ارسال بالايميل :
4491
يمن اتحادي- خاص
وثق تقرير حقوقي صادر عن منظمة سام للحقوق والحريات، جرائم الاغتيالات السياسية التي حصدت أرواح المئات من الشخصيات السياسية والعسكرية والدينية في محافظة عدن خلال ثلاثة أعوام.
وسلط التقرير الذي حمل عنوان "القاتل الخفي" الضوء على تنامي ظاهرة الاغتيالات في عدن والتي تستهدف بطريقة ممنهجة شرائح معينة من العسكريين والأمنيين والمدنيين في ظل غموض لف مصير التحقيقات، وصمت الأجهزة المسؤولة عن الأمن في المدينة، على رأسها قوات الحزام الأمني المدعومة إماراتياً.
ورصد التقرير الذي حصل "يمن اتحادي" على نسخة منه، (103) عمليات اغتيال خلال الفترة من 30 أغسطس 2015، وحتى 28 أكتوبر 2018، في محافظة عدن منذ تحريرها في 17 يوليو 2015.
واعتمدت سام في تقريرها على منهجية الإحصاء القائمة على الرصد والتوثيق لعملية الاغتيالات، وعملت على متابعتها من خلال وسائل الإعلام، والتواصل مع أهالي الضحايا، والمعنيين، والجهات الحقوقية والأمنية، سعياً منها لفك لغز هذه الجريمة المقلقة، التي دفعت الكثير من القيادات السياسية والدينية إلى الهجرة من مدينة عدن والبحث عن مكان آمن لا تطاله يد الاغتيالات.
وتضمن التقرير الصادر عن منظمة سام للحقوق والحريات الكشف عن مخططات اغتيال تستهدف نائب مدير مكتب رئاسة الجمهورية أحمد صالح العيسي، مشيراً إلى تصريحات القيادي في المقاومة الجنوبية عادل الحسني لإحدى القنوات التلفزيونية أن مسؤولين إماراتيين طلبوا منه اغتيال العيسي، ويعد أحمد العيسي من أكبر الشخصيات السياسية والاقتصادية اليمنية الداعمة للشرعية ومشروع اليمن الاتحادي الجديد.
وحسب التقرير فإنه وبدلاً من الإستقرار النسبي الذي كان يفترض أن تشهده المدينة تمهيداً لعودة الحكومة الشرعية فقد حدث العكس، وتدهور الوضع الأمني، وعصفت بمدينة عدن موجه من الاغتيالات التي يعتقد إنها ذات طابع ممنهج ومنظم، استهدفت شرائح معينة من العسكرين والأمنيين والمدنيين، بوسائل ممنهجة، "ما وضع عددا من الأسئلة عن طريقة تنفيذ الاغتيالات، والصمت المريب من الأجهزة الأمنية والقوات المسيطرة على عدن، حتى عن إصدار بيان يوضح ما يجري في عدن، ومن المستفيد من هذه الاغتيالات التي استهدفت حتى الرجل الأول في المحافظة اللواء جعفر محمد سعد بتاريخ 6 ديسمبر 2015".
وقالت سام إن العدد الأكبر لشريحة الضحايا هم رجال الأمن، حيث وصل عددهم إلى (42) شخصا، يتوزعون على كل من البحث الجنائي، جهاز الأمن السياسي، وأمن مطار عدن، يليهم شريحة الخطباء والأئمة، وبلغ الضحايا منهم (23) شخصا منهم (12) إماما وخطيبا ينتمون للتيار السلفي، و (4) ينتمون إلى حزب الإصلاح، وخطيب واحد ينتمي إلى حركة النهضة ذات التوجه الإسلامي. وجاء العسكريون في المرتبة الرابعة بعدد ثمانية أشخاص يليهم قيادات وأفراد في المقاومة بواقع سبعة أشخاص، إضافة لفئات متنوعة بعدد 14 شخصا بينهم نشطاء ورياضيين وأساتذة وقضاة وأعضاء نيابة.
واكدت سام في تقريرها إن موجة الاغتيالات بدأت عقب الحرب مباشرة، ثم استمرت بعد ذلك، وتشير البيانات إلى أن (18) حادثة اغتيال جرت في يناير 2016، عقب شهر واحد فقط من تعيين كل من عيدروس الزبيدي محافظا لمحافظة عدن واللواء شلال شائع مديرا للشرطة.
ونقلت المنظمة عن مراقبين أن ارتفاع وتيرة الاغتيال في هذا الشهر كان متزامناً مع تأزم الوضع السياسي في تلك الفترة بين دولة الإمارات، والرئيس عبدربه منصور هادي الذي كان مقيماً في عدن، قبل مغادرتها في13 فبراير، إضافة إلى أن الاغتيالات في هذه الفترة استهدفت اشخاصاً كانوا على صلة بملف مكافحة الإرهاب، سواء من رجال الأمن أو القضاة.
ويظهر التحليل الشامل لعملية الاغتيالات من العام 2015 حتى 2018، أنّ العام 2016، كان أكثر الأعوام دموية، حيت رصدت ووثقت (45) واقعة اغتيال وبنسبة تصل إلى (48%)، من إجمالي الضحايا، وكان أغلب ضحايا تلك العمليات من رجال الأمن والقيادات العسكرية، وهو العام الذي تلى استعادة مدينة عدن من ميليشيات الحوثي، يليه العام 2018، بعدد وصل إلى (24) عملية اغتيال، وهو العام الذي شهد توتراً مسلحاً كبيراً بين ألوية الحرس الرئاسي التابعة للرئيس هادي، وقوات الحزام الأمني الممول من دولة الإمارات العربية المتحدة العضو في التحالف، وصل حد المواجهة المسلحة في يناير من العام 2018، وانتهى لصالح قوات الحزام الأمني، وسيطرتها على مدينة عدن، وكانت أغلب الفئات المستهدفة بالاغتيال في هذا العام من العسكريين والخطباء، بنسبة (26%).
أمّا العام 2015، فقد سجل عدد (13) واقعة اغتيال، بنسبة تصل (14%). وأخيرا العام 2017، بعدد (11) عملية وبنسبة تصل إلى (12%). ومن الملاحظ، بحسب تقرير سام أنّ الاغتيالات تمت في فترات متقاربة وبنفس الأساليب، دون وجود أي احتياطات أمنية، ما يؤكد أنّ الجهات المنفذة للاغتيال تتحرك بطمأنينة أكثر، وتمتلك معلومات كاملة عن الضحية، ورصد التقرير استهداف ضباط في أمن المنافذ خاصة مطار عدن، ومينائها، اللذين يعدان بوابة الارتباط بين اليمن والعالم الخارجي، ويعملان على التدقيق في حركة المسافرين من وإلى اليمن، وقد سجلت المنظمة 8 وقائع اغتيال.
وقالت سام في تقريرها إنه من خلال تحليل وقائع الاغتيالات، تبيّن أنّ عمليات الاغتيال عن طريق إطلاق الرصاص على الضحية هي الوسيلة الأكثر استخداما من قبل الجهة التي تنفّذ الاغتيالات في عدن، فأول عملية تمت بالرصاص كانت في 30 أغسطس 2015، فيما أول عملية بعبوة ناسفة كانت في 30 يوليو من العام التالي، أي بعد 11 شهرا.
ويبدو أن عنصر النجاح عامل مهم في تفضيل الرصاص على العبوات الناسفة لدى هذه الجماعات، حيث لم تفلح العبوات الناسفة سوى في (5) عمليات اغتيال مقابل (14) محاولة فاشلة، في حين نجحت (79) عملية اغتيال بالرصاص مقابل فشل (15) فقط.ويفسّر ذلك أنّ استخدام العبوات الناسفة أكثر تعقيدا، ويتطلب تقنيات تتعدى التدريب على إطلاق الرصاص.
وفي الوقت ذاته، يفتح ذلك تساؤلاً عن تفضيل الجهات المنفّذة استخدام الرصاص رغم أن العبوات الناسفة أكثر أمانا لفريق الاغتيال خشية اعتقالهم وانكشاف الجهات الداعمة لهم.وأكدت سام أن الاعتماد على وسيلة الاغتيال بالرصاص رغم الاحتمالات الخطيرة لانكشاف المنفذين، يشير إلى الطرف المسؤول عن التنفيذ، وهو الطرف الذي لا يخشى انكشاف الأفراد المكلفين بالتنفيذ، كونه المسيطر على الأمن والقادر على تمرير السلاح في الحواجز الأمنية، والضامن لسلامة عمليات تنقل المكلفين، كما أنه المختص باحتجازهم وسجنهم في حال انكشافهم أو وقوعهم في قبضة آخرين، وهو نفسه الطرف المسؤول عن التحقيق معهم، واتخاذ الإجراءات القانونية اللاحقة، وبالتالي فهو طرف آمن ينفذ العمليات بسلاسة ويسر، وبالاعتماد على أبسط الوسائل.
وأكدت سام في تقريرها "ستظل هذه الأجهزة الأمنية والمليشيات والدول الممولة لها محل اتهام إلى اللحظة التي يكشف فيها النقاب عن المعلومات المخفية، ويقدم الجناة للقضاء، ويجد الضحايا وذووهم العدالة والإنصاف."
وطالبت سام لجنة الخبراء البارزين التابعة للمفوضية العامة لحقوق الإنسان المفوضة بالتحقيق في جرائم انتهاك حقوق الإنسان في اليمن وإدراج جرائم الاغتيال ضمن أجندتها لعام 2019، وإيلاء المعلومات الخاصة بالاغتيالات عناية قصوى بالرصد المستمر وتتبع التفاصيل وتبويب المعلومات، وتحليلها سياسيا وأمنيا.كما أوصت سام الحكومة الشرعية فتح تحقيق جدي في جميع حوادث الاغتيال والكشف عن الجهات المتورطة فيها، ودعت لتوحيد الأجهزة الأمنية وإلغاء التشكيلات الأمنية المنشأة خارج الأطر الرسمية وطالبت سام في ختام تقريرها السلطات الشرعية اليمنية ودول التحالف العربي بالالتزام بمعاقبة المتورطين في الجرائم المذكورة، وعدم التستر عليهم وحمايتهم تحت أية اعتبارات أمنية أو سياسية، كما دعت الحكومة اليمنية والتحالف العربي إلى توفير الحماية والرعاية الكاملة لذوي الضحايا وتعويضهم عن فقدان معيليهم.
اضف تعليقك على الخبر