يمن اتحادي هو منصة إخبارية رقمية رائدة تسعى لتقديم تغطية شاملة وعميقة للأحداث الجارية في اليمن، مع التركيز على تقديم صورة واضحة وموضوعية للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد

الوحدة اليمنية هدف استراتيجي  دمرته النزوات

الخميس 22/مايو/2025 - الساعة: 1:29 ص
الوحدة اليمنية هدف استراتيجي  دمرته النزوات

 

الكاتب : عبدالناصر العوذلي 

في مثل هذا اليوم توحدت  اليمن الديمقراطية الشعبية  مع الجمهورية العربية اليمنية، وأزيلت الحواجز الاسمنتية  والبراميل التي كانت تفصل بين البلدين او الشطرين  وان كان هناك من  سيركز كثيرا أمام مفردة البلدين ويذهب بعيدا في التصنيف للكاتب مع ان الواقع يقول أن الإتفاق الوحدوي جرى بين دولتين مستقلتين  وليس بين شطرين ولكل منهما مقعده الأممي والدولي والإقليمي أيضا. 

الوحدة اليمنية مشروع استراتيجي عظيم وغاية شعبية سعى إلى تحقيقها  شرفاء الوطن وكانت غاية من غايات الشعب وهدف استراتيجي مضت كل الفئات الشعبية والقوى السياسية الى تحقيقة بكل وسائل النضال   ..


لم تكن الوحدة وليدة الصدفة  ولكنها مخاض عسير لتراكمات ثورية ونضالات شعبية ترسخت في الوجدان الشعبي منذ الكفاح المسلح الذي اشترك فيه ثوار من الجنوب والشمال على السواء   ضد الإمامة في الشمال  والاستعمار البريطاني في الجنوب    ..

ولقد مر مشروع الوحدة بالعديد من المنعطفات التاريخية الحرجة وشهدت البلاد ثلاثة حروب بين الشمال والجنوب كلها كانت بغطاء الوحدة  آخرها كانت حرب 1978 والتي والتي توغل فيها جيش جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية إلى العمق من أراضي الجمهورية العربية اليمنية  ...

وكانت اتفاقية الكويت بين الزعيمين علي عبدالله صالح  وعبدالفتاح إسماعيل  والتي على ضوئها تم سحب قوات  ج ي د ش   من  أراضي الجمهورية العربية اليمنية ..

ومرت البلاد بمخاضات  ومنعطفات عديدة في الشمال والجنوب ففي الشمال كانت انتفاضة الناصريين  ومحاولتهم قلب نظام (صالح) في ثمانينيات القرن العشرين وفشلت محاولاتهم رغم التكتيك العسكري المحكم ويعود الفضل لإفشال الانقلاب الناصري للجنرال  العتيد علي محسن صالح الذي كشف المؤامرة وتعامل معها بحكمة واقتدار    ..

وفي الجنوب كانت القوى السياسية قد وصلت الى مراحل من عدم الوفاق  بين الرفاق في الحزب الاشتراكي اليمني الذي تبنى النظرية الإشتراكية التقدمية ولكن  بعقليات قبلية وقروية بعيدة كل البعد عن الفهم الاشتراكي الذي تسربل به الحزب الاشتراكي اليمني  ...

 واحتقنت الامور في 1986 واصطدم جناحي الحزب الاشتراكي اليمني  جناح علي ناصر محمد  المنفتح على النتمية والبناء  ..

والجناح الراديكالي المتطرف في الحزب بقيادة علي أحمد ناصر عنتر  وكانت نتائج الاحتقان السياسي الحرب التي قصمت  ظهر الجنوب وأصلته الى مرحلة من الضعف على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والعسكري خصوصا بعد نفوق القيادات الراديكالية  علي عنتر وجماعته وهروب علي ناصر  وجماعته  ...


وسيطر التيار  المناوىء لعلي ناصر على الحكم في 1986 بعد ان استطاعت قواتهم السيطرة على عدن وبدأت حقبة جديدة بقيادة علي سالم البيض  أمينا عاما للحزب الاشتراكي اليمني  لمدة اربع سنوات فشلت هذه القيادة في إدارة الدولة فكانت الوحدة خيارهم للهروب من الواقع  ..

 ومن الفشل الى الوحدة التي لم يصيغوا مشروعها ولم يضعوا  أي نقاط تكفل حقهم وحق الشعب في حالة الفشل  وحدة اندماجية بين نظامين أحدهما مدني  والأخر نظام قبلي .

 .وكان الاحرى التدرج في بناء الوحدة  وتمريرها بمراحل .

  اولا  كونفيدرالية لمدة خمس سنوات وتقيم المرحلة وفي حالة النجاح الانتقال الى المرحلة .
 ثانيا مرحلة الفيدرالية   خمس سنوات  وهو النظام المعمول به في اغلب دول العالم  ..

مسألة الدولة البسيطة ذات الدمج الإداري ومركزية  القرار السياسي اعتقد انها سبب رئيس لإفشال الوحدة لأنها صنعت أساطين فساد وتنفذت فيها قيادات وصولية  قتلت روح الوحدة واخرجتها عن مفهومها الوطني  ..

كل هذه الارهاصات والإخفاقات كانت مقدمات ومخاضات صعبة سبقت ومهدت لولادة الوحدة اليمنية ..

