ارسال بالايميل :
9751
يمن اتحادي - متابعات
باسم حكومة وشعب الجمهورية اليمنية أتقدم للسيد رئيس الجمعية ولجمهورية نيجيريا الصديقة بخالص التهنئة على تولي رئاسة الدورة الحالية للجمعية العامة للأمم المتحدة متمنياً له دوام التوفيق والنجاح كما أشكر سلفه السيدة ماريا اسبينوسا على الجهود المتميزة المبذولة خلال الدورة السابقة.
ولا يفوتني أن أتقدم بالشكر للسيد أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة على جهوده المخلصة التي يبذلها من اجل تحقيق السلام لكل شعوبنا، كما أقدر على وجه الخصوص اهتمامه الخاص والكبير باليمن وبشعبه وأمنه واستقراره ووحدة وسلامة أراضيه، وأشكر مبعوثه الخاص السيد مارتن غريفيثس وطاقمه على كل ما يقدمونه من جهود من أجل الدفع بعجلة السلام في بلادي.
السيد الرئيس، الحضور جميعا
أقف أمامكم اليوم بقلب حزين لما آلت إليه الأوضاع في بلادي—اليمن، هذا البلد المعطاء الضارب بجذوره في عمق التأريخ، بلد الحضارة والرخاء، بلد الشموخ والكبرياء، أصل العرب وفخرها... هذا البلد الذي أثكلته جراحه بسبب حرب فرضت عليه من قبل مليشيات مسلحة عقائدية تمتهن التعذيب والإقصاء والقتل كأداة للوصول إلى مأربها، هذه المليشيات الحوثية المدعومة من قبل إيران... إيران البلد الذي يُعد الراعي الأول للإرهاب في العالم والذي ومن أجل تحقيق أطماعه التوسعية في المنطقة قام بتكريس أموال شعبه من أجل دعم مليشياته ووكلائه خارج أرضه بالسلاح والمال والخبرات التخريبية، فمنذ العام 2014 قامت مليشيات الحوثي—بدعم إيراني— بتدمير كل ما هو جميل في اليمن، انقلبت على الدولة ومؤسساتها بقوة السلاح، فجرت المنازل ودور العبادة، قصفت الأبرياء وسرقت قوتهم، صادرت الحريات واختطفت الناشطين وكل من عارضها، وملأت أرجاء اليمن وترابه الطاهر ومياهه النقية بكل أنواع الألغام المحرمة دوليا، وأستطيع ان أقول بأن هذه المليشيات وخلال بضع سنوات استطاعت أن تهدم حلم جميع اليمنيين: حلمهم بالحرية، والمواطنة المتساوية، والعيش الكريم، حلمهم الذي كاد أن يتحقق بفضل المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني الشامل التي تُوجت مخرجاته بدستور جديد ليمن اتحادي يتسع لكل اليمنيين بكافة أطيافهم السياسية والقبلية والمجتمعية يتم فيه حفظ الحريات وينعم أهله بالمواطنة المتساوية والتوزيع العادل للسلطة والثروات، ولكن هيهات لشعبنا الصامد الأبي أن يستكين، فكما أسقط خرافة الحق الإلهي في ثورته الأبية الخالدة ثورة الـ26 من سبتمبر التي نحتفل بذكراها السابعة والخمسين هذه الأيام، فسيسقط تلك النسخة الأسوأ من تلك الخرافة، وسيسقط أي محاولات لتمزيق الوطن انتصاراً لثورته الخالدة في جنوب الوطن في الـ14 من أكتوبر المجيدة، التي اكتمل القها في الـ22 من مايو وفي صيغة اليمن الاتحادي الجديد الذي توافق عليه اليمنيون...ذلك سفر الخلود اليماني وتلك سننه!
وبرغم كل هذه الصعاب والمعوقات، فقد تمكنا بتضحيات أبطال قواتنا المسلحة ومقاومتنا الباسلة وبدعم واسناد قلّ نظيره من إخواننا في تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية الشقيقة، من كبح جماح وجنون هذه المليشيات العقائدية، التي لا تزال إلى يومنا هذا تؤمن بحقها الإلهي الحصري في الحكم، ضاربة عرض الحائط كل قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، تمكنا بدعم اشقائنا في تحالف الحزم والعزم من ردع انقلابهم وكف اذاهم وشرورهم عن معظم ارجاء اليمن.
السيد الرئيس
نحن نقدر دعم أشقائنا في التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية كل التقدير وما المواقف الصادقة والقوية لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان إلا تأكيداً على الأخوة الصادقة والتي حُفظت في قلوب كل اليمنيين. فقد أتت في أكلح الظروف وتلبيةً لطلب رسمي من فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي، رئيس الجمهورية، وفقاً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة لتحقيق أهداف نبيلة متمثلة في مواجهة مليشيات الحوثي والمشروع الإيراني التوسعي، واستعادة الدولة والشرعية، والحفاظ على أمن واستقرار ووحدة وسلامة الأراضي اليمنية.
