ارسال بالايميل :
1166
بقلم : محمد قشمر
أمريكا تقاتل بمزاج وتفتعل الأسباب وكل ذلك فقط لتحقيق مصالح متوسطة وطويلة المدى.. وهذه عادتها دائما.. وأعتقد الخطوة التالية هي أشغال تلك المنطقة بطالبان واشغال الجوار الافغاني بطالبان منهم روسيا والصين..
أمريكا هي ذاتها التي تلعب بالخيوط الدبلوماسية والسياسية والعسكرية باليمن، وهي التي توجه طبعاً مع بريطانيا مسار الحرب، وهي ذاتها التي تصر على بقاء الحوثيين كقوةٍ سياسيةٍ وعسكريةٍ في اليمن أيضا لتكون سبباً لافتعال صراعات على المدى المتوسط والطويل، وهذا يوجد مبرر دائم لتواجد أمريكا بالمنطقة. ما عاد شيء يغريها للبقاء في أفغانستان لكنها تستثمرها لإيجاد قلاقل في تلك المنطقة.
لكن أمريكا أيضا انسحبت من الكثير من مناطق العراق وتمركزت في مناطق النفط. من أجل حماية حقول النفط.. لمن تحميها َوممن تحميها؟ نفس الامر بسوريا المصلحة الأمريكية بالتواجد جعلت أمريكا تكن أحد أسباب استمرار الصراع وليس الحل.
المثير في الأمر والمؤلم ان تواجد أصحاب الحق من أبناء الأرض هم الأدوات غالباً الذين يتم استخدامهم لشرعنة التواجد الأمريكي في المنطقة وحتى الروسي. حتى الآن كل القوى المتصارعة في اليمن وسوريا على سبيل المثال هم اتباع بشكل مطلق للخارج لهذا تجد اشتداد صراع الأصدقاء في الخارج يؤثر على الصراع في الداخل اليمني والسوري، وفي حال تم التوافق بينهم على تقاسم الشعوب سيكون هناك خمول وسكون لتلك الحروب التي اكلت الأخضر واليابس، والتي تجاوزت كل القيم والأعراف الدبلوماسية والإنسانية، لأن المتابع للأمر عن كثب يكتشف وبشكل مخجل ان المواثيق الدولية سواءً المواثيق المنظمة للعلاقات الدولية في إطار القانون الدولي العام ام المواثيق المنظمة والحافظة للحقوق والحريات والجوانب الإنسانية والاغاثية يتم استخدامها أيضا لتحقيق مصالح الدول العظمى، وغالبا ما نستخدم مصطلح الدول العظمى ليكون المقصود أمريكا وبريطانيا ثم فرنسا التي تضع يدها على بعض الدول الأفريقية والعربية.
الشواهد كثيرة على هذا الكلام. منها ما حدث في العراق من غزو واحتلال رغم اننا كنا في القرن العشرين الذي يعتبر قرن الغزو دون التدخل العسكري. والملفت في الأمر أن الامريكان حتى اليوم مازالوا يصروا على أن تلك الحرب التي قتلت ما يقارب خمسة مليون عراقي وشردت الملايين ودمرت دولة بكل مقوماتها ان تلك الحرب من أجل تدمير أسلحة الدمار الشامل التي أقروا ان العراق بَعدَ ذلك لم تكن تملكها. ثم بعد ذلك أصروا ان كل ما حدث في العراق من أجل إيجاد دولة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان وحرياته في الوقت الذي أصبح العراقي يعيش في حالة من الفقر والعوز والمرض والانكسار وهو ينتمي لوطن ثري غني. لم يستفد من ثروته وغناه الا إيران والولايات المتحدة الأمريكية واتباع تلك الانظمة فقط.
اليوم المشهد يتكرر في اليمن من سعى غربي خطير لتسليم اليمن لإيران. البعض يقول كيف نقول هذا الكلام والأمر برمته بيد التحالف العربي. وأعتقد أن من يقول بهذا الكلام يجهل ابجديات الفكر الدولي للدول المؤثرة في العالم الثالث. لأن اهم من وقف في وجه استعادة الشرعية هي بريطانيا وامريكا لأنها أرادت ان تدير المعركة بما يتوافق مع مصالحها وليس ومع مصالح الشعوب في المنطقة العربية. فإذا وجدت تلك الدولتان (أمريكا وبريطانيا) ان المعركة يتحقق النتائج التي تخدم مصالحها يتم الأمر.
ما يجعلنا نتحدث هكذا هو ان حركة طالبان لها اجندتها وعقيدتها وفكرها الخاص فهي جماعة قائمة على اساس ديني عقائدي وبالتالي فمصطلح الديمقراطية عندها له معنى خاص جدا وكل أفكارها التي تؤمن بها تتعارض مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان رغم اختلافنا او اتفاقنا مع الكثير من تلك المواثيق. وفوق هذا نجد ان أمريكا سلمت لها أفغانستان معرضة عن كل ما يمكن أن يمس حالة الإنسان الافغاني الشخصية وحرياته حقوقه للخطر ، وهو ذات الأمر في العراق الذي نسمع فيه عن حركة ديمقراطية (مزيفة) هي كل ما يريده الامريكان لإضفاء شرعية هزيلة جل عملها هو شرعنة الفساد المحلي والدولي في العراق، وهو ذات الأمر في اليمن عندما نجد بريطانيا تضغط َبقوة وبدعم أمريكي طبعا من أجل بقاء جماعة مسلحة قائمة على اساس ديني عقائدي طائفي يخالف كل الاعراف والمواثيق والمعاهدات الدولية فقط لأن أمريكا وبريطانيا لا يؤمنون فقط بأن مصالحهم في المنطقة لن تتأثر بل ان وجود هذه الجماعة يحقق لهم الكثير، وهذا يجعل للحوثيين قبول عند أصدقائنا الغربيين.
وخلاصة الأمر أن المتشبث بحقه أياً كان بعقيدةٍ صالحة ام فاسدة لابد له أن يحقق نتائج لصالح معتقده. والقيادة لأي مجموعة إذا تحلت بالصبر والقوة والاخلاص فإنها لا محالة ستحقق نصراً ولو بعد حين، وأعتقد أن ما ينقص بلدنا في هذه الفترة هي القيادة التي تعمل مع الشرعية بقوة واخلاص من الداخل وتتشبث بحقها في البقاء بكرامة، وعزة وتؤمن بأن لها الحق بان تعيش مع شعبها متمتعين بحقوقهم كبشر لا يستعبدهم فكرا ولا إنسان ولا طائفة ولا جماعة تحت أي مسمى.
اضف تعليقك على المقال