ارسال بالايميل :
1653
يمن اتحادي - صنعاء - تقرير
بحضور باهت وغير متوقع أنتهى مؤتمر المقاولين الذي عقد بتاريخ 12- 13 من يناير الجاري 2020م بالعاصمة صنعاء الخاضعة تحت سلطة الحوثين انتهى بالفشل ولم تكن مخرجاته على المستوى المطلوب الذي كان يتطلع اليه الاتحاد العام للمقاولين اليمنيين بمشاركة نحو "15" شركة مقاولات فقط من إجمالي أكثر من "250" شركة مقاولات بفئاتها وتصنيفاتها المختلفة مع حضور محدود لا يتجاوز "5" من رجال المال والاعمال الذين حضروا في افتتاح المؤتمر فقط بصفة شخصية وليس كممثلين عن الغرف التجارية والصناعية، فيما تنوع بقية الحضور والمشاركين من الكيانات النقابية الهندسية اضافة الى عدد من المهندسين والموظفين لدى الوزارات والهيئات الحكومية الرسمية.
المؤتمر الذي عقد تحت شعار(الدور والريادة) من أجل تعزيز قدرات قطاع المقاولات في اليمن لمرحلة التعافي وإعادة الاعمار فقد اشتمل على اربعة محاور رئيسية كان أبرزها مؤازرة السياسات وتحسين بيئة الاستثمار ومعايير التأهيل ومبادئ الحوكمة والنزاهة، إضافة الى خمسة أهداف للمؤتمر مجتمعة في هدف واحد يتمثل في تشخيص كافة المعوقات والمشاكل في قطاع المقاولات وايجاد الحلول والمعالجات بغية الحصول على التعويضات المباشرة والغير مباشرة التي لحقت بهذا القطاع.
وفي إطار سعي الاتحاد العام للمقاولين اليمنيين كمنظمة مجتمع مدني مستقله البحث عن فرصة يستطيع من خلالها الى عرض مظلوميته الى المجتمع المحلي والدولي، وبما يمكنه من تقديم نفسه كشريك مجتمعي ومهني يتمتع بحيادية واستقلالية تامه، ورغم التحضيرات الاولية للأولويات المؤتمر واهدافه والتي تم صياغتها بالتنسيق والتعاون مع الهيئة العامة للاستثمار والهيئة العليا للرقابة على المناقصات ومعهم مؤسسة شبام القابضة التي سارع الحوثيين تغيير اسمها الى (مؤسسة يمن القابضة) ، إلا ان ثمة منغصات عملت على تحويل مسار المؤتمر واستطاعت فرض رؤيتها من خلال توظيف مؤتمر المقاولين لصالح اجندتها السياسية والاستثمارية لتفرض بذلك أمرا واقعيا على كافة محتويات ووثائق المؤتمر والتي خضعت جميعها تحت اشراف دقيق ومباشر من خلال تشكيل لجنه خاصه مشتركة تابعه لجماعة الحوثي من رئاسة حكومة الوزراء والمجلس السياسي الاعلى.
اللجنة المشتركة التي فرضها المجلس السياسي الاعلى أحكمت السيطرة على كافة مسارات المؤتمر تنظيميا واعلاميا في ظل ما فرضته من رقابة مشدده على مستوى المشاركات في اوراق العمل حيث تم ترشيح واختيار معدين بنظر اللجنة ووصل الحال الى التحكم الكامل بالتغطية الاعلامية وكذلك إعداد وصياغة نتائج وتوصيات المؤتمر الذي ظهرت ركيكة وضعيفة بل ذهبت النتائج الى أبعد مما يتوقعه المقاولين ويتطلعون الى تحقيقه وذلك لعدة أسباب تتمثل بالاتي :
خشية جماعة الحوثي من تصعيد سق مطالب المقاولين وكشف المزيد من المظلومية والابتزاز الذي يواجهه قطاع المقاولات لما يتم فرضه بالقوة على المقاولين من ضرائب وواجبات زكوية ورسوم تجديد التراخيص فضلا عن الضغوط بدفع حصتهم من الدعم للجبهات والفعاليات الدينية والثقافية ناهيك عن اخضاع الغالبية من كبار المقاولين الى التحقيق والمسائلة عن مكتسباتهم المادية والمالية ووضعهم في دائرة الرقابة على كافة أنشطتهم الاستثمارية والعقارية وغيرها.
