ارسال بالايميل :
3901
نجيب المظفر
وإن كان هدف الأمريكان من خروجهم من افغانستان تسليمها لطالبان، إلا أن الهدف الأمريكي الأهم من تسليم افغانستان لطالبان ليس التهيئة لصدام طالباني إيراني كما يظن الكثير، بل توجيه طالبان للمواجهة مع روسيا، وتركيا وحتى يتضح المشهد أكثر يمكننا إجمال الأسباب المانعة لحدوث مواجهة طالبانية مع إيران، والمُرشِحة لمواجهة مع روسيا وتركيا فيما يلي:
1- أن مصلحة الأمريكان تكمن في بقاء الخطر الإيراني مهددا لدول الخليج العربي، وليس في صرف وجهة إيران عن الخليج العربي الى الشرق، فبقاء الخطر الإيراني مهددا لدول الخليج يضاعف الفرص الأمريكية لإبتزاز تلك الدول بغية تحقيق مكاسب مالية تسهم بتحسين الإقتصاد الأمريكي الذي لم يتعافى بشكل كامل جراء الخسائر التي لحقته نتيجة للأزمة المالية العالمية التي ضربته، وهو ما اسهم بإنحسار النفوذ الأمريكي خارجيا لصالح النفوذ الروسي، والصيني، والتركي، والإيراني.
2- لكون تحويل إيران لثقلها عن منطقة الخليج العربي، وسوريا والعراق الى الشرق نحو افغانستان سيتسبب بتوقف إن لم نقل تراجع قطار التطبيع مع الكيان الصهيوني طالما والتطبيع الذي دُفعت إليه الدول العربية المطبعة كان من أهم أهدافه الإحتماء بالكيان الصهيوني الوكيل الحصري للأمريكان في المنطقة من الأخطار الإيرانية المهددة.
3-لأن طالبان تلتقي في العداء لأمريكا مع إيران، وإن كان العداء الإيراني لأمريكا صوريا، هذا بالإضافة لما مثلته إيران من ملاذ آمن لقيادات من تنظيم القاعدة حينما فرت إليها من افغانستان إبان الهجوم الأمريكي عليها.
4- محاولة ادخال طالبان في مواجهة مع عدوهم القديم الروس نيابة عن الأمريكان لمواجهة تمدد الروس العسكري بمنطقة الشرق الأوسط، والبحر المتوسط، وذلك بعد فشل الأمريكان في الزج بتركيا في مواجهة مع روسيا في سورية ثم في ليبيا للحفاظ على نظام القطب الواحد الذي يحكم به العالم، والذي بات مهددا بخطر التقويض على إثر الانحسار للنفوذ العسكري الأمريكي في المنطقة جراء الإنسحاب الأمريكي من العراق، وسوريا.
5- الدفع بطالبان قدما لإعاقة الجهود التركية الهادفة لتحقيق اتصال تركي كامل بالدول التركمانية، وذلك بعد نجاح التدخل العسكري التركي في أذربيجان ضد أرمينا، وما مثله ذلك التدخل من إحكام تركيا لسيطرتها على الخطوط التي تصلها بالدول التركمانية تمهيدا لتوسع تركيا شرقا لمضاعفة قوتها التي بمضاعفتها لها ستتضاعف فرص استعادتها لأمجاد الدولة العثمانية.
هذه جملة الأسباب التي تجعل فرص المواجهة بين طالبان وإيران ضئيلة، وتنمي فرص أمريكا لأن تضرب عصفورين بحجر، وتُنجِح توجهاتها الحالية الهادفة لتجنب دخولها بصراع عسكري في منطقة الشرق الأوسط إدراكا منها لحقيقة أنها لن تكون المستفيد الأول منه طالما وهناك قوى عسكرية صاعدة تقف على بعض بوابات الشرق الأوسط تترقب لحظة دخول الأمريكان لحلبة الصراع لتقوم من فورها ببسط نفوذها على منطقة الشرق الأوسط، وهو ما جعل الأمريكان يؤخرون دخولهم الحلبة حتى يضمنوا عبر وكلائهم من قصقصة أجنحة القوى العسكرية المتأهبة لإخضاع الشرق الأوسط لنفوذها.
فياترى هل ستكون طالبان وكيل الأمريكان الذي سيتولى مبدئيا دخول معترك الصراع مع روسيا وتركيا نيابة عنهم هذا ما ستكشفه الأيام والأحداث القادمة؟!
اضف تعليقك على المقال