يمن اتحادي - متابعات*
مع استمرار تعهدات المانحين الدوليين وحشد الأموال، لدعم خطة الاستجابة للأمم المتحدةفي اليمن، تزداد التساؤلات عن مصير تلك الأموال، التي غالباً مع نسمع ضجيجها علىوسائل الإعلام، لكن لا نجد لها أي أثر ملموس، على الواقع، وعلى حياة الناس.
مؤخراَ، أنهى مؤتمر المانحين في الرياض، أعماله بحشد مليار و350 مليون دولار، لدعمخطة الاستجابة للأمم المتحدة، للعام 2020 في اليمن، دون الإيفاء بالمبلغ المستهدف وهو2.4 مليار دولار تحتاجهم الأمم المتحدة لإنقاذ أكبر عملية مساعدات في العالم منالتعرض لخفض حاد.
وجاء أكبر المانحين الدوليين، لمؤتمر المانحين في الرياض، على النحو التالي، السعوديةتعهدت بتقديم 500 مليون دولار من بينها 25 مليون دولار للمساعدة في مكافحة تفشيفيروس كورونا المستجد، في حين تعهدت بريطانيا بتقديم 201 مليون دولار وألمانيابتقديم 140 مليون دولار، وكانت الولايات المتحدة قد كشفت الشهر الماضي أنها ستقدم225 مليون دولار في شكل مساعدات طارئة لتوفير الغذاء.
ليز جراندي منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، صرّحت عشية انعقادالمؤتمر، أن “كل ما هو دون 1.6 مليار دولار يعني أن العملية ستواجه انتكاسات كارثية”.
وأضافت “لن نتمكن من توفير الغذاء الذي يحتاجه الناس للبقاء أو الرعاية الصحية التييحتاجونها أو الماء أو الصرف الصحي أو التغذية التي تساعد على إنقاذ مليوني طفلمصابين بسوء التغذية من الموت”.
آلية صرف تعهدات المانحين
يرى الباحث الاقتصادي، عبدالواحد العوبلي، أن آلية صرف المنح، وتعهدات المانحينالدوليين، تتم عبر الأمم المتحدة بحجم أنها الهيئة التي تقوم بتنفيذ الأنشطة والمشاريعالإنسانية، في إطار خطط وموازنات جاهزة.
ويوضح العوبلي، لـ”المشاهد”، أنه يتم أولاً إقرار المبالغ وبعد ذلك، يتم إقرار القطاعاتالتي سوف يتم صرف المبالغ فيها ومن ثم اعتماد المشاريع، مشيراً إلى أن كل هذه الآليةتجري بالاتفاق مع المانحين الدوليين.
واشار العوبلي، إلى هناك مشاريع في اليمن يجري إعادة توزيعها على منظمات محلية،وهذه الطريقة تفتح أبوباً واسعة للفساد، وعدم وصول المساعدات إلى مستحقيها.
ولافت الباحث العوبلي ، عدم استفادة الاقتصاد اليمني، من تعهدات المانحين، بحكم أنهيتم الاحتفاظ بهذه الأموال، خارج اليمن، ويتم شراء كافة المساعدات الغذائية من الأسواقالخارجية، بدلاً من أن يتم شرائها من التجار اليمنيين ويتم إنعاش الأسواق المحلية،والعمل على خلق فرص عمل، وتحريك الدورة النقدية، داخل البلد.
وعزا العوبلي، عدم وصول هذه المساعدات إلى قطاعات واسعة من السكان، إلى تضاعفحجم النفقات التشغيلية للمنظمات الدولية، مشيراً إلى أن حوالي 50 – 60% من أموالالمانحين المرصودة تذهب نفقات تشغيلية للمنظمات، كرواتب وغيرها من النثريات.
تعهدات غير ملموسة على الواقع
وفي السياق، اعتبر مستشار الرئيس هادي، عبدالعزيز جباري، أن مؤتمر المانحين،لايختلف، عن ماسبقه من المؤتمرات السابقة.
وقال جباري، في تغريدة، له على تويتر، إن اليمنيون يسمعون، عبر الإعلام عن المنحوالمعونات والمساعدات بمليارات الدولارات، ولكن تأثيرها ووجودها على أرض الواقع غيرملموس.
وهذا أول رد من الجانب المحسوب على الشرعية، يأتي على النقيض لما اعتاد عليه،مسؤولي الحكومة، من تسويق هذه المؤتمرات، كمنجزات عملاقة، في الوقت الذي، لايلمس فيه المواطنين، أي أثر هذه المشاريع، على أرض الواقع.
ويتفق الصحفي، مأرب الورد، مع المسؤول الحكومي جباري، من أن هذا المؤتمر لا يختلفعن سابقيه من المؤتمر، مشيراً أن اليمنيين، لن يستفيدوا من تعهدات المانحين، بسبب أنالحكومة لم تحضر كجهة فاعلة تتسلم هذه الأموال، وإنما حضرت كيافطة إنسانية،تستجلب عبرها منظمات الأمم المتحدة، الكثير من الدعم.
