر الامكان لتفسير ما تواجه الامة اليوم من انتكاسات في حياتها نتيجة لغياب العقل و اشراقات نوره فيها ، والانقياد الطوعي للميثولوجيا الدينية والاستسلام لها وسط عجزنا عن الاستفادة منها في صناعة العقل بمفهومه العلمي الواسع تماشيا مع دورها و محاولاتها اللاهوتية المستميتة لاعادة بناء الشخصية الاسلامية الهزيلة ، باستلاب سلطات العقل منها ، والقبول بتغيير دوره في عمليتي التفكير والتعمير و انقياده كعمي البصيرة في حقول من الغام الحياة والحضارة الانسانية المعاصرة التي تم تشييدها بقوة العقل ، والانقياد له ، بعد تخلص الغرب من سلطة الكنسية لا الدين والاعتماد على سلطان العقل مكرمة الرحمن الاولى و معجزته في خلق الانسان المستخلف في الارض ، والجدير باعمارها . فهو المنظم ، وهو القائد ، وهو المعلم ، بينما ظل العقل العربي محاربٌ من السلطات حتى كتب الضياع لهما معا ، و اجبارهما بالعيش على هامش التاريخ الحضاري والرقمي المعاصر .
هذه مداخلة اولية وبسيطة لمعرفة جوهر واسباب ازمة العقل العربي في مختلف مراحل تاريخ العرب ، رغم شغفي الكبير بمقولات و مدلولات المفكر العربي الكبير محمد عابد الجابري رحمة الله تغشاه الى يوم الدين . وشدة انبهاري بموروثه الثقافي العظيم خدمة للعقل العربي ، و معرفة مصادر و مراحل تكوينه ، لكنها للاسف الشديد في غفلة عن العقل العربي المعاصر .
مذكرا بفنائه لقرابة عشرين عاما في بحثها وتحقيقها و تأليفها . و سيبخل جل العرب ونخبهم في التضحية بثلاثين يوم من اعمارهم المهدورة اصلا في قراءتها ومحاولة الاستفادة المعرفية منها ، للوقوف على اسباب تخلفهم الحضاري الرهيب .
اضف تعليقك على المقال