ارسال بالايميل :
3582
بقلم : عمر الحار
فشلت وسائل الاعلام الجماهيري والاكتروني في تكوين وعيا وطنيا مؤقتا بخطورة المرحلة التي تعيشها اليمن ،والحرب السجال الدائرة فيها بلا افق سياسي واضح يمكن ان يرشدك الى هدف من اهدافها العسكرية الغموس ،مما يجعلها حالة مفارقة في تاريخ حروبها واستثنائية المنطق ،وخائنة التفكير من وجهة نظر عامة الشعب وخاصته ،وقد احدثت فجوة كبيرة بين الوعي بخطورة الحرب في اليمن، وتخلف وطنيا ملحوظ عن ركبها وانسلاخ مجتمعي عنها ،لا مثيل له في حرب الدفاع عن الجمهورية الاولى التي انطلقت مواكب ثوارها من كافة مدن وقرى اليمن شماله وجنوبه في ظل تخلفهم الساحق على كافة الاصعدة والمستويات .
وقد يرجع ذلك التخلف الرهيب عن ميادين القتال والدفاع عن الجمهورية الثانية الى حالة التوازن العجيب في الخيانة لادواتها الداخلية والتي صنعتها القوى الدولية الموجهة لها بذكاء خارق ومكشوف على حد سواء،وقسمت عمالتهم الرخيصة بالتساوي على الرياض وابوظبي وطهران ، وولدت حالة نفور وطني غير ملموس منهم ،وجعلتهم يدورن في فضاء خاو وفاقد لحقيقة الانتماء لوطن منتهك السيادة والارادة ،مما سهل عملية التحكم بهم وتسخيرهم لتحقيق الاهداف الاستراتجية للقوى الدولية الموجهة للحرب ،و التي استهلكتهم ونجحت في وصمهم بالعمالة الرخيصة،واستنزفت دول التحالف العربي ماديا وانهتكها عسكريا بمفهوم الحروب متوسطة المدى المرهقة لها والمتعبة لانفاسها ،ودفعت باطمامعهم القديمة والجديدة في اليمن ،وبصورة البت الاحقاد الدفينة عليهم رغم احتراقهم فيها،وسط ضعف الشعور الوطني المفقود وانهزام الضمير ،وكأنما الحرب جأت على حساب الاهداف الوطنية لهاو تسببت في ضياع اليمن وافقارها وتمزقها شيعا واحزابا.
احترق الحوثي بايران واحترقت الشرعية بالرياض واحترق الانتقالي بابوظبي،وجمعيهم من وجهة نظر الشعب متساوون في الاحتراق وفقدوا على درجة واحدة مصداقية شعاراتهم الوطنية الرنانة في اليمن،وولائهم الوطني لها وبما يوحي بصعوبة استراجعها من شيلات اصوات المدافع،واشلاء الجثث الممزقة في كل المواقع .
والمرحلة الثانية من الحرب لن تختلف عن مرحلتها الاولى الا في الموت، وكثرة القتلى ،وسقوط القلاع ،في ضوء التحول الدراماتيكي الذي حدث بدون سابق انذار في البيضاء،بلا اثرا لمذهب وطني او سني او شيعي لها.
وستظل الحرب اليمنية على هذا المنوال وفاقدة لذاكرة ايامها في النزال وعبثية في كل الاحوال ،في حالة استحضار غالبية المتغيرات الجذرية في حياة الانسان اليمني والتي ارتبطت بلعقلانية والحوار والمنطق ،بعيدا عن لغة السلاح وظهورها الشاذ في عهود الائمة وتاريخ الثورات عليهم،ومن حينها اتخذت نزقا ومسارا للقوى الشوفينية والعنصرية الراغبة في الحكم ،ونكتفي بما تعيشه اليمن اليوم على وقع الاحداث فيها ،وتوظيف رغبات هذه القوى الانتهازية من تحقيق مأربها بالدمار والحروب المخطط لها .
وقد نستفيق من غفوتنا الوطنية، على واقع مؤلم وحزين حيث لا شرعية رجعت ،ولا امامة حكمت ولا جهوية نجحت .
اضف تعليقك على المقال