 وهي كما اسلفنا  غاية سامية وهدف استراتيجي عظيم لكن مع الأسف تم بصورة ارتجالية وعشوائية بين  قيادة  لم تكن على مستوى الحدث  ولم تكن مؤهلة سياسيا واخلاقيا لإدارة حدث بهذا الحجم فالحدث كبير لكنه تحقق على أيدي شخصيات لم تكن تحمل مشروع وطني جامع ولا رؤية وطنية لبناء دولة محوربة  قوية بل كانت النوايا في بواطنهم سيئة .

صالح كان يحمل نوايا تفكيك دولة الجنوب وإفقادها التمثيل الدولي ومن ثم السيطرة على مقاليد الحكم من خلال تصفية قيادات الحزب الاشتراكي وصهر الجنوب ذو الاقلية السكانية الديمغرافية في قالب أكبر  من التعداد السكاني الديمغرافي في الشمال وبدأ بذلك في السنة الأولى منىالوحدة الارتجالية وحدة النفق كما يسميها الجنوبيين. 


وعلي سالم البيض  كانت قيادات التيار الزيدي السلالي في شمال الشمال  والاشتراكيين   في تعز  وإب وبعض محافظات الشمال الذين أوهموا  أن الشمال كله اشتراكي وأنه بمجرد إعلان الوحدة سيسقط المؤتمر الشعبي العام  وصالح  في غضون أشهر هكذا كان كل طرف يمضر للآخر  

 إذا ً هذه هي  النوايا السيئة التي انطلقت بها نفسيات وأفكار  قيادات الوحدة والتي اوصلتهم ٥ي السنة الاولى الى الاحتدام والى الخلاف العميق الذي ادخلهم في نفق مظلم وجرت مفاوضات عديدة قال علي سالم البيض أنهم كانوا يجتمعون على مدى أشهر ويخرجون بقرارات تنتج عن حوارهم  ...

  ولكن صالح  يقول بعد كل  ذلك التوافق    ( مع )  قال سالم  أنه  بحرفين ينهي حوار أشهر ونعود الى نقطة الصفر  ..


ومن وجهة نظري الوحدة كمشروع وطني استراتيجي لم تفشل ولكن فشلت القيادات السياسية والنخبة الحاكمة في إدارتها فشلت .

 وهذا الفشل هو ما نحن فيه اليوم من معترك سياسي وعسكري أعاد الأنظمة البائدة الى الواجهة الفشل في إدارة الدولة كان سببا في عودة الإمامة  وسقوط الجمهورية  ومع سقوط الجمهورية لامكان للحديث عن  الوحدة إذ أن الوحدة ربيبة الجمهورية وهي نتاج لعمل جمهوري ..

 ووجود المشروع السلالي يعيق الوحدة فلا وحدة مع الإمامة ولا وحدة بدون استعادة الدولة اليمنية بقالبها  الجمهوري  ...

ولقد كان مؤتمر الحوار 2013 بداية الترميم لمسار الوحدة واستطاعت القوى السياسية ان تجتمع تحت سقف واحد وتتحاور بكل شفافية للوصول الى مشروع وطني يعيد الإعتبار للوحدة ويصحح مسارها فكانت وثيقة الحوار التي أقرت بناء دولة اتحادية فيدرالية تعطي الحقوق والحريات وتدفع بعجلة التنمية  وتعطي  للأقاليم حقها في إدارة نفسها بنفسها وتلغي المركزية السياسية التي كانت تدير النظام السياسى من المركز المقدس  .

وكادت أن تلد الدولة الاتحادية الفيدرالية التي توافقت عليها القوى السياسية  غير أن   الدولة العميقة المتغلغلة في كل مؤسسات الدولة العسكرية والمدنية استطاعت أن تئد المشروع الاتحادي ..

  وتحالفت قوى الدولة الدولة العميقة  مع قوى المشروع الإمامي فسقطت صنعاء في 21 سبتمبر 2014 بيد الحوثيين المدعومين من إيران وتفككت البلاد وتشظت ودخلت في حرب أهلية  خاضها الحوثيون ضد أبناء الشعب  اليمني ماحدى الى التدخل العربي  فيما سمي بالتحالف العربي الذي انطلقت اولى طلعاته في 26 مارس 2015 ...

 واحتدمت الحرب بين المقاومة الشعبية والحوثيين في كل المحافظات عدن وابين ولحج  ولكن الدعم المباشر من التحالف العربي كان له الأثر البالغ في انتصار المقاومة المحافظات الجنوبية .

واستمرت هذه الحرب على جبهات اخرى واستعرت ومازالت الى اليوم تستعر وتأكل الأخضر واليابس  ودمرت اليمن وأعادته الى القرن الثامن عشر  .

وما زلنا نخوض غمارها ونكتوي بنارها  وكل هذا الذي حصل ويحصل ليس لأننا دولة فقيرة في مواردها بل دولة نحن دولة فقيرة في قيادتها ولأننا  لم نكن على مستوى اليمن  ولم نكن على مستوى الوحدة . 

  وحدة الثاني والعشرين من مايو ذلك اليوم الأغر والذي للأسف لم يبنى على أسس وطنية ولا رؤية استراتيجية بل كانت وحدته  نزوة لقيادات اصغر من حجم الوحدة  .

22 مايو 2025

اضف تعليقك على الخبر