ارسال بالايميل :
5883
سمير القاسمي
لطالما كان لاعب وسط الميدان على مر عصور كرة القدم هو محرك البحث ، هو من تدور حوله كل الاسئله وبجانبه تمر كافة الاجابات ، أن كان محرك مميز يأتي بالفرص للمهاجمين دون النظر الى سرعة النت او زحفه كالسلحفاء ، يضع زملائه أمام مرمى الخصوم دون جهد او تعب ، وبحركة واحدة يكون المنافسين في خبر كان ، وان كان محرك بحث مجرد صورة في سوق شراء التطبيقات او مجرد رقم في عدد ال 11 لاعب ربما يخرج بعد مباريات قليله من الباب الخلفي لكرة القدم !
خلف مرمى شعب إب كان يلعب كرة القدم صبيا ، لايعرف من كرة القدم إلا العنيد ولم يعجب بلاعبين أخرين من خارج مدينة إب ، قص شريط حياته مع كرة القدم في ذلك المكان الذي خرج منه عباقرة كرة القدم اليمنيه ، عشق مهنة صانع السعادة منذ نعومة اظافرة ، فكان يصنع اهدافا لاصدقائه على شكل هدايا اعياد الميلاد ، يفرحون بها ويضعون تلك الهدايا في مرمى الخصوم ، ربما مر الوقت سريعا ولم يدري ان الوقت يذهب مع كل حلم نحققه ، فوجد نفسه في تشكيلة شعب إب ، يقف بجانب إبراهيم الصباحي يرفع رأسه قليلا فيجد أمامه محمد السحراني ، ياالله على وضع لايحسد يمر به ، يلف رأسه 180 درجه يرمق رشيد النزيلي وخلفه الحارس العملاق خالد دهمان الذي كان يخاف يوما من وكزاته التي ترعب الاطفال الذين يلعبون دوما خلف مرمى شعب إب ، يلتفت الى جهة اليمن مع ارتفاع نظرة الى الاعلى ليرى حناجر تتقاذف الكلمات منها بطريقه ترعب اصحاب القلوب الضعيفه ، تجاوز هذا اليوم بعد أن تلقى الدعم من اللاعبين اصحاب الخبرة ، لينطلق من يومها عبدالسلام الغرباني لاعب وسط جمع بين اللعب التقليدي واللعب الحديث !
الانفاس محتبسه والقلوب تتراقص دقاتها خوفا من الخاتمه غير المتوقعه وفقدان الامل ، معلب المريسي تتحرك مدرجاته كأنها نار مشتعله ، ذهب عبدالسلام الغرباني الى اسفل المدرجات وطالبهم بالصبر والتشجيع واخبرهم ان الهدف قادم لا محاله ، منتخب الامارات فاز على منتخب الهند وتساوى بالنقاط مع منتخبنا ، التأهل بيد منتخب الامارات ولم يعد بيد منتخبنا ، كان الجمهور يصمت عندما تصل الكرة الى اللاعب رقم 8 ، ربما ثقه منهم في أن الهدف سيأتي من قدميه ، او لأن هذا اللاعب كان نجم منتخبنا في التصفيات بل كان نجم المجموعه في جميع المباريات ، والخطر على مرمى الخصوم قادم منه بهدف قاتل او تمريرة حاسمة ، منتخب بروناي متكتل في مناطقه هم يرغبون في الخرج بنقطه لتحسين تصنيفهم الدولي ، محاولات من هنا واختراقات من هناك ، خط هجومنا مشلول وحاجز اسمنتي بين الهجوم الوسط ، الكرة تتناقل في بين العمقي والكهالي والعرومي وتعود الى الغرباني ، وهكذا كأنها دائرة مكتمله دون فائدة في نقلهم الى ثنائي الهجوم ، السالمي يصارع مدافع شتمه في بداية المباراة ، عادل فهم تلك الشتيمه ، وعلي النونو كان يومها نائما بجانب احدى قوائم المرمى ، عبدالسلام الغرباني تقمص دور المنقذ وفي الحقيقه لقد كان المنقذ والمخلص ، وصلت الكرة الى قدمه رمق شباك تهتز خلف حارس ساحر تلاعب بالمهاجمين وجعلهم ينامون بطريقة مغناطيسيه ، هي لحظته تلك ، لحظة الالماز الذي يشع نوره في كل ارجاء العاصمه ، المريسي يصمت وكأن ملاكا نزل من السماء ، تحسس الكرة بقدمه ورفع رجله قليلا الى الخلف وسدد ، ركنها بطريقه عجيبه في الشباك الشماليه للملعب ، تهتز المدرجات طربا ويتأجل حسم المجموعه الى موعدا اخر كان لعبدالسلام الغرباني شرف تحديد الموعد !
في ملعب القطارة بمدينة العين مشهد سينمائي بإمتياز ، نبحث عن نتيجة التعادل او الفوز ، الجمهور اليمني يزاحم الجمهور الاماراتي في المدرجات كالعادة ، التكتيك عالي جدا الرقابه لصيقه والحصار رجل لرجل ، إلا المنقذ كان يعزف منفردا في منتصف الملعب ، كان يحاول صياغة السيناريو المنتظر للمباراة ، مع دقات خفيفه كأنها بداية معزوفه بيتهوفن الشهيرة عن الحرب العالميه ، تنطفئ الموسيقى والصخب وسيمفونيات بيتهوفن جمعيها ويحل الهدوء بعدها ، وتنطلق أصوات أخرى غريبة من جهة جمهور المنتخب الاماراتي ، على الأرجح كانت صافرات استهجان من نوع آخر وتسأولات متعددة أبرزها لماذا الغرباني يتجاوز المدافعين بتلك البساطه والسهوله ؟ ، اين العرقله التكتيكيه ؟ يستلم الكرة من خارج منطقة الجزاء يروغ كمايسترو يراقص فرقته ، يذهب يمينا والمدافع يتجه شمالا ، وعندما يذهب شمالا كان المدافع يذهب يمينا ، اجمل مراوغه في تاريخ الكرة اليمنيه ، فقد تخلص منهم ووضعها بلمح البصر في الشباك ، النتيجه ثلاثه مقابل واحد للمنتخب الاماراتي ، الامال بدأت تتكسر ولكن المنقذ لم ييأس حاول مرات عديدة ، الكرة الان في قدمه رمق قميصا اخضر في وضع قريبا من المرمى ، علي النونو هناك قريبا من الشباك فرصه للتسجيل غمز المنقذ الكرة بطريقة مذهله ، سدد النونو هدفا ثانيا وقلص منتخبنا النتيجه ليعود الامل إلينا ، نحتاج الى التعادل لكي نتأهل هدف واحد يضعنا في الدور الثاني للتصفيات ، فجأة ودون مقدمات يسقط المنقذ على الارض مصابا يسقط عبدالسلام الغرباني ، وضع الجمهور اليمني ايديهم على رؤوسهم لانتهى الحلم بمغادرة الالماز مصابا لنخرج من التصفيات بفارق هدف وفارق لاعب اصيب كان الاهم في تشكيلة المنتخب اليمني في هذه التصفيات ، ولاعب اسطوري في تاريخ شعب إب !
اضف تعليقك على الخبر