يمن اتحادي هو منصة إخبارية رقمية رائدة تسعى لتقديم تغطية شاملة وعميقة للأحداث الجارية في اليمن، مع التركيز على تقديم صورة واضحة وموضوعية للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد

فلسفة النصر.. بين الجيش الوطني ومليشيا الحوثي؟!

sadeq
نجيب المظفر بلا شك أن أي معركة عسكرية مسلحة تهدف لتحقيق أهداف إقتصادية، وسياسية، وغيرها، ولعل الأهداف السياسية تأتي على رأس تلك الأهداف، ومن خلال النظر لواقعنا اليمني نجد أن أهم هدف من أهداف التصعيد العسكري لمليشيا الحوثي بمأرب، والجوف، ابتداء من مطلع العام 2020م وحتى اليوم هو نسف المرجعيات الثلاث للحل السياسي في اليمن والمتمثلة في القرار الأممي 2216، والمبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني الشامل، وفرض تسوية سياسية لامرجعيات لها سوى اشتراطات المليشيا. ولأن المجتمع الدولي قرر أن ينقض قراره الأممي بشأن اليمن 2216 وفقا لتصريحات مبعوثه الأممي سيئ الصيت الى اليمن مارتن غريفث التي افصح فيها عن نية المجتمع الدولي تلك بقوله: "مرجعيات الحل السياسي الثلاث ليست قرآنا" بمعنى أنه يجوز تجاوزها، وفرض تسوية سياسية لاتستند عليها طالما والحوثية لاترغب بذلك، وهو ما جعل المجتمع الدولي يلجأ لدعم المليشيا عسكريا عبر السفن والطائرات الأممية لتتمكن من السيطرة على منابع النفط في مأرب والجوف كون السيطرة عليها كفيل بجعلها تقلب طاولة أي مفاوضات سياسية رأسا على عقب لصالحها. جاء هذا التوجه على إثر نجاح ضغوطات بعض القوى الدولية خصوصا الأمريكية منها لوقف أي تقدمات للجيش الوطني صوب صنعاء حتى وصلت تلك الضغوط لحد التهديد بقصف الجيش إن تجاوز الخطوط التي وصلها في العام 2016م، وهو ما تم بالفعل تنفيذه حينما أصر اللواء عبدالرب الشدادي على مواصلة التقدم في جبهة صرواح صوب صنعاء حيث تم استهدافه بضربة جوية اودت بحياته وحياة العديد ممن كانوا معه من القيادات في 7اكتوبر 2016م. ولأن الجيش الوطني يدرك تماما ما يحاك لليمن من قبل الغرب فإنه قرر أن يفسح المجال للمليشيا لتتقدم في بعض الجبهات تقدما يتولى هو ضبط وقعه بحيث لاتتمكن المليشيا من تجاوز خطوطه التي قرر أن يثبت للمجتمع الدولي أن كل الإمكانيات العسكرية التي حشدها للمليشيا، وكل الحشود البشرية التي حشدتها المليشيا عاجزة عن تجاوز الخطوط التي قرر الجيش أن يحد عندها تقدمات المليشيا وإن شئتم أن تتأكدوا من صحة هذا الكلام فاسألوا المليشيا نفسها ما بالها عجزت عن التقدم في رغوان من الشمال؟! ولماذا عجزت عن تجاوز حزم الجوف والتقدم شرقا؟! ولماذا عجزت عن تجاوز الكسارة من الشمال الغربي لمدينة مأرب علما أنها الجبهة الأقرب لمركز مدينة مأرب من جبهة الجوبة في الجنوب؟! ولماذا عجزت عن التقدم في صرواح والمشجح والبلق ما دام والإنتصارات تقود لانتصارات؟! وعلى إثر تلك التساؤلات التي يتوجب على المليشيا أن تجيب عليها سيكون على كل متابع لمجريات الحرب بجبهات مأرب أن يسأل السؤال المنطقي التالي: ياترى لماذا كل تلك التقدمات العسكرية التي أحرزتها وتحرزها المليشيا في جبهات مأرب المختلفة لم تحقق أهداف المليشيا السياسية التي تمكنها من القفز على مرجعيات الحل السياسي وفرض اشتراطاتها كما عملت بعد دخولها صنعاء حيث فرضت ما يسمى باتفاق السلم والشراكة؟! وللجواب على هذا السؤال نقول: لم تتحقق أهداف المليشيا السياسية رغم تقدماتها لأن تقدماتها لاتحمل أي بعد استراتيجي كونها تأتي في مناطق ليست ذات أهمية جيلوجية بالنسبة للمجتمع الدولي الذي مَحوَر الصراعات خصوصا في المنطقة العربية حول النفط، والطاقة، وأن من وضع يده على منابعهما كان له الثقل في معادلة الصراع شريطة أن يكون من القوى التي رضي عنها. وعليه فإن تحركات مليشيا الحوثي التي عجزت من خلالها عن تحقيق تقدمات تذكر نحو منابع النفط والغاز في صحارى مأرب والجوف خلال المرحلة الماضية هي الدافع الرئيسي لفتحها لمحرقة جديدة لجرذانها جنوب مأرب حيث تُمَنِي المليشيا نفسها بأن ما عجزت عن تحقيقه في جبهات مأرب الشمالية والغربية والشرقية يمكن لها أن تحققه هذه المرة من جبهة مأرب الجنوبية جاهلة أو متجاهلة أن حمقها المكشوف أصبح مرتكزا لرسم خطط الجيش الذي قرر أن يفتح لها شهيتها أكثر ليتمكن من اضرام محارق كبرى لجرذانها تكون كفيلة بإفشال أهدافها السياسية، وإفشال رهانات الغرب عليها في إعادة رسم خارطة المنطقة العربية، وتكفل بذات الوقت تقليل كلفة التحرير المنشود لكافة المحافظات التي ماتزال ترزح تحت وطأتها وارتقبوا إنا مرتقبون، فالعبرة بالمآلات لا بالانتصارات الجوفاء المفروغة من محتواها، ولايغرر بأبنائكم الحوثي فتدفعوا بهم لمحارق الموت دون جدوى.  

اضف تعليقك على المقال