ارسال بالايميل :
1868
بقلم : عمر الحار
في وطني يطال النسيان والاغتيال كل شئ ،الزمان والمكان والانسان ،ويطال حياة الابطال والشهداء ساعة تضحياتهم باغلى مايملكون من اجل الوطن، وسيادته وكرامة انسانه ،واسعدهم ذكرا من حظي بحفل تأبين يتيم،ليغادر من على ظهر الوجود وينتقل بلا استحياء ولا حياء الى صفحات من الاهمال والنسيان ،وانطلاق رحلة التنكر لهم متبوعة برحلة العذاب والاحزان لاسرهم الواقعة فريسة لالم الفراق و الشعور بالانتقام والخوف من اخذهم بجريرة نضال ابوي يمثل مصدر فخرهم وراسمالهم في الحياة ومنازعتهم البقاء على قيدها بحرماتهم من المعاش .
ووصفت الثورة بالقطة التي تؤكلها ابنائها ،وفي حقيقة الامر انها اغتيلت معهم وفي وضح النهار وبمؤامرات دبرت بليل دامس . قتلت الثورة وقتل ابطال ملاحمها الوطنية الخالدة وصناع امجادها وتاريخها من الاحرار والشهداء القابعين خارج اطار اهتمام الزعامات والحكومات المتعاقبة المكتفية بوجودهم وتسجيل اسمائهم في دائرة خاوية على عروشها وتنذر ببؤس شديد .
ولا غبار على مظلومية الثورة اليمنية وشهدائها لدرجة الشعور بالخجل من التاريخ ،ومن البوح بتفاصيله المرعبة لكل خائن ولن تجد الاختفاء بظلال الاصابع . ضاعت الثورة وندين بالحزن عليها ،كما ندين بالحزن على ضياع معاقلها واهدافها ،وتاريخها الحافل بالتضحيات وبالمنجزات،و البحث جار عن مصير الوطن الضحية الاولى بعدها وقد يطول البكاء على نظامها الجمهوري المفقود ،و نحن لم نستوعب بعد طبيعة احداثه المعقدة والشديدة التعقيد على ملمس نعومتها والتعامل معها بروح اللامبالاه الواضح والمميت ،وان خفت موازينه على الذاكرة الوطنية المثقوبة بالخيانة والمثقلة بالعمالة والارتزاق .
و اليمن تقتل كل يوم ،ولم يتبق من ذكريات شهدائها الابرار ، وتاريخهم الا كتابة اسمائهم العلم لا نكرة على الطرقات والشوارع والجوامع والمدارس ،بعد القبول بمسح ابجديات مشروعهم الوطني المكتوب بالدم غير قابل للزاول ،وقد نستفيق على الحقيقة المجردة بقوة صفع احداثها للوجوه ، ولن نتفق عليها وعلى اقتراف جريمة التفريط بايقونة الثورة وابطالها والاكتفاء بتسجيل تاريخ سقوطها وسقوط نظامها الجمهوري .
وعجل انتهاج اليمن كغيرها من شعوب المنطقة سلوك احراق المراحل ودفنها في التراب بالقضاء على الثورة والنظام في غمضة عين ،ولم تستطع الصمود للحظات في وجه العاصفة التي اقتعلتها من قلب العاصمة صنعاء وحولتها لاوراق متطائرة ذهبت ادراج الامم والرياح .
واغتيال الثورة لم يكن حديث الولادة والخيانة،لكنه نهج تأصل باغتيال قادتها ورموزها من رجال الوطن حتى استفرد بها الطامعون ونالوا مبتغاهم الظالم وشفوا غليل امراضهم المزمنة منها،ونالت الثورة اليمنية من الظلم مالم تنله ثورة في حياة وتاريخ الشعوب ،ويمكن ارجاع مظالمها الى التنكر المبكر لتاريخ ابطالها وعدم انصافهم احياءا وامواتا،والرضوخ لمشاريع بيع ماتبقى من مورثها الثوري والشكلي، والتخلي الطوعي عن مبادئها الوطنية وضرب ثقة المواطن بها .
وتحولت الثورة المدرسة والجامعة والطريق والنظام والاستقلال والسيادة اليوم الى مفردات ومشاريع مذهبية ونزعات طائفية وانفصالية ،وخيانة عظمى يحميها نظام المليشيات في صنعاء وعدن .
اضف تعليقك على المقال