ارسال بالايميل :
7085
الكاتب : عادل الشجاع
هناك من يمني نفسه بأن الاتفاق السعودي الحوثي سيؤدي إلى إنهاء الحرب وسيفتح الباب واسعا للسلام السياسي والاجتماعي في اليمن ، يدفعهم إلى هذا التمني اعتقادهم بأن جميع القوى السياسية قد استغرقت طاقتها في الحرب وثبت للجميع أن أي طرف من الأطراف لا يستطيع أن يلغي الطرف الآخر .
يعتقد هؤلاء المتفائلون أن الاتفاق بين السعودية والحوثيين ، سيحدث تأثيرا جوهريا على الأوضاع اليمنية وأن الحرب ستنتهي ، وستتحول معه اليمن إلى دولة مستقرة ويجهلون أن السعودية خلال التسع سنوات عمدت إلى خلق وضع في اليمن يشبه الوضع الميليشاوي في لبنان ويتطابق مع نظيره العراقي .
وعلى الرغم من تشابه الوضع الميليشاوي في لبنان واليمن ، إلا أن الوضع في اليمن لا يرقى إلى مستوى تقاسم المليشيات اللبنانية وترتيب مواقعها السياسية والاقتصادية ، فقادة المليشيات في اليمن لا يمكن مقارنتهم بقادة المليشيات اللبنانية ، فليس عبد الملك الحوثي مثل نبيه بري ولا عيدروس الزبيدي مثل وليد جنبلاط وليس من العدل مساواة طارق صالح ببشير الجميل .
فإذا انقلبت الأمور في اليمن وتحولت الحرب إلى سلام ، فإنها لن تكون أقل فضاعة مما كانت عليه الحياة العامة في لبنان ، لأن الوضع في اليمن يضاف إلى ما سبق ، يشبه نظيره العرقي من حيث اختزان العنف في الذاكرة من قبل ذوي الضحايا الذين سقطوا دون أن يكون لهم ذنب ، سوى أن الظروف أوقعتهم تحت سيطرة هذا الطرف أو ذاك .
لقد خلفت الحرب التي قادتها السعودية ، بالإضافة إلى مبرراتها الحوثية ، قيحا يتجاوز أي أمل بإمكانية عودة اليمن كدولة مركزية موحدة ، فالقيح الذي تشكل من الجروح ، يتجاوز أي اتفاق على الطريقة السعودية التي لم تراع في هذه المصالحة ، حتى أدنى معايير المصالحة التي أنجزتها بين الفنانة آصالة والفنانة أنغام .
لآ تريد السعودية أن يمضي اليمنيون نحو إنجاز السلام واستعادة الدولة ، بل تخلق مسببات استعصاء السلام السياسي والاجتماعي ، يتمثل في تقوية الحوثيين ككتلة متماسكة مع حلفائهم وبالمقابل تعمل على تفكيك الشرعية كي لا يسهل على الحوثيين ابتلاع الشرعية المهلهلة وتحويلها إلى شرعيات متعددة تطيل أمد الحرب مع الحوثيين .
يمكن أن نخلص إلى القول ، بأن السعودية أسست مع شريكتها الإمارات كعدوان خارجي ، والحوثي كعدوان داخلي لعنف لا يمكن تصريفه أو تجاوزه بأي توافق سياسي على الطريقة التي تسلكها السعودية مع الحوثيين ، فلا يعقل أن تتخلى هذه المليشيات عن مصالحها عبر أي توافق أو عقد سياسي ، لأن فائض العنف والكراهية التي أسستها هذه المليشيات تطمح من خلالها أن توفر لها شبكة من الحقوق والمواقع .
ونتيجة لما سبق ، فإن الوضع الجديد لابد أن يكفل مصالح المليشيات في ظل وجود نخبة قذرة ابتليت بها اليمن ، نخبة بلا رجولة ولا ظمائر ، سواء من الساسة ورجال الفكر أو من رجال المال ، فلا الأخلاق دفعتهم لتكوين أنفسهم في إطار المشروع الوطني ولا شرف حثهم على العلو والسمو ، فلا قيادة حكيمة ولا حتى غشيمة .
٢ يناير ٢٠٢٤
اضف تعليقك على المقال