بقلم / نبيل الفقيه
تمر اليمن منذ ان استولت جماعة الحوثي على السلطة في اليمن بجمود وشلل شمل كافة مجالات الحياة السياسية والإقتصادية والإجتماعية، خاصة بعد ان فرضت الجماعة على المجتمع اليمني افكارها الهدامة المستمدة من خرافة الولاية في البطنين، المستمدة من الأفكار الراديكالية التي تؤمن بها جماعة الحوثي والتي تعتمد على العنف لفرض إرادتها على أساس فكري ديني منغلق يرفض الآخر.
لقد إنهارت كل مقومات الدولة في اليمن، وانهارت كل المبادئ والمُثل لصالح ادعياء الولاية، وسقطت كل القيم في مستنقع العفن الإيراني والتردّي والدمار لخرافة الحق الإلهي، وعملت جماعة الحوثي بجميع الوسائل على حوثنة المجتمع اليمني، وفرضت الهيمنة الكاملة على جميع مرافق الدولة ومفاصلها دون إستثناء.
نسج الحوثيين شبكة ولاءات بين القبائل مستغلين حالة العوز المعيشي لرجال القبائل، واستخدم الحوثيين الضغط الاقتصادي كأداة أساسية لفرض إرادتهم على المجتمع، وكنتيجة طبيعية للوضع الإقتصادي المتردي الذي يعيشه اليمن فقد اضطر ملايين الناس إلى موالاة الحوثيين حفاظاً على النذر اليسير من أرزاقهم، وخوفاً على رقابهم، ومن لم يرقه التعايش مع الحوثي فر من البلاد أو إعتكف على نفسه وفضل الإعتزال طلباً للسلامة.
لقد إحتل الحوثيين جميع مرافق وأجهزة الدولة المدنية والعسكرية والأمنية والإستخباراتية من القمة إلى القاعدة، وتم إحلال الهاشميين محل الكفاءات الادارية العليا والوسطية، وسهل الحوثيين تدفق المتحوثين داخل الأجهزة الإدارية، وتم تعيين ما اصطلح على تسميتهم بالمشرفين من المواليين، وتنظيمهم في خلايا سرطانية إستخباراتية تعمل على تسهيل السيطرة الكلية على المرافق العامة وعلى الإندماج الكلي للحوثيين في الدولة، بالإضافة إلى حماية سلطة الحوثيين، فتعطلت القوانين، وتراجعت الحريات، وعجزت الدولة على تقديم الخدمات العامة، وزادت معدلات الفساد، وانتشرت الممارسات المنتهكة لحقوق الإنسان.
وهنا يضع السؤال نفسه، ماذا يجب أن يُعمل في مرحلة التعافي بعد إنتهاء الجائحة الحوثية؟؟
ان ما تحتاجه اليمن بعد إنقشاع الغُمة هو إعتماد منظومة من الإصلاحات العميقة والشاملة التي تلامس كل مناحي الحياة السياسية والإقتصادية والإجتماعية والدينية والعسكرية، إصلاحات تلامس كل مفاصل الحياة التي تضرر منها المواطن اليمني على مدى العقود الثلاثة الإخيرة، وليس فقط إصلاح ما أفسده الحوثيون خلال الست سنوات الماضية، على ان تنطلق تلك الإصلاحات من نقطة محورية مرتكزها تحقيق المواطنة المتساوية التي تذوب فيها الفوارق المذهبية والقبلية والمناطقية والحزبية، مع تأصيل مبداء الشراكة والمشاركة بعيداً عن فكر الإستئصال والتفرد ورفض الآخر.
إن تطبيق مفهوم دولة القانون يجب أن تنطلق من زاوية الولاء لليمن قبل الولاء للأفراد أو للأحزاب أو للقبيلة أو للطوائف الدينية، مع ضرورة الإبتعاد عن التمسك بالهويات الشخصية التي افرزتها مراحل الإستبداد السياسي، والإيمان المطلق بحق كل مواطن يمني في العيش بحرية في الفضاء الذي يختاره هو، و بحقه في السلطة والثروة، كما أن خلق التجانس بين المواطنين وتجريم العنصرية والمذهبية والمناطقية تُعد المدخل الضامن للإندماج الكلي لكل مكونات المجتمع اليمني إعتماداً على منظومة من القيم الوطنية التي يجب فرض تدريسها لكل الأجيال في المدارس والكليات والجامعات بهدف ترسيخ مفاهيم التعايش والقبول بالأخر، و وضع القوانين المُجَرِمة لتصنيف البشر بين سادة وعبيد.
يجب أن نؤمن أن معيار الوصول للسلطة هو البرنامج الإنتخابي الذي يوفر للمواطن الحياة الكريمة الملبية للإحتياجات الضرورية من تعليم وصحة ومواصلات وإتصالات وبنية تحتية تواكب عصر التطور والحداثة، وليس الإدعاء بالحق الإلهي في الحكم، و أن الدفع نحو إنشاء نظام ديمقراطي يقوم على اختيار الحاكم عبر صناديق الإقتراع وفق الأُسُسْ الديمقراطية هو الفيصل فيمن يصل لسدة الحكم، آكان من وصل حوثي أو إصلاحي أو مؤتمري أو أي حزب أو تيار وطني يؤمن بمبدأ الشراكة والمشاركة والتداول السلمي للسلطة، ويضمن الحفاظ على الحرية والعدالة والمساواة بين المواطنين على إختلاف آراءهم ومعتقداتهم.
مع أهمية الإعتماد على الوسائل السياسية السلمية في العمل الوطني، و احترام التعددية السياسية، وترسيخ ثقافة إحترام الرأي والرأي الآخر، و إشاعة روح التسامح والقبول بالآخر في مختلف أوساط المجتمع، وتضييق مساحة التعصب و ترسيخ ثقافة وأدب الإختلاف، وحماية النسيج الإجتماعي من التفكك، وتجريم كل من يسعي إلى إشاعة العنصرية وثقافة الكراهية والعنف في أوساط اليمنيين.
والله الموفق،،،
6أغسطس 2020
اضف تعليقك على المقال