ارسال بالايميل :
9760
الكاتب : عادل الشجاع
أصدرت نقابة الصرافين في العاصمة المؤقتة عدن بيان استنكار وإدانة الصمت المطبق والمخزي من قبل سلطات الشرعية إزاء التدهور والنزيف الذي أصاب العملة الوطنية مقابل الدولار ، بعد أن وصل قيمة الدولار مقابل الريال ١٦٣٠ ، في حين حافظ على قيمته في صنعاء عند ٥٢٥ ريال للدولار .
طبعا لن يسمع أحد لنداء الاستغاثة الذي وجهته نقابة الصرافين ، فمجلس القيادة منشغل بمتابعة مرتباته من قبل اللجنة الخاصة ورئيس الحكومة منشغل بترتيب وضع زوج عمته الذي عينه ملحقا ثقافيا في مملكة المغرب ورئيس البرلمان منشغل بعرس الأولاد ورئيس مجلس الشورى منشغل بوضعه خوفا من أن يتم إقصاؤه واستبداله بشخص آخر كونه لا يستطيع أن يعيش بدون سلطة ووزير الإعلام منشغل بتوزيع مقابلته على مجموعات الواتس التي أنشاءها من ميزانية الوزارة ، أما قيادات الأحزاب فهي منشغلة بترتيب أوضاعها في فلك التبعية للسعودية والإمارات .
أما السعودية والإمارات فالوضع مناسب بالنسبة لهما ، لأنهما أختارتا دعم المليشيات وليس دعم الدولة أو تحديثها وتحديث مؤسساتها ، وقد رأينا كيف أنهى هادي وأبناؤه ومن بعدهم العليمي ومجلسه الشرعية بإخلاص غير محدود وساعدوا على صف البلاد وراء السعودية والإمارات بمقابل شخصي والاحتمالات القادمة مرعبة .
نحن أمام دولة تنهار إداريا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا وأخلاقيا ومع ذلك ماتزال النخبة السياسية متمترسة وراء مصالحها ، وأمام ذلك لا توجد أي مؤشرات حقيقية تبعث على التفاؤل ، فكل المؤشرات زائفة ، لأن أمر اليمن خارج اليمن في عدة عواصم ليس من بينها عدن أو صنعاء .
ما تقوم به السعودية والإمارات ليس أكثر من حقن سلطة الشرعية ببعض العقاقير التي تمنعها من الانهيار كسلطة ، ولا يهم بعد ذلك انهيار المجتمع وارتفاع نسبة الفقر وارتفاع الأسعار وغياب الخدمات الأساسية ، وليس بوارد لدى أي طرف إنقاذ البلاد أو حتى اتخاذ خطوات للتخفيف من الأزمة الإنسانية .
ولست بحاجة للقول ، إن المشكلة لا تكمن في سلطة المليشيات الممثلة بمجلس القيادة الرئاسي ، فحسب ، بل تتعداها إلى النخب القديمة التي تعيش حالة تفسخ وتشوه ، التي تحالفت مع منظومة الفساد الجديدة والتي كان الشعب يظن فيها خيرا ، لكنه اتضح أن هذه النخب تعاني من هشاشة أخلاقية بدرجة أساسية وأنها لم ترتبط بالوطن إلا بقدر ارتباطها بمصالحها الخاصة ، لذلك تعيش موزعة بين عدة عواصم لا يهمها من أمر الوطن سوى الاعتناء بأسرها وليذهب الوطن إلى الجحيم ، وإذا استقر وحدث سلام فسيعودون إليه لأخذ نصيبهم من السلطة .
كان المواطن اليمني ينتظر من تلك النخب أن تشكل نواة جديدة تتوحد حول الوطن وحول مطالب الناس وترتبط باستراتيجية متماسكة وفاعلة بحيث تخرج من شبكات الفساد الطفيلية المتلفعة بالمناطقية والحزبية ، لكن ذلك لم يحدث .
هناك بالطبع بون شاسع بين الرواد الذين استطاعوا الإقلاع بثورة ٢٦ سبتمبر و١٤ أكتوبر وجعلوا الشعب اليمني يلتف حولهم شمالا وجنوبا وبين النخبة الحالية التي سقطت في مستنقع التبعية وسوء الفساد ، تمارس على الشعب حصار التجويع بطريقة وقحة ، ودائما ما نجد الحكومات تشكو الصرافين وتلاعبهم بالعملة الصعبة ، لكننا وجدنا في اليمن الصرافين هم الذين يشتكون من الحكومة ، وأنا أقترح على نقابة الصرافين أن تشكل مجلسا اقتصاديا لأدارة الوضع الاقتصادي في البلاد ولا ينتظرون من عملاء أن يتحولوا إلى وطنيين ، فمن أشبع نفسه وأولاده على حساب دماء الناس ، لا يمكن أن يكون يوما ما مع الشعب .
*من صفحة الكاتب بالفيسبوك
اضف تعليقك على المقال