وبعد تحرير عدن في 2015 من الحوثيين سعت الحكومة اليمنية، على الرغم من الأوضاع السياسية والأمنية الصعبة التي تواجهها، سعت إلى تحسين الأوضاع الاقتصادية، واستئناف عملية التنمية، واتخاذ كل الإجراءات الضرورية اللازمة لوقف التدهور في سعر العملة الوطنية، وبلورة رؤى اقتصادية شاملة تمكنها من التكيف مع هذا الوضع الاستثنائي الذي تعيشه بلادنا، وقد كانت الحكومة اليمنية تسعى في العاصمة المؤقتة عدن بكل ما لديها من إمكانيات محدودة للتخفيف من معاناة كل اليمنيين الذين تحولت حياتهم اليومية إلى كارثة إنسانية.
وبينما يقاوم شعبنا ميليشيات الانقلاب الإمامية الحالمة بعودة الماضي وفي إطار تحالف جاء لدعم الشرعية واستعادة الدولة قام ما يسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم مالياً وعسكرياً ولوجستياً من دولة الامارات العربية المتحدة بالتمرد على الدولة، والسطو المسلح على مقرات الحكومة في العاصمة المؤقتة عدن، مسكوناً بأوهام التشطير ووهم السلطة وفرض الخيارات بقوة السلاح مستهدفاً بذلك الشرعية الدستورية والهوية اليمنية.
وعلى الرغم من إصدار قيادة تحالف دعم الشرعية لبيانات تؤكد على ضرورة انسحاب هذه التشكيلات العسكرية الخارجة عن القانون من مؤسسات الدولة ومعسكراتها وبشكل فوري، إلا أنها وعلى العكس من ذلك قامت بالتوسع في محافظتين أخريين، لقد اضطر جيشنا الوطني الباسل للتصدي لهذه المحاولة والقيام بواجبه في استعادة الدولة ومؤسساتها في العاصمة المؤقتة عدن ، وتعرض جيشنا لضربات عسكرية من الطيران الاماراتي وبصورة شكلت ضربة قاسية في جسد الوطن وانحرافاً صريحاً عن الأهداف النبيلة لتحالف دعم الشرعية في اليمن.
وإننا إذ نقدر عالياً ونشكر المملكة العربية السعودية الشقيقة على الإجراءات التي تقوم بها لإنهاء هذا التمرد وإيقاف هذه الأعمال من قبل دولة الأمارات في المناطق المحررة لكونها ليس من مهام قوى التحالف ومن أجل تصويب المسار ولملمة كافة الجهود نحو إنهاء الانقلاب الحوثي الإيراني في اليمن.
واسمحوا لي بان أوجه ومن على منصتكم الكريمة، التحية والتقدير والاجلال، لأبطال قواتنا المسلحة الذين ببطولاتهم، وتضحياتهم، وإراداتهم التي لا تقهر، سيبقى اليمن عزيزاً، منيعاً، تعانق فيه جبال عيبان جبال شمسان وهي تردد ترنيمة اليمن الخالدة: "لن ترى الدنيا على ارضي وصيا!".
السيد الرئيس
نثمن عالياً دور المانحين من الأشقاء والأصدقاء الذين وقفوا مع اليمن في وقت الشدة واسهموا في التخفيف من أعباء الأزمة الانسانية بدعم خطط الاستجابة الانسانية أو تقديم المساعدات المباشرة، ونخص بالذكر المملكة العربية السعودية الشقيقة التي دعمت بسخاء خطط الاستجابة الانسانية كان آخرها تقديم شيك بنصف مليار دولار لدعم خطة ٢٠١٩، وقدمت المساعدات الانسانية المباشرة لليمنيين في كل أرجاء اليمن من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة، إضافة الى تقديم الدعم المباشر لخزينة الدولة لمنع انهيار العملة الوطنية، وتقديم ضمانات بنكية للسلع الغذائية، إلى جانب اسهامات البرنامج السعودي للتنمية وإعادة إعمار اليمن ومركز إسناد العمليات الانسانية الشاملة في اليمن.
السيد الرئيس، الحضور الكريم
تشكل إيران وأذرعها العسكرية في منطقتنا العربية بما فيها الحوثيون وحزب الله تهديداً خطيراً لأمننا القومي، فإيران دولة مارقة لا تحترم القانون الدولي ولا التزاماتها كدولة عضو في الأمم المتحدة.
