يمن اتحادي هو منصة إخبارية رقمية رائدة تسعى لتقديم تغطية شاملة وعميقة للأحداث الجارية في اليمن، مع التركيز على تقديم صورة واضحة وموضوعية للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد

الزرياب

الاثنين 18/مارس/2019 - الساعة: 8:36 م
الزرياب
    يمن اتحادي/ بقلم / سمير القاسمي: كل شيء على مايرام ، هدوء الليل يقتل ضجيج النهار ، طفل صغير يتوسط أخوته يتميز بنحالة جسدة ، يحاول أن ترتفع معزوفته حتى تُسمع ، صدحت الحانه الى مسامع كل من بجانبه ، صمت الكل والتفتوا إليه اعجابا رغم انه الاصغر بين الحاضرين ، صاح بهم كبير العازفين بأن يتوقفوا عن الهذيان ، ويتركوا هذا الصبي يطرب أبصارهم قبل اسماعهم ، خرج من وسطهم مبتسما واثقا من خطواته فوق ذلك المسرح الانيق ، بدأ بالعزف منفردا تلاعب بالكرة وتراقص بها بين قدميه كأنه في سيرك يلاعب أسد مفترس وبمهارة منقطعة النظير ، ليكمل العرض وتضج الصاله بالتصفيق ويقف الحاضرون رافعين قبعاتهم لهذا المبدع الذي حول كرة القدم الى موسيقى متعددة الانغام والالحان ! حان وقت الظهور في مسرح المدينة ، الوقت لم يعد كما كان فالموهوب اصبح مرغوبا للجمهور ، ومسرح الكبسي تهيأ بحلته الخضراء لأستقبال زرياب الانيق ، وضع قدماه على العشب الطبيعي بوجل ، كان يختفي خلف زملائه محاولا تحاشي النظرات التي ترمقه من المدرجات ، تعود على ذلك مع مرور الوقت لم يعد يتحاشى النظرات ، بل اصبح متعودا عليها ، وعندما يغيب الجمهور ونظراته كان يختفي بريقه ويضع حسه الموسيقي ، هذا الزرياب الصغير والعازف الانيق ادمن العزف على ضجيج الجماهير والحناجر المشتعله في المدرجات ، سنوات هو يسطر الابداع على شاكلة لاعب كرة قدم موهوب يسجل الاهداف من كل الطرق وبكافة الالوان ، من خارج منطقة الجزاء ومن منتصف الملعب يسجل ، هدفا مقصي ولولبي حتى من الركنية ، نعم من ابعد منطقة على المرمى سجل منها اهدافا ، اخبرتكم أن هذه هو مبتكر الانغام والالحان ، من دمج بين موسيقى الشرق والغرب واخرج منها موشحات اندلسية مازالت تطرب الاذان حتى يومنا هذا ! إيهاب النزيلي النجم الممتع واللاعب الشعباوي الذي اطرب المدينة الخضراء ، صنع بقدميه اسما للمحافظة الاجمل في اليمن ، كان يعتبر جمهور العنيد تواجده امان ونعمة انعمها الله عليهم ، حتى جمهور المنتخب كان يعشقه ويتمناه لاعبا متواجدا في التشكيلة عند غيابه ، زرياب ومن مثل زرياب عندما يدخل الميدان ، إيهاب ومن مثل إيهاب سليل عائلة النزيلي ونجمهم الذي اجتاز طريق التعليم حتى وصل الى اعلى مراتبها وجمع بين تعليم الاجيال وإخراج الالحان والمعزوفات الممتعه ، إيهاب يعشق المركز الاول وكل مكان يذهب إليه او عمل يقوم به يكون في مقدمة الصفوف او يترك ذلك العمل والمكان ، هكذا عرف الجمهور الرياضي بطل وموسيقار وزرياب لايشق له غبار ! كل شىء كان كما هو ، أو يبدو كذلك . قائد الأوركسترا لا زال يرتدى رابطة العنق ويشير بكامل أناقته لباقى الفريق لكى يستمر اللحن ، اللحن الذى استمر صداه على مدى سنوات بين جنبات الملاعب ، العزف بالقدم هى مهارة أجادها إيهاب وأتقنها ، الكرة كانت ألته المفضلة التى تخرج منها سيمفونياته الممزوجة بحناجر الجماهير ودوى تصفيقاتهم التى تصنع مزيجا من الموسيقى المرئية والمسموعة فى أن واحد ، إرسالها لأكثر من سبعين مترا أو تمريرها على الأرض ، تسديدها فى الزاوية ال 90 من المرمى لتعانقها كلها ألحان خرجت من قدم المايسترو وقائد الأوركسترا لتلمع لها أعيننا قبل أن تطرب أذاننا ، وربما حتى نشعر بتذوقها فى أفواهنا حين تصل المتعة ذروتها ، حكاية موسيقية أمتعتنا لسنوات وسنوات ، رسخت فى أذهاننا أن الموسيقى من الممكن لها أن تمتزج بكرة القدم لأنها فى بعض الأحيان تكون جزءا منها من الأساس ، الأناقة أيضا ترتبط بكليهما ارتباطا لم يوثقه أحدهم مثلما وثقه وصدق عليه الموسيقار الأنيق ، وبالامس قائد الأوركسترا خلع رابطة عنقه وقميصه وترك عصاه وألته ، وترك مسارح كرة القدم بعد أن إسدال الستار على أخر ألحانه التى بدأ صداها يبتعد شيئا فشيء ، موسيقى زرياب اليمن تخفت مع مرور الوقت فقط العشاق والمجاذيب يتذكرون مافعله داخل المستطيل الاخضر ، صدى الموسيقى خفت واصبح ذلك العزف الجميل من الماضي ولازالت إب تفتخر بزريابها الذي ترك الملاعب وغادرها منذ زمن ودوي انغامه لازال يسمع ولم يسكن بعد !

اضف تعليقك على الخبر