- شريط الأخبارمقالات حرة

هل ستوجه أمريكا ضربة عسكرية للحوثيين؟

 

الكاتب : عادل الشجاع

تلقيت العديد من الاتصالات من جهات إعلامية تسألني ، أيهما سيسبق ، اتفاق السعودية مع الحوثيين ، أم حرب الحوثيين مع أمريكا ، وحزنت كثيرا ، كيف لإعلاميين درسوا الإعلام ونظرية الاتصال والتحليل ، كيف يرسمون لأنفسهم صورا ذهنية ، ثمّ يصدقونها .

وقع هؤلاء الإعلاميون ضحية لخداع الإعلام الغربي وتحديدا الإعلام الأميركي والبريطاني ، الذي يروج لحرب افتراضيّة في البحر الأحمر ، بسبب ما يقوم به الحوثي من هجمات على السفن التجارية، الهدف من ذلك دفع السعودية للإسراع بتوقيع الاتفاق مع الحوثيين ، وهذا ما هو حاصل بالفعل ، حتى أن الرياض تطلب من واشنطن ضبط النفس تجاه هجمات الحوثيين .

وفي مكان آخر نجد المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن هانز غروندبرغ كثف من تحركاته في عواصم الدول الخليجية ، ونسمع عن تحفظ أميركا وبريطانيا على مضامين هذا الاتفاق ، فمتى بالله عليكم كانت الأمم المتحدة تتحرك خارج رغبة مجلس الأمن ، ثم أليست أميركا وبريطانيا هما من منعا سقوط الحوثي في الحديدة ؟

تلعب أمريكا لعبتها المعروفة ، تصعد في خطابها تجاه الحوثيين ، لكي تدفع الأطراف للتوقيع على اتفاق مضامينه لصالح الحوثيين ، تحت ضغط ، عدم التوقيع أو التأخير قد يؤدي إلى اشتعال حرب تعيق اتفاق السلام ، والسؤال :
ماذا لو تم التوقيع على الاتفاق ، ثم اشتعلت الحرب ، فما قيمة الاتفاق ؟ وبمعنى آخر ، مالذي سيمنع الحوثيين من مهاجمة السفن في البحر الأحمر ، طالما والهدف هي إسرائيل ؟

أما السؤال الأهم ، ماهو هذا الاتفاق الذي يجري بمعزل عن اليمنيين ، ولا يعرف أحد تفاصيله أو حتى مضامينه ؟ فكيف يتم الحديث عن اتفاق تحضر فيه دول الإقليم وتغيب عنه اليمن ؟ ولنا في اتفاق ستوكهولم خير دليل على تقويض المركز القانوني للشرعية ومنح الحوثيين شرعية لدى المجتمع الدولي .

أرجو أن تتحملوني قليلا ، لكي أعود بكم إلى فبراير من عام ٢٠١٩ ، لكي ترون الصورة بوضوح وما الذي يراد من اليمن ، ففي هذا التاريخ تسمرت عيون اليمنيين على شاشة التلفزيون وهم يشاهدون وزير خارجيتهم خالد اليماني وهو يصافح نتنياهو في مؤتمر ورسو الدولي ويقدم الميكرفون له ، فأثنى عليه نتنياهو وقال ، هذه فاتحة تعاون بين إسرائيل واليمن .

طبعا الراسخون بالعلم والعالمون بحال الشرعية اليمنية التي لا حول لها ولا قوة ، أدركوا أن السعودية والإمارات كانتاخلف هذا المشهد ، وأكلتا الثوم بفم اليماني ، فكانت الشرعية عبارة عن ورقة استخدمتها السعودية والإمارات لنسج علاقاتهما مع إسرائيل ، بل ونتيجة من نتائج الحرب على اليمن .

ما يمكن أن نخلص إليه ، أن الحرب على اليمن تنطوي على رغبة أمريكية وإسرائيلية بجعل البحر الأحمر ومضيق باب المندب ممر آمن لإسرائيل وللملاحة الإسرائيلية ، وهذا لا ينفصل عن دور الإمارات في سيطرتها على الموانئ والجزر اليمنية ، وهذه السيطرة هي الوجه الآخر في التطبيع الإماراتي الإسرائيلي .

اليمن تعاقب لأنها أكثر البلدان التي شاركت في الصراع مع إسرائيل بأفواج من الفدائيين واستضافت المعسكرات الفلسطينية وكان لها دور محوري في حرب ١٩٧٣ ، ولا ننسى موقف الرئيس صالح في قمة بيروت ٢٠٠٢ ، وإصراره على تثبيت حق العودة للفلسطينيين في مبادرة الملك عبدالله للسلام .

أختم بالقول ، إن ما يقوم به الحوثيون يتفق مع تطلعات الشعوب العربية ، لكن الذهاب نحو تل أبيب أو اصطياد السفن التجارية لا يرجع حقا ولا يكسب حربا ، ولكي يثبتوا مصداقيتهم ، فإن قاعدة إسرائيل العسكرية في جزيرة دهلك تبعد عن الحديدة ٣٠٠ كيلوا متر ، وبطبيعة الحال لن يستهدفها الحوثي ، لأنه جزء من إعادة رسم حدود اليمن بالحديد والنار ، وقد ذهبت السعودية والإمارات إلى تشكيل مليشيات تمزق الدولة اليمنية وتعمل كحاميات عسكرية ، مثلما هو حاصل مع طارق صالح الذي يتبنى حماية البحر لدولة مختطفة وغير موجودة ، فإذا لم يسارع اليمنيون إلى استعادة بلدهم من هذه الميليشيات التي تعمل لصالح إيران والسعودية والإمارات ، فإن إسرائيل ستصبح الآمر الناهي في جنوب البحر الأحمر وباب المندب .

١٩ فبراير ٢٠٢٣

*من صفحة الكاتب بالفيسبوك

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى