ارسال بالايميل :
3974
بقلم : عمر الحار
يحظ كل نشاط دبلوماسي لسفارة حكومة صاحبة الجلالة بريطانيا العظمى باهتمامي الشديد وحرصي الفائق على متابعة مايصدر عنها من اقوال ،والاستمتاع في البحث والتنقيب فيها لمعرفة كل جديد في القضية اليمنية التي تحمل وزر ملفها في المحافل الدولية،وهي تتفرد من بين الدول الكبرى بمنهجية السهل الممتنع في ممارسة السياسة وبعمق احترافي مذهل يؤهلها للبقاء في صدارة قيادة العالم قبل وبعد زوال شمس امبراطوريتها الاستعمارية الخالدة في التاريخ المعاصر لشعوب .
واثار انتباهي بشدة اخر الاخبار الصادر عن قلعتها الدبلوماسية الحصينة في الرياض ، والناقلة تفاصيل لقاء سفيرها الجديد في اليمن بنظيره سفير المملكة فيها ،والذي يتطلب من دوائر الاختصاص في حكومة المهجر اعطائه الاهتمام الذي يستحق واقتطاع جزء من وقتها الضائع والمهدور لقرأة مابين السطور والفقرات الواردة في الخبر ،وافادة الشعب بما عثرت عليه في كواليسه وثناياه، وتفنيد المبهم منها لكي تريحه قليلا من عناء البحث في متابعة اخبار السياسة،وتشعرهم باهمية وجودها في قمة دبلوماسية الجمهورية الغائبة ،والمطالبة بتركيز نشاط خارجيتها وتوجيهها لرصد وتحليل ماوراء مثل هذه الاخبار حتى تستحق قرطها للملايين ولا نطالبها بتغيير وجهات نظر حكومات الدول ولا تغيير قناعاتها باحقية الشرعية ومظلوميتها من الانقلابات .
وفقدان فاعلية مؤسسات الشرعية العليا افقدها وجودها وحضورها في الدوائر المعنية بمجريات الاحداث اليمنية ،واصابها في مقتل سياسي وعجز دائم عن التأثير فيها .
وجاء لقاء السفيرين البريطاني والسعودي لدى اليمن عقب الضغوطات الرسمية والشعبية التي مارستها سلطة شبوة على القفازة الدولية والبريطانية المحتلة لمنشأة الغاز في بلحاف واحكام سيطرتها عليها وعلى غيرها من موانئ والمصالح الاقتصادية الاخرى باوامر واضحة من حكومة صاحبة الجلالة الوصية التاريخية على دول وشعوب المنطقة ومنها اليمن .
ولا ادري كيف تناولت المصادر الخبر وباي طريقة استنبطت تدارس فكرة الاستغناء عن شرعية الجمهورية،وهنا تكمن خطورة الخبر ومربط الفرس لافكاره الجهنمية ،وقد يكون رسالة بريطانية موجههة على عملية استهداف معقل ربيبتها العربية الصغيرة ابوظبي في بلحاف وحمل باروت ردت فعلها السياسي القوي على الحادثة،وخبر اللقاء تناوله الجانب السعودي بصفة رسمية،دون الاشارة الى الفقرة اعلاه التي يصعب ذكرها او التلويح بها في البرتوكلات الدبلوماسية لدول ترعى اليمن سياسيا واقتصاديا وعسكريا،الا ان ورودها الفج في تناولات بعض من المواقع الاخبارية لم تأت من فراغ ،وقد تضع السفير البريطاني في موقف سياسي متناقض ولا يحسد عليه ،حالما تذكرنا تصريحه الدبلوماسي الشهير في منتصف شهر اغسطس الماضي عقب استلام مهام عمله الدبلوماسي رسميا بانه سيعمل لجعل اليمن السعيد المدمر بالحرب سعيدا مرة اخرى .
لكنها السياسة تجمع المتناقضات في سلة واحدة ،وشعارها الازلي في الوجود كيف تحافظ على المصالح الدائمة وتخدمها .
واذا صح الخبر او التسريبات المتشظية منه فانه يظهر حجم التحول المفاجئ في توجهات سفير حكومة صاحبة الجلالة وانقلابة على اول تصريح له و بزاوية ثلاثمائة وستين درجة
ربما تأذت بريطانيا من تصرفات سلطة شبوة وارادت توجيه رسالة سياسية شديدة اللهجة لها،ملزمة الاخيرة باستيعابها وفهمها ،والتعامل بذكاء ثعلب الاولى، و قد اهتدت السلطة بعمل الصواب و نقل معركة المصالح المعطلة الى الشعب صاحب المصلحة الحقيقة فيها،والمستفيد من عملية اعادة تشغيلها،وبذلك تضمن كسب الرهان دون الدخول في معركة غير متكافئة معها تمثل كسر عظم لها ،ولا شئ يخيف امبراطوريات العصر مثل الشعوب .
وضمنت بريطانيا من خلال هندسة الحرب اليمنية من وضع يدها على المصالح الاقتصادية والاستثمارية لليمن وشركائها دونما شرعية قانونية،وحصولها على نصيبها المجاني والدائم منها .
وهنا تكمن عبقرية ومعجزة سياسة حكومة صاحبة الجلالة المتجددة في كل العصور .
انها بريطانيا لا الخليج ،انها بريطانيا لاغجرية الرمل والاسمنت ابوظبي ، ومعذرة ايها الوطن القتيل .
اضف تعليقك على المقال