ارسال بالايميل :
3615
الكاتب : محمد عاطف*
في البداية، دعونا نتحدث بصراحة وبلغة سياسية ساخرة لا تخفي الحقائق ولا تتجمل بالكلمات. نحن هنا لنتناول قضية الجالية اليمنية، التي باتت مسرحًا للعبة سياسية تشبه لعبة الكراسي الموسيقية، حيث الفائز هو من يملك الحنكة السياسية لا الكفاءة أو الاستحقاق.
أولاً، دعونا نتحدث عن الانتخابات والنزاهة - أو بالأحرى، عن غياب النزاهة. في عالم مثالي، الانتخابات هي تعبير عن إرادة الشعب. ولكن في عالمنا الواقعي، يبدو أنها تعبير عن إرادة بعض افراد الأحزاب السياسية التي تدير العرض وتقوم على تدنيس الحزب بتصرفات فردية. إنها تشبه إلى حد ما عرضًا تلفزيونيًا، حيث الجميع يعرف النهاية قبل أن تبدأ اللعبة.
ثانيًا، هل نتحدث عن تغييب الشباب؟ نعم، بالطبع، لأنه من الواضح أن الشباب هم الوجه الآخر للقمر الذي لا نراه في سماء السياسة. الشباب، بطاقاتهم وأفكارهم، يُتركون خارج الغرف المغلقة حيث يُصنع القرار. فلماذا نستغرب حين نجد أن الأفكار الجديدة والابتكار هما الغائبان الأكبر في معادلة الجالية؟
يبرز الشباب كأبطال مغمورين، رغم أنهم يمتلكون القدرة على تحويل السرد من مأساة إلى نجاح باهر. ليس الشباب وحدهم، بل ينضم إليهم الطلاب والأكاديميين والمثقفين، مشكلين تحالفاً قوياً قادراً على الإسهام بفعالية في رسم مستقبل الجالية.
في هذا العالم المسرحي الذي نعيشه، يتم تجاهل هؤلاء الشباب وتهميشهم كأنهم مجرد زوار غير مرغوب فيهم في مأدبة الكبار. ومع ذلك، هم يمثلون الحيوية والطاقة والأمل. من خلال تعليمهم وطموحهم، يحمل الطلاب والأكاديميون والمثقفون القدرة على تحليل الواقع بنقد بناء وتقديم حلول مبتكرة للتحديات التي تواجه الجالية.
هذه المجموعة من الشباب، المسلحين بالمعرفة والفكر النقدي، يمكنهم العمل كمحركات للتغيير الإيجابي. يمكن للطلاب والأكاديميين إثراء النقاشات بأفكار جديدة، بينما يمكن للمثقفين توسيع آفاق الفهم والتقدير للتنوع والتعددية الثقافية.
ومع ذلك، في هذه المسرحية السياسية، يبدو أن دور هؤلاء الشباب قد تم كتابته بعناية ليكون دوراً ثانوياً، محدوداً في الأهمية. يُتوقع منهم الجلوس في الصفوف الخلفية والتصفيق للأبطال الحقيقيين - الأحزاب والمؤسسات المسيطرة.
ومع ذلك، يجب أن يكون دور الشباب والطلاب والأكاديميين والمثقفين في صميم العملية الديمقراطية. يجب عليهم المطالبة بمكان على الطاولة، ليس فقط كمستمعين، بل كمشاركين فعالين في صناعة القرار. فقط من خلال دمج هذه الأصوات الشابة والمتعلمة والمستنيرة يمكن للجالية أن تتحرك نحو مستقبل يتسم بالتقدم والازدهار.
ويجب على الجالية اليمنية التعرف على قيمة هذه الأصوات الشابة وتحفيزها، وإعطائها الفرصة لتقود وتبتكر. إن الاستثمار في الشباب والطلاب والأكاديميين والمثقفين ليس مجرد استثمار في الأفراد، بل هو استثمار في مستقبل الجالية بأكملها. فهم ليسوا مجرد شخصيات في مسرحية سياسية، بل هم الكتاب والمخرجون والممثلون في قصة النجاح التي يمكن أن تكتبها الجالية اليمنية.
ثالثًا، لنتحدث عن المرأة. أوه، المرأة! تلك الكلمة التي تحمل في طياتها قوة هائلة ولكنها في نفس الوقت تتلاشى كالسراب في بيئتنا السياسية. المرأة، التي ينبغي أن تكون نصف المجتمع، تُترك خلف الكواليس في هذه المسرحية السياسية، وكأن دورها ينتهي بمجرد رفع الستار.
