ارسال بالايميل :
1770
الكاتب : شعيب الاحمدي
"وأبي قال مرة: الذي ماله وطن، ماله في الثرى ضريح ونهاني عن السفر". قراءة في حياة وأدب الكاتب الفلسطيني غسان كنفاني، روايتي "أم سعد، رجل في الشمس، فيلم المخدوعون" نموذجا. السفر في طيأة الروايات والمسرحيات والافلام ورسائل الحب الذي كتبها، من أمتع الرحلات في الأدب العربي.
كنفاني واحد من أشهر الكتاب والصحافيين العرب في العصر الحديث في يوم 8 تموز الفائت صادف ذكرى اغتياله الذي حدثت في 1972 بتفجير سيارته أمام منزله في منطقة الحازمية قرب بيروت، واستشهدت معه ابنة شقيقته لميس حسين نجم (17 عاما).
كنفاني كان روائيًا وسياسيًا، وعضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، تنقل في مجالات عدة بين التحرير الثقافي وتأسيس المجلات العلمية والثقافية التي تخدم القضيّة، شارك في محاكم ومؤتمرات وندوات وساحات عدة بالحروف السياسيّة والأدبية، مستلخصًا للمشاهد في فلسطين. وخلال هذه المسيرة الممتدة من مولده في عكا فلسطين، 8/ أبريل/ 1936م.
كتب في الحب رقصات القلوب المحرومة من العشق الممنوع بين المسافات البعيدة. اشتهر كنفاني بعد استشهاده ونشر رسائل الحب والحنين، الحزن والعتاب الذي سطرهن الكاتب لمحبوبته غادة حيثُ خرجت تتفاخر ببطلها الخالد في سجل تاريخ الحب والفن والرواية.
الأدب والمقاومة
كنفاني واحد من أشهر كتاب العرب ويعتبر من أوائل كتاب فلسطين المحتلة الذين اشتهروا في العقود الزمنية الأخيرة بشكل كبير، كان سياسيًا بارعًا، محاورًا مفوهًا في كل شيء إلا في نقاش محبوبته كما يراه القارئ، وكاتبًا نبيلًا حريصًا على استلهام القضيّة من كل جوانبها.
كانت أول أعمال غسان قصة قصيرة تحت عنوان "القميص المسروق" كتبها في الكويت وتلقى جائزة عليها، لديه العديد من الأعمال الروائية والمسرحية والقصصية، مقالات سياسيّة وأبحاث في أدب المقاومة، أبرز الأعمال "رجل في الشمس، أم أسعد، عائد إلى حيفا" كل رواية من هؤلاء تحدثت عن القضيّة من محورها وزاويتها المختلفة بالمعاناة، أنطباع في الروايات أم سعد، رجل في الشمس.
حسب رأيي أن الكاتب المبدع من يستطع أن يجعل الحرف الساكن شجرة تتلألأ من خلالها أغصان التشويق لقراءة الكلمة تلو الكلمة إلى ختام الرواية دون كلل أو ملل، يجعل المشهد الصامت كلمات تترجمه لسان الأبكم المختزل، لحياة أناس يعيشون جُل أوقاتهم لأجل أرضهم.
المرأة الفلسطينية
المرأة هي عمود وأساس البيت والأسرة والمجتمع، ومحور لا يقل دوره في بناء الدولة والوطن، في رواية "أم سعد" لخص الكاتب حكايات النسوة العظيمات اللواتي يكافحن لأجل البقاء على قيد الحرية والكرامة والحياة السعيدة والوطن الطاهر المقدس، في عالم قبيح مستعمر مستبد، من قِبل الغرب ولا يجدين من يسرد قصصهن الملهمات.
أم سعد امرأه فلسطينية حقيقية كما ذكرها الكاتب في روايته، عاشت بين حيطان المخيمات نازحة فقيرة ماديًا وغنية النفس، كانت أم سعد مناضلة في المحن وقائدة في الشدائد، أم حنونة في كل وقت مع ابنائها، أم سعد نموذجًا لكل النساء اللواتي يصنعن من أبنائهن قادة للوطن وفدائيين لأجل دينهم و مقاتلين لأجل عرضهم.
مقاومة الرجل
في "فيلم المخدوعون" رواية "رجال في الشمس" بطولة عبدالرحمن آل رشي وثناء دبسي، سيناريو وإخراج توفيق صالح. هذا الفيلم أعاد ترتيب الرواية أو الرواية كونت الفيلم الأهم من ذلك بأن من يقرأ الرواية ويشاهد الفيلم سيجد أشياء كثيرة أهمها كيف اختزل الكاتب المعاناة الواضحة لرجال المدنيين في فلسطين، من يشاهد الفيلم أولا ستترجم الرواية ذلك الشعور الحزين في أعماق إنسانية الإنسان الذي يغدو بلا أرض أو وطن. في رائحة تراب الوطن يقول في الرواية "كل ما أشمّ رائحة الأرض وأنا نائم عليها، أحس كأنني أشمّ رائحة شعر زوجتي وهيا طالعة من الحمام مغتسلة بالماء الباردة، نفس النكهة الرطبة الندية".
كتب أدب المقاومة وأحسن التصوير بتلك البلاغة العالية لجنود يجعلون من الحرف رصاصة من سجيل، ما يمكن للكاتب فعله أن يجعل الأرض في أعماق المواطن، لا يمكن التخلص منها، في هذا المشهد صور كنفاني بأنه "عندما توضع أذنك على الأرض، ستسمع دقات قلبها يخفق!" يعرفه المقاومون موجهًا معنويًا ومستخلصًا في مرافعة الشجاعة، يستشعره السياسيون محاورًا ومناظرًا بخلفية تاريخيّة ومعاصرة، جعل قلمه يهز كيـ ـان إسر.. ائيل. وفي حياته الذي سخرها لأجل قضيته جمع في شخصه مواصفات عديدة وشكل ظاهرة مضيئة في سيرورة الثقافة الفلسطينية لدى بحثها الدائب عن مكانها تحت الشمس.
اضف تعليقك على الخبر