لقد ألحقت إيران باليمن والجزيرة العربية ضرراً بالغاً، فهي من أنشأ ودرب وسلح ومول مليشيا الحوثي التي ترفع شعار الثورة الإيرانية وتنتهج نهجها في القمع والتنكيل والتعذيب. وحولت بعض المناطق في اليمن إلى منصات لإطلاق الصواريخ لتهديد أمن الجيران والملاحة الدولية في البحر الأحمر، وما زالت التقارير الأممية تكشف وتؤكد حجم الدعم الذي تتلقاه مليشيا الحوثي من إيران.
ولم تكتف مليشيات الحوثي بذلك بل قامت مؤخراً بادعاء مسؤوليتها عن الهجمات الإرهابية على منشأة شركة أرامكو السعودية في بقيق وخريص، في تضليل واضح وتبعية فاضحة للنظام الإيراني المارق، ونحن إذ ندين هذا الهجوم الإرهابي نؤكد على ضرورة أن يتم التصدي له وتحميل فاعليه المسؤولية كاملة، ولا نعده هجوماً على المملكة العربية السعودية فقط ولكن على الاقتصاد العالمي وتهديداً خطيراً للأمن والاستقرار الدولي.
السيد الرئيس
نحن لسنا دعاة حرب ودمار بل دعاة سلام واستقرار. ومن أجل ذلك، واستشعاراً بمسؤوليتنا الكاملة عن كل أبناء شعبنا اليمني، دعمنا عملية السلام الأممية وجهود المبعوث الخاص لليمن وانخرطنا بكل إيجابية ومرونة في جميع مبادرات السلام وفقاً لمرجعيات السلام في اليمن المتمثلة بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني الشامل وقرارات مجلس الأمن لاسيما القرار 2216، وذهبنا إلى السويد العام الماضي من أجل إعطاء السلام كل الفرص، غير أنه وبسبب تعنت المليشيات الحوثية وتهربها المستمر من الالتزام بما تم التوافق عليه، لم يراوح هذا الاتفاق مكانه منذ ما يزيد عن عشرة أشهر. والحل هنا لا يكمن في القفز على ما تم الاتفاق عليه أو غض الطرف عن هذا التعنت غير المبرر من قبل الحوثيين، بل يكمن في إلزام هذه المليشيات بالقيام بما وافقت عليه وتعهدت بتنفيذه أمام العالم.
يجب أن يعلم الحوثيون بان السلام ليس خطابات وشعارات وأن له متطلبات واستحقاقات. ويجب أن يتحمل مجلس الأمن مسؤوليته ويلزم الحوثيين بتنفيذ ما ورد في اتفاق استكهولوم : بالانسحاب من مدينه وموانئ الحديدة وتنفيذ اتفاق إطلاق الأسرى —كل الأسرى — وفك الحصار الجائر عن مدينة تعز.
وفي هذا الصدد لا يمكنني إلا أن اشارككم رسالة مؤثرة استلمتها قبل يومين من رابطة أمهات المختطفين تناشدني فيها أمهات المعتقلين أن أنقل للعالم مأساتهن في فقدان أبنائهن في غيابة سجون الحوثيين بل واستخدامهم كدروع بشرية، ولا يسعني إلا أن أؤكد لهن بأننا لن ننسى جرائم الحوثي وسوف نواصل بكل جد المطالبة بالأفراج عنهم جميعاً.
السيد الرئيس
تؤكد الجمهورية اليمنية موقفها الثابت تجاه القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف وعلى رأسها إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، ونناشد المجتمع الدولي الاستمرار في تقديم الدعم لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) لتتمكن من ممارسة تقديم خدماتها للاجئين الفلسطينيين. كما ندين بشدة استمرار السياسات الاستيطانية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية والانتهاكات اليومية تجاه الشعب الفلسطيني وتجاه المقدسات الإسلامية، وندين على وجه الخصوص تصريحات رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بشأن نيته ضم أراضٍ في الضفة الغربية المحتلة وفرض السيادة على غور الأردن وشمال البحر الميت، الأمر الذي يشكل انتهاكاً سافراً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وقرارات الشرعية الدولية وقراراتها بخصوص الوضع القانوني للأراضي الفلسطينية المحتلة ويعمل على تقويض أي فرص لإحراز أي تقدم في عملية السلام.
وختاما السيد الرئيس، أتمنى أن تكلل أعمال الجمعية العامة بدورتها الحالية بالنجاح والتوفيق وأن نلتقي العام المقبل وقد حل السلام في ربوع اليمن، فقضيتنا صلبة كالصخر وعزيمتنا شديدة لن تلين ونحن تواقون للسلام... السلام المستدام والشامل المبني على الثوابت الوطنية.
الرحمة لشهداء اليمن الأحرار والشفاء للجرحى والحرية لجميع الاسرى والمختطفين.
وشكرا
اضف تعليقك على الخبر