تعمدت جماعة الحوثي الى التقليل من مطالب المقاولين المتعلقة بالمستخلصات والمديونية المستحقة والمتراكمة لدى الحكومة والمقدرة بمليارات الدولارات وذلك من خلال توجيه اتهامات للمقاولين بالقصور والتهرب الضريبي والأخطاء والتلاعب في تنفيذ المشاريع حيث تصر جماعة الحوثي على وجوب تقييمها واعادة النظر فيها بإعتبار ان المشاريع التي تم تنفيذها تمت خلال فترة حكم الرئيس عفاش حيث تصفها الجماعة بفترة الفساد والتلاعب بالمال العام وغير ذلك.
عملت جماعة الحوثي على تجميد نشاط شركات المقاولات من خلال ما انتهجته من خطط مسبقة ضمن رؤيتها وبرامجها الاقتصادية والاستثمارية التي تعمل على تنفيذها منذ العام 2016م ما تسمى باللجنة الاقتصادية والمتمثلة في دعم وايجاد ما تسميه الجماعة بالتجار والمقاولين الجدد والبالغ عددهم أكثر من (60) مقاولا ،اضافة الى أكثر من (35 ) شركة تعمل في استيراد وتجارة مواد البناء والتشييد وشركات الخرسانة وغيرها، والذين يحضون بالدعم من خلال منحهم التراخيص وتمكينهم من تنفيذ مئات المشاريع، بل وفرضهم على مشروع الاشغال العامة الممول من البنك الدولي وكذلك الصندوق الاجتماعي للتنمية والمئات من المشاريع الممولة من قبل المنظمات والمانحين، مع عدم السماح لأي مقاول العمل مالم يكن حاصلا على موافقة الجماعة لا سيما في محافظة عمران وصعدة وذمار ومحافظة صنعاء الواقعة تحت قبضة الحوثيين.
تمكنت الجماعة البحث عن ذرائع للتنصل عن مسؤوليتها ولذر الرماد على العيون من خلال اتخاذ توجيه رسائل مبطنه وهو ما كشفه محمد على الحوثي خلال حضوره المفاجئ الى قاعة مؤتمر المقاولين بعد مغادرة رئيس وزراء حكومة صنعاء وعدد من المسؤولين بعد الافتتاح والتدشين الرسمي لفعالية المؤتمر، حيث القى محمد الحوثي كلمة استثنائية لم تكن مدرجه في برنامج المؤتمر أكد خلالها على اهمية انشاء لجنة تنسيق عليا تتولى مراجعة المستحقات المالية واعادة النظر في تصنيف وغربلة المقاولين، والعمل على حصر وتقييم ممتلكاتهم ورؤوس اموالهم على ان تكون واضحة وشفافة أمام الجميع، اضافة الى توجيه تهمه مباشرة للمقاولين بالفساد وتلاعبهم في تنفيذ المشاريع والتهرب الضريبي مؤكدا بالقول بأن اليوم ليس كما الأمس ،الى جانب ان ما يتم المطالبة به من مستخلصات وتعويضات أمرا غير قابل للتحقيق وان على من لديهم اموال ويبحثون عن تعويضات فإن عليهم الذهاب الى البنك المركزي في عدن وتشكيل لجنة قانونية من المحاميين لمحاكمة حكومة الشرعية عبر المحاكم الدولية، وهي رسالة صريحة وواضحة وجهها محمد الحوثي للمقاولين بأنه من غير المستحيل القبول بطلباتهم او الاعتراف بها ، الامر الذي أدى الى امتعاض المشاركين في المؤتمر وزاد من خيبة الأمل لديهم.
حاول الاتحاد العام للمقاولين اليمنيين ان يظهر بصورة مستقلة كمنظمة مجتمع مدني إلا أن جماعة الحوثي ومن خلال اللجنة المشتركة الذي فرضتها عشية انطلاق المؤتمر والتي فرضت على الجهات المنظمة والمنفذة للمؤتمر انها من ستتولى تنظيم الفعالية اعلاميا ورسميا، الأمر الذي دفع بعشرات شركات المقاولات ومعها الشركات المكملة لقطاع المقاولات والبناء والتشييد الى مقاطعة الحضور اضافة الى غياب رئيس اتحاد المقاولين المقاول يحي الضنين وذلك تعبيرا عن موقفه بعدم حضور المؤتمر تحت مبرر السفر الطارئ خارج اليمن لدواعي صحية عاجلة، رغم انه عمل طيلة ستة اشهر في الاعداد والتحضير الى ما قبل انطلاق المؤتمر بيوم واحد، وقد تمكنت بالفعل من تعزيز تواجد وحضور المسؤولين والشخصيات التابعة لها مع الاستحواذ الكامل على الكلمات والتصريحات الرسمية والتحكم بنشر اخبار المؤتمر على المواقع الاخبارية التابعة لجماعة الحوثي الامر الذي أدى الى ظهور المؤتمر بطابع سياسي بحت من زاوية واحده وبالتالي تم تجريد مؤتمر المقاولين من اهدافه ورسالته ومحتواه الذي تم التحضير له أكثر من شته أشهر.
