ارسال بالايميل :
9356
محمد قشمر
أثارت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التعجب عند كثيرٍ من المدافعين عن الحقوق والحريات عندما قال (لدينا خيارات عديدة بشأن فنزويلا، بما فيها خيار عسكري محتمل إذا لزم الأمر". وقال ايضاً ("الناس هناك يعانون ويموتون".). كانت هذه التصريحات بسبب رفضهم للديكتاتورية المبنية على انتخابات مزورة جرت في فنزويلا. كما أن للإتحاد الأوروبي وبريطانيا نفس الموقف، ونحن في اليمن ما يثير دهشتنا هو التراجع الواضح في الموقف الأمريكي والإصرار الأوروبي الغريب من الحرب في اليمن التي نسعى من خلالها إلى إيجاد أرضيةٍ مشتركةٍ حقيقيةٍ يعيش فيها كل أبناء اليمن دون إقصاء. بمعنى أكثر وضوحاً أن الحرب في اليمن هي من أجل إيجاد سلام دائم وملائم للجميع، أو هكذا نظن نحن ونعتقد ونؤمن. إلا أن هناك أصوات قوية في الغرب خصوصاً أوروبا التي تقف حجر عثرة أمام استكمال تحرير اليمن من قبضة الإنقلاب الذي لا ولن يؤمن بيومٍ من الأيام بالمبادئ الديموقراطية التي تؤمن بها الدول الغربية الداعمة للميليشيا الحوثية وعلى رأسها بريطانيا ويمكن أن هذا السبب بحد ذاته هو السبب الرئيسي لدعمهم للحوثي، من أجل أن يبقى سبباً للتدخل المباشر في الشأن اليمني متى ما أرادوا، كما ان المجتمع الغربي ذاته على اطلاع كبير بالكم المخيف من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان التي يمارسها الحوثيون بحق اليمنيين عموماً.
في الأخير نخلص إلى نتائج مهمة تتلخص في ان الديمقراطية لا يمكن أن تكون هي ذاتها بين المشرق والمغرب، فمن خلال التعامل الغربي مع الملفات العربية عموماً والملف اليمني يتضح جلياً بأن الهدف لم يكن إطلاقاً هو السلام العادل والشامل، بقدر ما يكون فرض رؤى وحلول يمكنها فقط تحقيق مصالح متوسطة وبعيدة المدى للمجتمع الدولي الغربي، لهذا تجدهم يتقاسمون الشام وينظرون بعيونٍ استعمارية إلى كل بقعةٍ في الأرض يمكنها أن تكون جزء من ثرواتهم التي تعزز مكانتهم الاقتصادية والسياسية والعسكرية.
للأسف الملف اليمني مازال في دائرة الصراع الداخلي الداخلي بسبب غياب التوافق الفكري والسياسي والعقائدي وحتى الاجتماعي بين الحوثيين عموماً وبين الشعب اليمني وشرعيته والتي لن تنتهي إلا إذا تخلى أحد الأطراف عما يؤمن به، إما الشعب أن يركن للعبودية والديكتاتورية، أو أن يرضخ الحوثيون للرؤى المتعددة فكرياً وسياسياً وعقائدياً، كما أن الصراع الداخلي الخارجي والخارجي الخارجي القائم في اليمن هو أيضاً يشكل معضلةً أخرى تساهم بشكل ٍ كبير في تأخير حسم الصراع والحرب، لأن الحرب التي يدعم فيها التحالف الشرعية اليمنية بالعدة والعتاد والمقيدة بالمصالح الخارجية الغربية خصوصاً والمواثيق الإنسانية لتي تحولت إلى شماعة فقط لتمرير أجندات معينة تجعل من الحسم العسكري صعب المنال رغم إمكانية حدوثه وبقوة. ما زالت تجارة الأسلحة تلعب دور مخيف في تأجيج الصراع، كما أن المصالح الاقتصادية الدولية تلقي بظلالها على الملف اليمني مما يؤجج الصراع من خلال الوكلاء المحليين الذي يستلمون التوجيه سواء من إيران أو من غيرها.
ما زلنا في دوامة الحلول العقيمة والمفاوضات التي تمضي في الطريق الخاطئ والحرب أيضاً التي تمضي في الطريق الخاطئة التي لن تحقق نصراً بقدر ما تحقق هلاك لليمن كأرض ولليمنيين الذين لم يدرك ترامب والدول الأوروبية الداعمة للحوثيين أنهم ايضاً يموتون جوعاً مثل الفنزويليين كما يموتون ايضاً قتلاً بأسلحة الحوثيين الذين يتحصنون خلف الإصرار الغربي بجعلهم كيان بشري سياسي على أرضٍ ما زالت حتى اللحظة ترفض فكرهم جملة ً وتفصيلا.
اضف تعليقك على المقال