اهتمت صحف عربية بجريمة ذبح مدرس فرنسي على يد طالب من أصول شيشانية بعد أن عرض المدرس على طلابه رسوما مسيئة للنبي محمد.
وبينما يهاجم بعض المعلقين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لتبنّيه "خطابا عدائيا للإسلام والمسلمين"، شدد آخرون على دور "التنشئة العائلية" و"خطبة الجمعة" في تعليم أبناء تلك الجاليات قيم التسامح.
الغرب يعتبر "الإسلام خصمه الأول"
يقول محيي الدين عميمور في صحيفة رأي اليوم اللندنية إن "عملية الانتقام البشعة التي شهدتها باريس تفرض علينا وقفة جادة لدراسة كل معطياتها، خصوصا والفاعل تم القضاء عليه، كالعادة، بحيث لن نعرف عن العمل الإجرامي إلا ما ستفرزه لنا مصالح الأمن الفرنسي".
ويضيف عميمور: "لكن حدوث الجريمة قبل أن يكتمل أسبوع على تصريحات الرئيس الفرنسي بعزمه احتواء الإسلام، بما أحدثته من ردود فعل متفاوتة المضمون، هو عنصر لا بد من دراسته جيدا ومحاولة بحث العلاقة بين الأمرين". ويتابع الكاتب: "لقد وصلنا إلى اليقين بأن الشمال، غربيه وشرقيه، أصبح يعتبر الإسلام خصمه الأول والوحيد والأخير، وليس ذلك حماية للمسيحية أو دفاعا عن اليهودية وإنما هو عملية استعمارية محضة ... أخذت اليوم طابعا سياسيا اقتصاديا ثقافيا يدافع به القوم عن مصالحهم التي تجعل شعارها الرئيسي محاربة الإرهاب وتعمل على دعم أنظمة حكم تقوم بدور نائب الفاعل".
وتحت عنوان "من هو القاتل الحقيقي للمعلم الفرنسي؟"، تقول إحسان الفقيه في صحيفة القدس العربي اللندنية إن المتسبب في هذه الجريمة وفي أي جرائم قد تُرتكب على هذا النحو "هو الرئيس ماكرون، الذي يتبنى خطابا عدائيا للإسلام والمسلمين، ويُصرّح علنا بأن الرسوم المسيئة للنبي محمد تقع في إطار التعبير عن الرأي، وتحدّى مشاعر ملياري مسلم عندما رفض انتقاد خطوة المجلة الفرنسية تشارلي إيبدو في إعادة نشر الرسوم المسيئة للنبي محمد".
وتضيف إحسان: "مثل هذا الاستخفاف بمشاعر ستة ملايين مسلم في فرنسا ... يفتح الباب أمام التطرف وأعمال العنف".
وتتساءل الكاتبة: "ماذا عن الجهلة وضعفاء العقل من المسلمين في فرنسا؟ ماذا لو أقدم أحد هؤلاء على الإساءة للمسيح مثلا، وتابعه على ذلك جهلاء مثله، ألن يفتح ذلك الباب أمام مسيحي متدين ينتمي إلى دينه، لأن يُقدم على القيام بأعمال عنف ضد المُسيئين؟ حينئذ من سيكون المسؤول؟ هل المسلم الجاهل الذي يرى ذلك حرية في التعبير عن الرأي، على سبيل المعاملة بالمثل؟ أم ذلك المسيحي الذي يغار على دينه؟".
وتمضي إحسان: "لذلك أقول بملء الفم: إن ماكرون يسكب الزيت على النار، ويفتح المجال أمام التطرف والإرهاب بالفعل".
وبالمثل، يتهم محمد سيف الدولة في صحيفة المجد الأردنية ماكرون بالإساءة إلى الإسلام، مشددا على أن "أي إساءة لأدياننا أو لمعتقداتنا أو لرُسلنا جميعا عليهم الصلاة والسلام، هي عدوان عنصري وطائفي جديد على شعوبنا ومقدساتنا وكرامتنا الوطنية. سواء كنا مسلمين أو مسيحيين".
ويوضح سيف الدولة: "لأن مثل هذه الإساءات والاعتداءات العنصرية والطائفية التي تتسبب في إيذاء مشاعر مئات الملايين من البشر، لا يمكن أبدا التحكم في عواقبها أو السيطرة على ردود الأفعال الناتجة عنها".
ويقول شريف قنديل في صحيفة المدينة السعودية: "لو كنت مكان مسلمي فرنسا أفرادًا ومجموعات ومؤسسات لخرجت مع الخارجين وتظاهرت مع المتظاهرين ضد الإرهاب والتطرف ... لكن السؤال الكبير والمثير مع الاحترام لكل المشاعر المتأججة بفعل جريمة مراهق الشيشان، هو: هل يسمح لي المتظاهرون المؤمنون بحقوق الإنسان أن اصطحب معي في كل تظاهرة قادمة زوجتي أو أختي أو ابنتي المحجبة، والتي اختارت الحجاب زيًا لها في عاصمة الأزياء المتعددة".
"موجة جديدة من الإرهاب"
يرى رمزي الغزوي في صحيفة الدستور الأردنية إن رد المسلمين على الموجة المناهضة للإسلام في الغرب ينبغي أن يكون "علميًا وعقلانيا ومنطقيا، وبمستوياته الشعبية والسياسية والفكرية المتنوعة، وبعيدا عن نزعة الفزعة والهبة، وألا نترك الإرهابيين يقومون بالرد عنا بطريقة تشوّه علينا ديننا".
يقول الغزوي: "فالعالم الإسلامي ينفق مليارات على أغاني فضائيات التتفية والترذيل، فلماذا لا ينفق جزءا يسيرا لتسويق دينه بصورته الصحيحة، وبجوهره الحقيقي كدين عالمي إنساني محب للسلام ينبذ العنف، ويدعو إلى الفضيلة والحق والخير".
وتحت عنوان "الإسلاموفوبيا بضاعة يصنعها المسلمون أيضا"، يقول المهدي مبروك في صحيفة العربي الجديد اللندنية: "من يرتكب هذه الجرائم الحمقاء يفعل ذلك تحت ذريعة نصرة الإسلام ونبيّه. لا أحد كلف هؤلاء بأن ينوب عن أمة الإسلام، ولا أن يكون ضميرها، ولكنهم وحدهم 'يجتهدون ' للتصدي لمهمة يروْنها مقدسة، بل هي فرض عين".
ويضيف الكاتب: "كان علينا نحن، من خلال التنشئة العائلية، أن نربّي أبناءنا على ترويض المشاعر، وتعلُّم أدب المناظرة ومقارعة الحجّة بالحجة، واستبعاد العنف باعتباره منزلةً غير إنسانية، فضلا عن أنه جريمة بالغة الخطورة"، مشددا أن "خطب الجمعة في المساجد هناك تلعب دورا بارزا في تعليم أبناء تلك الجاليات هذه القيم".
كما يؤكد الحبيب الأسود في صحيفة العرب اللندنية أن هذه الجريمة لم تكن "بالأمر المفاجئ، في ظل اتساع دائرة الكراهية التي سبق للرئيس إيمانويل ماكرون أن نبّه إليها منذ أيام في خطابه المثير للجدل، بمناسبة الإعداد لقانون 'الانفصال الشعوري '، بهدف "مكافحة من يوظفون الدين للتشكيك في قيم الجمهورية".
ويضيف الكاتب: "لقد أصبحنا أمام نُذر موجة جديدة من الإرهاب قد تكون أعنف من سابقاتها".
اضف تعليقك على الخبر