ارسال بالايميل :
3013
يمن اتحادي - متابعات*
لم يكن أمام المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي ديفيد بيزلي ، بعد 18 شهراً من التفكير والبحث عن حلول لجريمة نهب مليشيا الحوثي للمساعدات الغذائية، إلا الإعلان صراحة (الحوثيون يسرقون الغذاء من أفواه الجوعى).
كان ذلك مطلع 2019م، وبعد مضي ستة أشهر من التفكير الإضافي في الحل، وفي ظل استمرار الحوثيين في نهب المساعدات، توصل بيزلي إلى قرار يقضي بتعليق جزئي للمساعدات عن سكان العاصمة صنعاء، مؤكداً في تصريحات لوكالة رويترز في 17 يونيو أن هذا القرار جاء بعد تفكير عميق وبعد فشل كل المفاوضات مع الحوثيين.
وفق بيزلي فإن ماتنهبه مليشيا الحوثي لصالح دعم جبهاتها لايقل عن 10% من المساعدات التي يقدمها برنامج الغذاء العالمي ، أي 17 مليون و500 ألف دولار شهرياً من إجمالي المساعدات الشهرية المقدمة والبالغ قيمتها 175 مليون دولار.
صورة واحدة
ماتحدث عنه بيزلي يمثل صورة واحدة من 13 صورة رسمتها التقارير الأممية والدولية الصادرة خلال 2019 عن الممارسات الحوثية الهادفة لتعميق المأساة الإنسانية ونشر الجوع في أوساط المواطنين القاطنين في المحافظات الخاضعة لها.
ووفق تقرير خبراء الأمم المتحدة فإن ممارسات مليشيا الحوثي لاستهداف العمل الإنساني، جاءت ضمن سياسة منهجية لتجويع وحرمان السكان في المحافظات الخاضعة لهم من المساعدات الاغاثية والإنسانية.
وتمثلت هذه الممارسات التي رصدها موقع "الثورة نت" في سرقة المساعدات الإنسانية، ونهبها، واحتجاز الشاحنات، واختطاف القوافل، ومنع التدخلات الطارئة، وإعاقة وصول المساعدات، ورفض الموافقة على المشاريع، وتعليق الاتفاقيات، واستهداف السفن الإغاثية.
كما أقدمت مليشيا الحوثي - وفق التقارير الدولية - على فرض قيود بيروقراطية (مليشيات تفرض قيود بذريعة تطبيق القوانين)، وقتل عاملين في المجال الإنساني، واستلام مساعدات بالنيابة عن المستفيدين الحقيقيين والتوقيع عنهم، وحصر توزيع المساعدات على المنظمات الخاضعة لهم، وتزوير سجلات المستفيدين.
يؤكد تقرير صدر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (الأوتشا) في مايو 2019 أن مليشيا الحوثي أقدمت خلال شهري فبراير ومارس 2019 ، على منع واحتجاز واختطاف عشرات الشاحنات الإنسانية والطبية.
ووفق التقرير فإن احتجاز واختطاف القوافل الإغاثية من قبل مليشيا الحوثي تمت تباعاً، بهدف تضييق الخناق على عمل المنظمات الإنسانية في صنعاء، والضغط لإبقاء مسار المساعدات تحت تصرف عناصرهم في المجتمع المدني ،والذين دفعوا بالكثير من المساعدات كمجهود حربي لدعم مقاتلي الجبهات.
وأقدمت مليشيا الحوثي وفق التقرير على احتجاز ومنع 71 شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية والطبية، وأوقفت عشرات الشاحنات الأخرى التابعة للمنظمات الأممية والدولية غير الحكومية في محافظة إب خلال أسابيع من شهري إبريل ومايو 2019.
ووثق التقرير قيام مصلحة الجمارك في إب الخاضعة للحوثيين، منتصف فبراير باحتجاز 30 شاحنة تقل إمدادات طبية قابلة للتلف كانت قادمة من العاصمة المؤقتة عدن إلى محافظة الحديدة.
