يمن اتحادي هو منصة إخبارية رقمية رائدة تسعى لتقديم تغطية شاملة وعميقة للأحداث الجارية في اليمن، مع التركيز على تقديم صورة واضحة وموضوعية للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد

الفيسبوك والتغيير السلبي في حياة الناس

عبدالسلام الدباء
  الكاتب : عبد السلام الدباء* أصبح الفيسبوك في السنوات الأخيرة، من أشهر مواقع التواصل الاجتماعي وأكثرها استخداما بين الناس حول العالم، نظرا لما يوفره من خدمات تواصلية وتفاعلية مباشرة بين كافة المستخدمين على نطاق واسع وعبر خوارزميات متنوعة ومترابطة تسهل كافة أشكال التواصل الاجتماعي بين الناس في مختلف المجتمعات البشرية حول العالم. لكن وعلى الرغم مما قدمه الفيسبوك من خدمات تواصلية فاعلة قربت البعيد وسهلت كل أشكال تدفق وتبادل الأخبار والمعلومات على نطاق علمي واسع وجعلت من العالم أشبه بقرية صغيرة، إلا أنه في الوقت نفسه، قد تسبب في إحداث تغيير سلبي كبير في حياة الكثير من الناس في كل دول العالم، بل يمكن القول بأنه أسهم بشكل كبير في إفساد الكثير من العلاقات الاجتماعية بين الناس وأحدث حالة من الفوضى في حياتهم الاجتماعية العامة بشكل كبير. لقد أسهم الفيسبوك في تدمير العديد من الصداقات بين الأشخاص في حالات كثيرة من خلال الإدمان على الفيسبوك أو بسبب الاعتماد علية كوسيلة رئيسية للتواصل والتفاعل مع المجتمع المحلي ومع الأهل والأصدقاء، فمثلا عندما يقوم البعض بقراءة الرسائل والمنشورات المرسلة آلية من أصدقائه المقربين دون الرد عليها، فإن هذا التصرف قد يؤدي إلى شعور الطرف الآخر بالإهمال والتجاهل، مما يؤثر سلباً على العلاقات القائمة فيما بينهم تبعا لذلك التصرف. ويمكن القول بأن الفيسبوك، قد جعل الناس اليوم يعيشون في عالم مختلف عن بعضهم البعض، حتى وهم في نفس المكان، فالمستخدمون يتمسكون بأجهزتهم المحمولة ولا يتواصلون مع الآخرين على الواقع، بل يعيشون في عالم افتراضي يسيطر عليهم وأصبح كل شخص منهم مهتما بأنشطته ومنشوراته الخاصة، مما يضعف التواصل الواقعي والمباشر بينه وبين الآخرين. وفي السابق، كانت العلاقات الاجتماعية تبنى على الثقة والصداقة الحقيقية بين الأشخاص، ولكن اليوم ومع وجود الفيسبوك، فقد بدأت الصداقات تتلاشى وتتحول إلى روابط مجردة على الإنترنت، وازدادت حالات فقدان الصداقة وتدهور العلاقات بين الأقارب، وذلك بسبب اختلاف الرأي أو سوء التفاهم على الفيسبوك، وأصبح من السهل فقدان هذه العلاقة نتيجة الحظر أو الحذف لاي صديق بدلا من التفاهم وحل الإشكال معه وجها لوجه. ولم يقتصر الأمر على ذلك فحسب، بل أصبحت مشاركة الناس في المناسبات مثل تقديم واجب العزاء أو التهنئة بالمناسبات السعيدة تتم عبر كلمات أو نصوص مختزلة أو عبر رموز الايموجي وعلامة الإعجاب وغيرها، بدلا من المشاركة الشخصية في الفعاليات والتواصل المباشر على الواقع، وهذا التغيير الذي أحدثه الفيسبوك في الطريقة التي يعبر بها الناس عن مشاعرهم، يؤدي إلى فقدان الروح الإنسانية والتواصل الحقيقي فيما بينهم. وعلاوة على ذلك فإن الفيسبوك بشكل عام، قد غير نمط حياة الناس وجعل جميع العلاقات فيما بينهم مرتبطة بشاشات الهواتف حتى أصبح الجميع مدمنا على التصفح المتواصل والتفاعل مع منشورات الآخرين، بل إن البعض قد أصبح يعيش مع الفيسبوك في حالة إدمان خطيرة بكل ما لها تأثير سلبي على صحته النفسية والتي قد تصل إلى مرحلة الاكتئاب والانطواء الاجتماعي بسبب الانفصال عن العالم الحقيقي والغرق في العالم الافتراضي. وبالنظر إلى كل ما سبق، فإن الفيسبوك قد أدى إلى فقدان التفاهم بيننا كأفراد وجعلنا نحكم على الآخرين بناء على كلمتين نقرؤهما في منشوراتهم، وقد أصبح لدينا ردود أفعال سريعة وجاهزة ومستندة إلى التعليقات المكتوبة أو الرموز والصور التعبيرية، ودون أن نأخذ في الاعتبار خلفية الشخص أو حقيقة واقعه الراهن والظروف المحيطة به، وبالتالي نصبح أقل تسامحا وأكثر قسوة تجاه بعضنا البعض. وفي النهاية، يجب أن ندرك أن الفيسبوك ليس لوحده سببا رئيسيا لتدمير العلاقات الاجتماعية، وذلك لأنه مجرد أداة يستخدمها الناس بشكل غير سليم، ومن هنا فإن الناس أنفسهم يتحملون جزءا من المسؤولية من خلال طريقة استخدامهم المفرط وغير الرشيد لهذه الأداة، ولذلك فإنه ينبغي التأكيد على ضرورة الاستخدام المقنن والواعي للفيسبوك ولكل وسائل التواصل الاجتماعي وبطريقة أكثر حكمة وعقلانية، وأن نعمل على إعادة النظر في نمط حياتنا الاجتماعية لنحقق التوازن بين ما هو واقعي وما هو افتراضي. _____________ * مستشار وزارة الشباب والرياضة

اضف تعليقك على المقال