رابعًا، العمل المجتمعي بدون إطار حزبي. هل هذا حلم أم حقيقة؟ يبدو أن افراد محسوبين على الأحزاب السياسية قد أصبحت الطباخ الوحيد في مطبخ الجالية، حيث يتم تحضير كل الأطباق وفقًا لذوقها. العمل المجتمعي الحقيقي يحتاج إلى تنوع في المكونات، وليس فقط التوابل الحزبية.
خامسًا، دعونا ننظر إلى الجالية المهمشة. هذه الجالية تشبه الكنز المدفون، الذي لا يجد من يحفر ليكتشفه. إذا استمر هذا الإهمال والتهميش، فإن الجالية ستظل كسفينة بلا شراع، تائهة في بحر السياسة.
سادسًا، الأهداف لشمول الجالية. الهدف هو بسيط: جعل الجالية مظلة تحتوي الجميع، لا تميز بين عضو وآخر. ولكن لتحقيق هذا، يجب أن نخلق نظامًا يعترف بالتنوع ويحترم الاختلاف.
سابعًا وأخيرًا، خطر سيطرة افراد الأحزاب على الجالية سوف يؤثر على انشطة وفعاليات الجالية وتصبح الجالية بمثابة لوح شطرنج يلعب عليه السياسيون لعبتهم، متناسين أن كل قطعة على هذا اللوح هي حياة إنسان.
وفي النهاية، لا يمكن التغاضي ويجب ان نتعلم الدرس عن الدور الذي لعبه بعض الأفراد والموظفين في السفارة، والذي استمر لأكثر من ثمان سنوات، في التأثير سلبيًا على الجالية اليمنية. هؤلاء الأفراد، بتدخلاتهم الخفية، تسببوا في إعاقة مهام السفير السابق، وكانوا بمثابة العقبة التي تعرقل كل خطوة إيجابية نحو تحقيق التماسك والتقدم المجتمعي.
لقد تحولت هذه التدخلات إلى يد خفية تحرك الدمى في مسرح العرائس، حيث أصبحت الجالية مجرد أداة في يد هؤلاء العرائسيين. بدلاً من أن تكون الجالية قوة فاعلة ومؤثرة، تحولت إلى ضحية لمناورات هؤلاء الأفراد الذين كانوا يسعون لتحقيق أجنداتهم الخاصة.
كان لهذه التدخلات تأثير مدمر على الأعمال المجتمعية التي كانت تصب في مصلحة الجالية. بدلاً من تعزيز الوحدة والتعاون، عمل هؤلاء الموظفون على هدم الجسور التي كان يمكن أن تبنيها الجهود المجتمعية. إنهم لم يكتفوا بذلك، بل أخذوا على عاتقهم مهمة تسييس الطلاب والشباب وكانوا سداً وعائقاً امام كل فعاليتهم.
كل ما كان جميلًا ويعكس الدور الإيجابي للطالب والمرأة ومنظمات المجتمع المدني، كان يتم تشويهه وعكسه بصورة مغلوطة للسفير السابق. فكانوا يربكون المشهد أمامه بصورة متعمدة، ليصبح دور السفارة ضلاميًا ومقيتًا، معيقًا لكل محاولة نحو التقدم والتطور.
إن تدخل هؤلاء الأفراد والموظفين في شؤون الجالية ليس فقط عقبة أمام السفير السابق وتشويه دور رئيس الجالية علي صالح ولكنه ايضا عقبة أمام تطور الجالية بأكملها . ونامل ان لايتكرر المشهد وعلى السفير الحالي الوعي بخطورة هذه التدخلات واستمرارية عمل هؤلاء الافراد تحت مظلة السفارة حاجز وتشويه كل ماهو جميل ، والعمل على ان لا يكون أفراد السفارة عامل هدم بل يكونوا عامل مساهم في بناء مجتمع يمني قوي ومتماسك. وان ينشغلوا في قضاياهم الدبلوماسية ليعكس الصورة الحقيقية والإيجابية للوطن في تحقيق آمال وطموح ابنائه في الداخل والخارج.
وفي ختام هذا الحديث، لا يسعنا إلا أن نتساءل: هل ستبقى الجالية اليمنية أسيرة هذه الألعاب السياسية للمحسوبين على السلك الدبلوماسي وبعض القيادات المحسوبة على الحزبية الذين نصبوا انفسهم في الأمانة العامة للجالية بدعم افراد محسوبين على السفارة، أم ستجد طريقها نحو مستقبل بعيد عن التدخلات حتى تستطيع حشد شبابها وصقل مهاراتهم وقدراتهم، وتعمل على برنامج يسوده العدل والشفافية والديمقراطية؟ الوقت وحده كفيل بالإجابة على هذا السؤال.
*شباب الجالية اليمنيه في مصر
اضف تعليقك على المقال