بدأ التحضير لها باكراً للاحتفاء بها، إمّا عبر الفضاء الإلكتروني، حيث كان لتقنية النقل المرئي "الزوم" إسهام كبير في إعادة التقاء شباب الثورة اليمنية، الـ "11" من فبراير، في عملية تشبيك جديدة، أتاحها لهم عالم ما بعد كوفيد 19، وليس عالم ما بعد الربيع العربي، الذي جعل شباب اليمن كغيره من شباب بلدان الربيع، إما في المنافي البعيدة، أو في الداخل محارباً عتيداً لقوى المشاريع الصغيرة التي لم ترد مصادرة حلمه في دولة ضامنة، بل حقه في الحرية والكرامية والتعبير.
شباب محافظة تعز، وسط البلاد، المحافظة التي تعدّ الأكثر إنهاكاً من الحرب، ومعاناة الحصار، كانت كعادتها جاهزة للاحتفاء كما في كل عام، بحسب الظروف التي تعيشها.
تقسمّ أبناء تعز مهمة الاحتفال والابتهاج، كما اقتسموا من قبل مهمة الدفاع عن مدينتهم، ومواجهة الانقلاب الحوثي، وهي المحافظة التي نالت منها المشاريع الأخرى جنوباً وغرباً، حيث قوى أخرى ما زالت تتربص بالثورة، وكل ما يمت للربيع العربي بصلة، حيث الإمارات العدو الأول لثورات التحرر العربية.
لم تكتف تعز باحتفال كرنفالي أقيم في قلعة القاهرة التاريخية عصر أمس "الأربعاء" الذي وافق العاشر من فبراير، بل أشعلت شعلة الثورة في أكبر شارع فيها مساء، وفي مدينة التربة، ومديريات أخرى، شهدت جبالها وتبابها إشعال كرات النار تعبيراً فرائحياً بذكرى الثورة الشبابية، التي لم تمض أيامها قبل سنوات عشر أمناً وسلاماً، حيث كانت تعز أكثر مدينة تعرضت لعنف النظام السابق، والذي وصل إلى إحراق المتظاهرين، وهم داخل خيامهم، في ساحة الحرية ذات ليلة باردة.
مأرب.. شرق البلاد يتجهز عدد من شباب الثورة فيها، للاحتفاء بحماس أكبر من العام الماضي، حيث تبدو المحافظة تخففت قليلاً من السياسية السعودية التي تناصب العداء علناً للربيع وأصحابه.
أبناء مأرب وآخرون من النازحين والوافدين، من محافظات شتى، يستعدون للاحتفاء، يشعرون أن مأرب هي قدر فبراير وقد لجأوا إليها، كما التجأت ساحات فبراير في صنعاء إلى أبنائها، إبان زخم الثورة لحمايتها من بطش صالح وزبانيته، ممن أقدموا على كل الطرق لإخلاء الساحات، أو حتى إبادة من فيها، وكانت أيام دامية منها جمعة الكرامة، التي سقط فيها العشرات من الشباب الأنقياء برصاص نظام، سريعاً ما سلم كل شيء، بعد حين للقادمين من كهوف التاريخ، ممن جاءوا حاملين معهم جذوة الأحقاد والطائفية التي أحرقت كل ما أمامها، وليس جذوة ثورة فبراير، التي أرادت حينها أن تكون برداً وسلاماً للجميع.
مراسم الاحتفاء ستختلف بحسب ما تعيشه الأرض اليمنية الممزقة، بين قوى ما بعد انقلاب المليشيا الحوثية، إلاّ أن ملايين اليمنيين، قد بدأوا احتفاءاهم منذ زمن على صفحاتهم في وسائل التواصل الاجتماعي.
محمد المقبلي، الناشط الشبابي، وأحد القيادات الشابة، التي كان لها إسهام كبير، في ساحات فبراير السلمية، يقول إن ما يحدث هو إحياء لذكرى الثورة، وليس مجرد احتفاء عابر.
وقال في تصريح لـ "المهرية نت" بأن الاحتفاء بثورة الـ 11 من فبراير أمر مهم جداً لتجديد الانتماء والولاء لواحدة من أهم المحطات التاريخية في اليمن.. مشيراً إلى أن فبراير، أسست ووضعت أفقاً جديداً، أفقاً متعلقاً بمستقبل اليمنيين.
ويستذكر المقبلي بأن الثورة الشبابية السلمية في بلادنا، كان من مخرجاتها انتقال سلمي للسلطة، وحوار سلمي.. فبراير لديه وضعت ما يسميه الأسس النظرية المهمة جداً، التي حققت المداميك الصلبة المؤسسة لليمن الجديد، حيث يمكن لليمنيين البناء على مخرجات فبراير لبناء المستقبل الذي تم الانقلاب عليه فيما بعد، وما زال الجميع يعاني من تبعات هذا الانقلاب.
الصحفي يحيى حمران، هو الآخر، في استعداد تام للاحتفاء بطريقته بفبراير، على الرغم من نزوحه إلى مدينة مأرب، التي لم يغادرها من ستة أعوام، إلا أنه كما يقول لم يترك الاحتفال والابتهاج بفبراير طيلة هذه السنوات، وأن الحرب لم تمنعه من أداء ما بقي له من ذكرى بأعظم ثورة، كان هو من شاهديها وصانعي أيامها العظيمة.
وقال حمران لـ "المهرية نت" إن في الذكرى العاشرة لثورة فبراير، يتجدد النضال، وهو يتجدد في كل لحظة يعيشها الشباب ممن انضموا إلى جبهات القتال، في مقارعة الانقلابيين.
وأفاد أن من خرج بالأمس سلمياً وتصدى للترسانة العسكرية بسلميته مطالباً بتفعيل المؤسسات وإرساء دولة العدل والقانون، تحول تلقائياً من الساحات إلى المتارس مدافعاً عن الثورة والجمهورية، وواضعاً جسده أمام عودة الإمامة والكهنوت، مقدماً أغلى ما يملك في سبيل ذلك وهو دمه.
إلى ذلك يؤكد علي أحمد باحاج، من شباب 11 فبراير في محافظة شبوة، والذي يشير إلى أنه الثورة مستمرة، من خلال الإرهاصات التي عاشتها محافظته وكل محافظات اليمن، والتي تدفع ضريبة التغيير، وسيستمر النضال حتى تحقيق كامل الأهداف المرسومة.
ويقول لـ المهرية نت" بأن عاش الثورة مع غيره من شباب اليمن، بحلوها ومرّها وتجرّعنا مرارة التداعيات والانتكاسات، التي منيت بها ثورتنا السلمية العظيمة، والتي من أهم أسبابها تآمر قوى داخلية وخارجية على الأهداف العظيمة التي خرج الجميع منادياً بها، خرج الشباب في كل ربوع اليمن، يهتفون للتغير والخلاص.
وأضاف إن الثورات العظيمة هي التي يتم التصدي لها، والتآمر على أهدافها، وهو ما حصل لفبراير اليمنية، التي تكالبت عليها قوى الثورة المضادة، إلا أن شباب فبراير في إصرارهم الكبير، وسيفشلون بصبرهم ورباطهم كل المخططات وسيحتكم الجميع في الأخير للمبادئ الكبيرة لفبراير، التي أرادت المواطنة والتعايش وفرص التنمية والعدل لكل المواطنين وهل هناك أهداف أفضل من ذلك.
*المهرية نت
اضف تعليقك على الخبر