كما وثق التقرير منع الانقلابيين للمنظمات الدولية من إجراء التدخلات الاغاثية الطارئة في حجور بمحافظة حجة بالتزامن مع قصف بمختلف الأسلحة الثقيلة بينها صواريخ باليستية.
وكشف التقرير الأممي عن أن مليشيا الحوثي منعت أكثر من 41 شاحنة محملة بمساعدات الإيواء والمواد غير الغذائية من دخول مديرية كشر، ما أدى إلى إبطاء إيصال المساعدات الطارئة للأسر النازحة على وقع تصاعد حدة القتال.
وأشار التقرير إلى أن المليشيا الحوثية لم تسمح لمنظمات الأمم المتحدة بالوصول إلى مناطق المواجهات في مديرية كشر، سواء لتقديم المساعدات أو لتقييم الأوضاع الإنسانية.
وفي حين وثقت تقارير دولية وأخرى محلية قيام مليشيا الحوثي منذ الانقلاب باعتراض واستهداف 65 سفينة إغاثية و124 قافلة مساعدات، يؤكد تقرير خبراء الأمم المتحدة في فبراير 2019 أن الحوثيين استهدفوا سفينة تنقل القمح إلى اليمن، وهو ما أدى إلى تعريض عملية تقديم المساعدات الإنسانية للخطر، وارتفاع تكاليف المعاملات الخاصة بالواردات.
مشاريع واتفاقيات
وفي إطار الممارسات الحوثية الممنهجة لتجويع المواطنين في المناطق الخاضعة لها أكد برنامج تنسيق المساعدات الإنسانية للأمم المتحدة (الآوتشا) أن مليشيا الحوثي رفضت 11 مشروعاً منقذاً للحياة يستفيد منها 1.4 مليون نسمة.
وأوضح البرنامج أن سلطات الحوثيين تسببت في تعليق 52 اتفاقية فرعية مع المنظمات الأممية والدولية غير الحكومية، يستفيد منها آلاف الأشخاص.
وطبقا للمنسقية الأممية فإن مليشيا الحوثي كانت حتى تاريخ صدور تقريرها ماتزال تنتظر الموافقة الفعلية على 7 اتفاقيات فرعية للمشاريع الممولة من الصندوق الإنساني اليمني (YHF) يستفيد منها 236 ألف شخص.
وأوضح التقرير أن المنظمات الدولية غير الحكومية أبلغت المنسقية عن قيام الحوثيين بتعليق 45 اتفاقية فرعية منذ شهر مارس 2019، يستفيد منها 430 ألف مستفيد، حيث يرفض الحوثيون تفعيلها ضمن الضغوطات التي يمارسونها تجاه تلك المنظمات.
ماسة بالحياة
ووثقت التقارير الأممية الصادرة في 2019 انتهاج ممارسات ماسة بحق الحصول على الغذاء، وعرقلة المشاريع الاغاثية طالت أثرها الأولى 12 مليونا و100 ألف يمني.
وتمثلت هذه الممارسات التي رصدها "الثورة نت" في عرقلة وصول المساعدات والخدمات، ورفض مشاريع منقذة للحياة، وتعطيل وصول الغذاء للمحتاجين، ونهب المساعدات.
وتسبب قيام مليشيا الحوثي بنهب مساعدات برنامج الغذاء العالمي في إعلان البرنامج منتصف 2019 تعليق توزيع المواد الغذائية في صنعاء لأكثر من شهر، ما أدى إلى تضرر 700 ألف مستفيد من المساعدات التي كانت توزع في صنعاء.
وأكد خبراء الأمم المتحدة أن مليشيات الحوثي وقفت عائقاً أمام وصول المساعدات والخدمات لنحو 6 ملايين شخص يقطنون في المناطق الخاضعة لسيطرتها ، لا سيما في محافظات الحديدة ، والضالع ، وحجة.
