ارسال بالايميل :
5881
يمن اتحادي - خاص..
بدا رئيس الحكومة معين عبدالملك، كما غيره من القيادات التي خذلت اليمن في أدق الظروف، لابساً ثياب (الحياد) في القضايا التي تمس هيبة الدولة وسيادتها، وتنتهك الشرعية، وتمثل ذلك في مراوحته في قضية انقلاب الانتقالي على الدولة في عدن، وأعقب ذلك أن أكد أنه والانتقالي (في خندق واحد).
هذا الموقف الرمادي، أعاد إلى الأذهان مواقف جيش المحايدين في صنعاء، فيما كانت مليشيات الحوثي تجتاح المدن والقرى وصولاً إلى عاصمة الدولة، واسقاط مؤسساتها، بعد ما يقرب من عامين من (الحياد) الذي ابداه مسئولون حكوميون، كان على رأسهم وزير الدفاع الخائن محمد ناصر أحمد، الذي كانت تصريحاته ومواقفه لا تختلف كثر عن مواقف وتصريحات معين عبدالملك.
هذا النوع من الحياد ليس حياداً حقيقياً بقدر ما هو غطاء على الموقف المتخاذل والمتواطئ مع التمرد والانقلاب ضد الشرعية، لأغراض غير وطنية البتة، لا تلبث أن تكشف عن حقيقتها بمواقف تطعن في الشرعية، بل وتذهب إلى الطعن في رجالها الذين اثبتوا مواقف وطنية، بغرض اضعافهم وتشويه صورهم.
هذا بالضبط ما يفعله معين ومطبخه الإعلامي، فلم يتوقف سيل الاتهامات التي تستهدف الشيخ أحمد صالح العيسي لحظة واحدة فقد سبق أن قام غيره بذات الدور، غير أن الذين مواقفهم راسخة وواضحة لا يضعفون أمام حملات الزيف لمن هم أضعف من القشة.
لم يتورع مطبخ معين في اطلاق التهم الممجوجة، وتلفيق الأكاذيب لاستهداف العيسي، مرة بالاحتكار، وأخرى بالسيطرة، وثالثة بالشراكة مع تجار نفط حوثيون، وأخيراً بتهريب النفط الإيراني، وهي تهم لا يصدقها عاقل، خصوصاً أن مثل هذه التهم قد سبق غيره إلى اطلاق مثلها قبل سنوات، وبرأت اللجان البرلمانية رجل الأعمال الوطني، وشاهت وجوه المفترين.
ولا يمكن بأي حال أن ينسى هؤلاء أن مليشيات الحوثي كانت تستهدف القيادات الوطنية واستثماراتها، وأن مليشيا الحوثي عندما غزت الحديدة كانت أعينها على العيسي وشركاته وممتلكاته، وقدم ثمناً باهظاً لموقف الوطني الثابت والراسخ، في حين كان معين ومن على شاكلته يعتاشون من مواقفهم المتذبذبة، بينما سخر العيسي أمواله لدعم الشرعية، في الوقت الذي يستغل معين منصبه وادخل 15 ناقلة نفطية للحوثيين إلى ميناء الحديدة، بعضها قادمة من موانئ "إيرانية" محظورة دون أن تدفع جمارك وضرائب للدولة ما يعني اهدار عشرات المليارات من موارد الدولة.
غير أن ما يمكن ملاحظته في هذا الصدد أن معين ومطبخه الإعلامي تركوا مسئولياتهم في إدارة الحكومة ورعاية مصالح أبناء الشعب المنكوب بالانقلاب والمتواطئين معه، وانشغلوا بإدارة مطابخ فاحت روائحها، وجمعت كل المتناقضات، حتى بلغت أن حكومة معين تصرف رواتب باهظة للقضاة الحوثيين الذي اصدروا قرارات الإعدام بحق رئيس الجمهورية وقيادات الدولة المدنيين والعسكرين، والصحفيين، ويتم إرسالها لهم إلى صنعاء.
ولعله من المفيد التذكير بأن كثير ممن يعملون في مطبخ معين، كانوا ضمن جيش المحايدين الممهد للانقلاب الحوثي والمبشرين بـ"القوة الفتية الصاعدة"، وهم اليوم ضمن جيش الحياد أمام ممارسات المليشيات في اسقاط هيبة الدولة وسقوط مؤسساتها في العاصمة عدن.
لقد ولد معيناً والملعقة الذهبية في فمه، ولم يصنف يوماً في صف المناضلين، وميزته مواقفه الرمادية المهادنة، حتى وجد فرصة ليصبح مسئولاً حكومياً، وحينها حزم أمتعته وقفز في سفينة الشرعية، لكنه ظل على تذبذبه و(حياده) الذي لم يجن الوطن منه إلا الخيبات، وبدلاً من أن يتفرغ لتحسين أداء الحكومة الشرعية في أهم مرحلة مفصلية في تاريخ اليمن هي استعادة الدولة، لكنه اتجه ليصنع سهاماً طائشة ويرشق بها كل من حملوا مسئولية النضال، وخاضوا غمار معركة استعادة الدولة.
بات المطلعون على أداء الحكومة ورئيسها يدركون جيداً أن معين فرغ نفسه لإدارة معركة عبثية مع واحدة من أهم الشخصيات المؤثرة في المشهد اليمني بتعقيداته الجمة وتفاعلاته المتداخلة والمتشابكة، محاولاً النيل من الشيخ العيسي والانتقاص من أدواره الفاعلة بعد أن قدم نفسه كشخصية وطنية لا يشق لها غبار، كاقتصادي محترف، وتاجر فذ، ورياضي شغوف، وهو مع كل ذلك وطني نزيه، وسياسي صادق، يمارس دوره الوطني بثبات، جمع صدق التهامي وصلابة أبين، وخاض العمل السياسي باقتدار، دون أن يفرط في الثوابت الوطنية.
ولعل من السخرية البالغة أن يتفرغ رئيس حكومة غارقة في الفساد، ومغرزة في العجز والفسل، وقرارها مرتهن لممولي الانقلابات، لمهاجمة شخصيات وقيادات وطنية واتهامها بأسخف الاتهامات، فيما كل مواقف وتصرفات معين لا تخدم إلا استمرار الانقلاب الحوثي، ولا تقدم إلا الخذلان للشرعية وقيادتها.
اضف تعليقك على الخبر