وأشار، الورد، لـ المشاهد بأنه من تجربة الخمس السنوات الماضية، لن يكون لها أي أثر،حيث تذهب 50٪ من هذه التعهدات، كنفقات تشغيلية ورواتب ونثريات لموظفي المنظماتالدولية، وماتبقي منها تذهب لجماعة الحوثي، بحكم أن مكاتب تلك المنظمات، في مناطقسيطرة الحوثيين، كما أن تحركاتهم وأنشطتهم تستلزم، استخراج تصاريح من قبلجماعة الحوثي.
ويضيف، بأن الشعب اليمني يحضر كأرقام يتم المتاجرة بها من قبل المنظمات الدولية،فقط، وحين تحضر الأموال لا يدري كيف يتم التصرف بها، خصوصاً أن المنظمات الدولية،لا تلتزم بمبدأ الشفافية.
مؤتمرات المانحين
عقد أول مؤتمر للمانحين لليمن في 17 نوفمبر 2006 في لندن، وحصد ما يقارب 4.7 مليارات دولار كانت مخصصة لدعم برامج التنمية.
وفي 5 ديسمبر 2012 عقد مؤتمر آخر للمانحين في الرياض وجمع ما قيمته 6.4 مليارات،ويعد هذا أول مؤتمر للمانحين لتعهدات تنموية بعد تنفيذ المبادرة الخليجية وتسليمالسلطة للرئيس عبد ربه منصور هادي.
وفي أبريل 2017 التأم في جنيف مؤتمر ثالث حصل على نحو 1.1 مليار من أصل مليارينكانت مطلوبة لمواجهة الأزمة الانسانية بعد اندلاع الحرب.
أما المؤتمر الرابع فانطلق في الثالث من أبريل 2018 وبلغ مجموع تعهداته نحو ملياريدولار ويعد الثاني لتمويل خطة الاستجابة الإنسانية بعد الحرب.
وانعقد المؤتمر الخامس في جنيف، في 26 فبراير من العام 2019، حيث وصلت تعهداتالمانحين إلى 2.6 مليار دولار من أصل 4.2 مليار دولار طالبت بها لمعالجة الأزمة الإنسانيةفي اليمن الذي تمزقه الحرب.
أما المؤتمر السادس، الذي انعقد أمس الثلاثاء في الرياض، 2 يوينو، 2020، فقد تعهدالمانحون، الذين اجتمعوا عبر دائرة تلفزيونية، بتقديم مليار و350 مليون دولار مساعداتٍإنسانية لليمن، في حين قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن وكالاتالإغاثة الدولية قدرت التمويل المطلوب لتغطية المساعدات الإنسانية لليمن من يونيووحتى ديسمبر بنحو 2.4 مليار دولار.
مساعدات لا تصل إلى المستحقين
ويرى اقتصاديون، أن هذه المساعدات والهبات الدولية لم تجد الكثير من النفع في أوقاتالسلم، ولن تكن كذلك في ظل الحرب، في حين تذهب أغلب تلك التعهدات كنفقة تشغيليةللمنظمات الدولية، والمحلية، وما يصل إلى المواطن، لا يكاد يفي باحتياجاته المعيشيةوالغذائية.
وطالب اقتصاديون، بتوفير آلية جديدة لاستيعاب تعهدات المانحين، وتوظيف تلكالأموال، بطريقة صحيحة تدعم الاقتصاد الوطني بطريقة مباشرة، وإيداع تلك الأموالإلى البنك المركزي، الأمر الذي سيكون له مردود إيجابي في تحسين الاحتياطي النقدي منالعملات الأجنبية، بالإضافة إلى تحسين أسعار الصرف، وأسعار السلع والمواد الغذائيةوالضرورية.
وتواجه هذه الآلية المتبعة من قبل الأمم المتحدة، إشكاليات كثيرة، تحرم كثير من اليمنيين،الذين يعانون من تردي الوضع المعيشي، تحرمهم من الحصول، على النزر اليسير منحصتهم من المساعدات الدولية، منها تضاعف حجم النفقة التشغيلية للمنظمات، والتيتذهب معظم أموال المانحين، في تغطية هذه النفقات، بالإضافة إلى فرض مليشياتالحوثي، طريقة معينة لتوزيع المساعدات، في مناطق سيطرتها، وهو ما يحد، من تأثيرهاالايجابي على حياة الناس.
لطالما رددت المنظمات الدولية، مرارًا خلال الفترات الماضية، بأن اليمن تشهد أسوأ أزمةإنسانية في العالم، إلا أن حجم الدعم الدولي لليمن، متواضع للغاية، مقارنة بما تحصلعليه دول أخرى، وما هذه الأرقام المعلنة عنها مؤخرا خلال مؤتمر الرياض، عنّا ببعيد.
* تعز أونلاين / وفيق صالح
اضف تعليقك على الخبر