استغلت اللجنة المشتركة التابعة لجماعة الحوثي وجود الكيانات والنقابات المهنية الهندسية المطالبة بإصدار القوانين الخاصة بتنظيم مزاولة المهن الهندسية وتنفيذ قانون البناء ولائحته التنفيذية الى جانب القوانين ذات العلاقة بالتصنيف ومعايير الكفاءة والجودة والتلاعب بالمناقصات وغيرها لتتحول تلك المطالب القانونية في وجهه نظر اللجنة المشتركة الى مربط الفرس لمطالب المقاولين المالية والحقوقية والذي لا يمكن القبول والمصادقة عليها لكونها لا تستند على القوانين الخاصة بتنظيم مزاولة المهن الهندسية والقوانين الاخرى وأن عليها التريث حتى يتم اصدار تلك القوانين تحت مبرر معالجة واصلاح وضع قطاع المقاولات بشكل جذري وليس لمجرد الحصول على التعويضات والمستخلصات المالية الخاصة التي تخدم مصالح البعض على الامد القصير.
وكان الاتحاد العام للمقاولين اليمنيين قد بدا عملية التحضير لإعداد المؤتمر منذ وقت مبكر وذلك من خلال تنظيم عددا من الورش والندوات المتخصصة، اضافة الى ما تم اعداده من اوراق عمل بلغت عشر اوراق علمية متنوعة تم عرضها ومناقشتها على مدى يومين حيث شارك في إعدادها مجموعة من الخبراء والمتخصصين يمثلون عدة جهات من القطاعين الحكومي والخاص، إلا ان حصيلة نتائج المؤتمر انتهت بالفشل بسبب ان اللجنة الحوثية التي فرضها المجلس السياسي الاعلى عمدت الى صياغة التوصيات والنتائج وفق ما تراه وما تم اقراره والتوافق عليه خارج قاعة المؤتمر لتصبح امرا مفروضا على الجميع.
لتضيف بذلك معاناة اخرى في ظل السيطرة الكاملة التي تفرضها جماعة الحوثي على كافة مؤسسات الدولة وتتحكم بكل مفاصلها من اجل تحقيق أهدافها ومصالحها بالقوة ومن خلال ما تفرضه من قيود صارمه في مختلف المؤسسات والإدارات على مستوى مختلف القطاعات وكافة السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ، الى جانب ما تفرضه على كافة المنظمات المحلية والدولية من اشتراطات وقيود على مستوى اعتماد واقرار وتوزيع وانفاق كافة الاموال الخاصة بمشاريع الاستجابة الطارئة والتي تذهب غالبيتها بالقوة الى محافظة صعدة بالتحديد والذي يتم تنفيذها من خلال شركات مقاولات ومنظمات حصرية تابعة للجماعة دون غيرها، فضلا عن المشاريع الوهمية باسم المساعدات الاغاثية لمحافظة صعده.
بينما ان حقيقة الاموال تذهب لصالح مشاريع دينية وثقافية، الى جانب ما يتم استغلاله من مليارات الدولارات بدواعي تنفيذ مشاريع في البنية التحتية من الطرقات والصحة والتخطيط والترميم والزراعة والبني التحتية عبر صندوق صيانة الطرق والمؤسسة العامة لصيانة الطرق والجسور ووزارة الاشغال العامة والطرق والممولة من قبل المنظمات المانحة والدولية وبشكل حصري على محافظة صعدة حيث بلغ إجمالي ما تم الاعلان عنه من قبل الوزارات والهيئات الحكومية خلال شهر يناير الجاري فقط أكثرمن "خمسة وعشرين مليار دولار" فقط منها " 2 مليار دولار" ما اعلنته وزارة الاوقاف والارشاد عن حصتها لمشاريع سيتم تنفيذها خلال العام الحالي 2020 م.
اضف تعليقك على الخبر