يمن اتحادي هو منصة إخبارية رقمية رائدة تسعى لتقديم تغطية شاملة وعميقة للأحداث الجارية في اليمن، مع التركيز على تقديم صورة واضحة وموضوعية للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد

اضاءة في الزيارة

عمر الحار
  الكاتب : عمر الحار حظيت زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى المنطقة باهتمام مختلف الاوساط فيها ، ولم يزل التعاطي معها بالتحليل والتفسير على اشده ، وذهب البعض في التوغل بالقول فيها وطرح العديد من التساؤلات والاستفسارات الآنية والمستقبلية المرتبطة بها . من قبيل هل تدفع الزيارة امريكا على ضرورة التفكير في اعادة حساباتها السياسية مع الانظمة العربية الحليفة لها و بدرجة رئيسة دول مجلس التعاون الخليجي ؟ لارتفاع معاناتها الواضحة من القبضة الحديدية الامريكية عليها ، مما استدعتها لسعي بكل وسيلة لتخفيف من شدتها الخانقة التي ازدادت حدتها بعد حرب الخليج الثانية ، وسط تنامي شعور انظمتها مجتمعة و افرادا  بفقدان وزنها السياسي والمالي المؤثر على كافة المستويات . وتمثل زيارة بوتين المفاجئة لكل من الرياض وابوظبي التي اخذ طابعها البرتكولي اكثر من جلسات المباحثات رسالة سياسية مشفرة لامريكا و لدول الغربية الدائرة في فلكها اللاهثة لالتقاط انفاسها لكي تضمن حصولها على النزر اليسير من كعكعة المصالح في المملكة و شقيقاتها من دول المجلس منعا لاستفراد قائدتهم الدولية بها . وجاءت الزيارة في مرحلة مفصلية هامة تمر بها المنطقة ، لامثيل لاحداثها الدارماتيكية المتسارعة في تاريخ الصراع الفلسطيني الاسرائيلي وتراجع بوصلة امريكا وقدراتها على التحكم بها ، في ظل المتغيرات غير المتوقعة التي فرضتها الحرب على غزة على كل صعيد ، ومحاولة روسيا  استغلال هذه الفرصة التي سنحت لها على طبق من ذهب لخلط الاوراق على امريكا ، وارباك المشهد عليها ، ودخولها في ضبابية الاحتمالات السياسية التي لا تطيقها امريكا في هذا التوقيت ، وتخشى من توسعة دائرة ردود الافعال عليها ، وتلقيص نفوذها التاريخي في المنطقة ، وهو مالم تتقبله على الاطلاق .مما قد يضطرها لاتخاذ مواقف اكثر حدة وصرامة مع دول المنطقة برمتها ، وتلويحها باستخدام القوة المفرطة في حالة اهتزاز ثقتها في انظمتها او مجرد التفكير في توليد القلق لها باتجاه السير على ايجاد منافس لا بديلا لها . بالتاكيد امريكا مدعوة لاعادة النظر في سياستها في المنطقة ، وضرورة تراجعها عن انتهاج فرضيات التأميم المتخذة من قبلها بعد حربي الخليج ، والقائمة على نظرية تقليم الاظافر المالية للانظمة و الافراد في المنطقة العربية وتحديد سقف متدني جدا للرساميل فيها . والسؤال الذي لا مفر من طرحه وان كان سابقا لاوانه هل يصحو العالم على واقع ونظام دولي جديد يفقد امريكا استفرادها بقيادة العالم ؟ ويضمن اعادة توازن القوى الدولية ؟ وانتاج عالم كوني جديد باقطاب متعددة و اكثر فاعلة وعدلا وصدقا ؟ بعيد نجاح روسيا في الخروج بسلام من مصيدة اوكرانيا والخروج المرتقب للمنطقة من ربقة و مصيدة اسرائيل و امريكا . وتشير مجمل التحولات الجارية الى امكانية الاطاحة بالاحلام اللاهوتية المزمنة لليمين الامريكي المتطرف ، و دعواه الباطلة باحقية قيادة العالم لمعركة الخلاص الازلية من الشر او ما يطلق عليه في اعرافهم بمعركة هرماجدون الممثلة لجوهر و صميم سياسة الهيمنة الامريكية على العالم .

اضف تعليقك على المقال