وفضلاً عن ذلك فقد تسبب رفض مليشيا الحوثي لـ (11) مشروعاً أممياً منقذاً للحياة، بقيمة 32 مليون دولار في تضرر 1.4 مليون شخص، في حين تسبب تعطيل المليشيا وصول الغذاء للمحتاجين في يونيو ويوليو 2019 مئات المرات ، إلى الإضرار بـ 4.9 مليون شخص كانوا في حاجة لها.
قيود وإجرءات
ووفق تقارير الأمم المتحدة الصادرة عن فريق الخبراء، فقد فرضت مليشيا الحوثي الانقلابية إجراءات معقدة على المشاريع التي تقدمها برامج الأمم المتحدة، وتستغرق الموافقة على المساعدات مالايقل عن ثلاثة أشهر للحصول الأمر الذي ترتب عليه تضاعف المعاناة الإنسانية في مناطق مليشيا الحوثي.
ويتحدث ذات التقرير عن أن ميليشيا الحوثي فرضت قيوداً بيروقراطية (جهات غير مخولة تدعي أنه تنفذ إجراءات قانونية)، حيث تسببت هذه لقيود في تأخير الإغاثة والمساعدات الإنسانية.
ووثق التقرير ارتكاب مليشيا جريمة قتل وقعت بحق أحد العاملين في اللجنة الدولية للصليب الأحمر في إبريل 2018، مما أدى إلى انسحاب العاملين الإنسانيين من بعض المناطق، بعدها قامت مليشيا الحوثي بنهب المساعدات وتحويلها لصالحها وأعاقت الإمدادات الغذائية.
وفي سبتمبر 2015 قامت مليشيا الحوثي بقتل موظفين يمنيين يعملان مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، عندما كانا عائدين من صعدة إلى صنعاء على متن آليتين تحملان بشكل واضح إشارة اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وفي 20 مايو 2019 نشر تحقيق استقصائي لشبكة "سي إن إن" الأمريكية ممارسات تكشف صور استهداف العمل الإنساني من قبل المليشيا الحوثية تمثل في حصر توزيع المساعدات على المنظمات التابعة لها، والتوقيع نيابة عن المستفيدين الحقيقيين وتزوير السجلات.
وقال التحقيق إن سكان بني قيس في محافظة حجة حرموا من الحبوب وزيت الطبخ على مدى أشهر، ووقعوا ضحايا للخلاف بين برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة من جهة، وضحايا منظمة إغاثية أخرى تابعة للحوثيين وهي الموكلة بتوزيع مساعدات برنامج الأغذية العالمي.
وكشف التحقيق أن 60% من المستفيدين من المساعدات والموزعين على سبع مناطق في العاصمة صنعاء لم يتسلموا أي مساعدة، فيما حين أكد برنامج الغذاء العالمي وقوع تزوير في السجلات ، إذ تم تسليم معونات لأشخاص غير مصرح لهم، فيما بيعت بعضها في أسواق صنعاء.
ومن الممارسات التي رصدها التحقيق توقيع الحوثيين نيابة عن المستفيدين المسجلين، حيث أكدت أميرة صالح المدرجة في قائمة المستفيدين أنها لم تتسلم أية مساعدات لمدة ستة أشهر، بل فوجئت بوجود إسمها في السجلات على أنها تسلمت نحو 600 دولار من جمعية خيرية أخرى، لكنها نفت أن تكون تلقت أي شيء من هذا القبيل.
ووفق تقرير خبراء الأمم المتحدة فإن هذه الممارسات تسببت في تفاقم الحالة الاقتصادية الكارثية في اليمن؛ ما أدى إلى مزيد من انتهاكات حقوق الإنسان، وانتهاك الحق في مستوى معيشي لائق، بما في ذلك الحق في الغذاء والماء والحق في الصحة والتعليم.
*الثورة نت
اضف تعليقك على الخبر