ارسال بالايميل :
7294
كتب : مطر الفتيح
في عالم المدربين الكبير سنجد ان هناك وجهات نظر وتباينات عن اداء (س) أو (ص) منهم ، فالبعض يكيل المديح لاسم معين والذم والسباب للاخر وهكذا تسير الامور في المدرجات ، المقاهي والكافيهات ، المقايل وعند حملة الاقلام ، تتطاير كلمات الوصف ومنح شهادات حسن السيرة والسلوك وصكوك الجدارة كل بحسب وجهة نظره وحجم مخيلته .
كثيرون لا يعجبهم مورينهو مثلا ويعتبرونه مجرد بوق ناقد واخرون يعتبرون بيب الأول بين الصفوة ويعيبون في مدربين مخضرمين كــ انشيلوتي أو كابيللو ، فينغر …… الخ وحده السير اليكس فيرغسون وايضا اريجو ساكي تتفق كل الاحبار والحناجر على عقلياتهم وإلى جانبهم اسماء في ذات الخط توازيا .
في مصر مثلا تجد مجلة متخصصة تجلد المدرب عـــلان لخسارته المباراة امام الأهلي ان كان مدربهم او الزمالك وتكرر التجربة لو فاز بين التلميع أو الخسف ، وفي الخليج لا مجال للوقت والفرص فالتغييرات للأجهزة الفنية تسير بسرعة الضوء فلا ثقافة فوز او خسارة لدى قيادات تلك النوادي والاتحادات وهو امر يتكرر في الجزائر والمغرب ، اسماء تأتي و ترحل منها من يمتلك الكثير ليقدمه وغيرها من ينصدم بالواقع المسجل احترافا .
في يمننا الحبيب مرت اسماء كثيرة من المدربين في الأندية والمنتخبات ، تألق البعض وخان الحظ آخرين ولم يسعف الوقت اسماء تستحق الظهور وليس الوقت وحده بل الخجل .
ولعل أبرز من ظهر في الساحة الراحل سامي نعاش مؤخرا ومن قبله ابو الرياضيين علي محسن مريسي يرافقه الانيق الخلوق عبدالله عتيق رحمه الله.
لكن الاسم التالي الذي خطف خلاصة السطور هو المونديالي امين السنيني فهو صاحب الاطلالة الابرز والرصيد المتميز لاعبا ومدربا وموجها هو عقلية احترافية ومهنية راقية ، قريب جدا من معشوقته المستديرة ، يتعامل بحرص زائد مع المهام المؤكلة إليه ، لا يفكر بنجاحه بل بتأدية رسالته على اكمل وجه بشكل نموذجي حبب الجميع فيه وجعل البعض يهابه ليس خوفا بل احتراما لاحترافيته وطريقة تعامله التي تصب في صالح الفريق او المنتخب ومجموعة العمل بعيدا عن لغة الـــ أنا وهو ما جعله الاكثر طلبا وطنيا بالذات .
بعد المغامرة المونديالية 2002 مع منتخب الناشئين والظهور الذي شكل منعطفا في تاريخ الكرة اليمنية التي ارتبطت زمنياً بما بعد فنلندا ( الأمين ) كفترة زاهية كانت العديد من التجارب ناجحة اخراجا وتنفيذا بعدسة هذا المدرب لعل ابرزها من وجهة نظري قيادته لاسود صيرة التلال ( 2008 ) بعد الهبوط المرير عندما رفض الكثيرون تحمل المسئولية واعداده لفريق وجد ليفوز فقط .
اتذكر حينها اعتماده على 17 اسما جديدا صاعدا من فئتي النشء والشباب وبالفعل خبرته لم تخنه ولم يخذله الجنود الذين اختارهم فكان الصعود سريعا وتحول الصغار لابطال ونجوم بفضل نظرة ثاقبة و( أمل ) جديد صنعه بيديه وشكله باصرار وهدوء بعيدا عن الضجيج المصطنع بكل ثقة ذكرني حينها بالاسطورة الايطالية ساكي الذي صنع من فريق ميلان مرعبا - للقارة العجوز في نهاية الثمانينات - يهابه الجميع .
ليس الفوز على منتخب عُمان او التعادل مع الكويت او الخسارة امام الاردن هو ما دعاني للكتابة عنه بل لكونه يستحق الكثير من الانصاف فحتى اللحظة لم يحظ بذلك ، صحيح أن مدربين كثر يعتبرون اختيارهم لقيادة المنتخبات انصافا لهم لتفوقهم ولما قدموه لكنني اختلف كثيرا مع ذلك الرأي باعتبار أن البعض لايستحق تلك المسئولية المرفقة بالمحسوبية والمحاباة والتعصب كنكهة نشتم عبيرها ، لكن الأمين كان خيارا هاما ، اولا ولا ثاني له ، ووحده من يقبل التحديات ووحده من يضع شروطا للنجاح كمجموعة تحمل اسم الوطن منتخبا أو راية النادي ، اسلوبه استثنائي واحترافي يتماشى منذ مشواره الأول بالبدايات الصاخبة للعهد الجديد للكرة الاوروبية نهاية القرن الماضي وكتشبيه مختصر كالاكل بالشوكة والسكين .
امين السنيني مدرب فذ ، يعمل بصمت ، لا يتعصب لاسم او يشتكي من اخر ، يؤدي مهامه بمسئولية مغلفة بالثقة والاخلاص ، ويعتبر حاليا حامل مشعل المدربين الوطنيين الكبار ومهمة اتحاد الكرة التعامل معه على هذه الاساس ، لا انقص من حق المدربين الاخرين ولكل وزنه وقيمته وتاريخه لكن الامين امتلك القدرة والكفاءة والشجاعة والرغبة باصرار على التقدم وتلك عوامل لو نقص واحد منها فلا معنى لعصارتها ( النجاح ) .
كل التوفيق لهذا الاسم المتميز وطنيا الذي ارتبط بالتفوق لاعبا ومدربا وانسان عرفته لفترة قصيرة لكنها كانت كافية لاصدار الحكم بالتوفيق لــ ( ساكي ) اليمن .
*من صفحة الكاتب بالفيسبوك
اضف تعليقك على الخبر